فصل: (فی ذکر أحکام المکلفین فی القبر والموقف والحساب) (وغیر ذلک مما یتعلق بالوعید)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الاقتصاد الهادی الی طریق الرشاد
فصل: (فی الایمان والاحکام)فصل: (فی الکلام فی الوعد والوعید وما یتصل بهما)
أجمعت الامة على عذاب القبر لا یختلفون فیه، وما یحکى عن ضرار بن عمرو من الخلاف فیه لا یعتد به لانه سبقه الاجماع وتأخر عنه وان اختلفوا فی وقت عذاب القبر: فقال جمهور الامة من أصحاب الحدیث أنه حین الدفن، وقال قوم یجوز

أن یکون عند قیام الساعة.
والظواهر لا یمکن الاستدلال بها على ثبوت عذاب القبر، لانها مجملة نحو قوله ربنا أمتنا اثنتین وأحییتنا اثنتین (1) وغیر ذلک، وقد بینا القول فیها فی شرح الجمل.
وأنکر قوم عذاب القبر، فقالوا هو محال، ومنهم من قال هو قبیح.
وقولهما یبطل بحصول الاجماع على ثبوته وانه واقع، وذلک یدل على جوازه وحسنه أیضا، فالمیت اذا أعید حیا جاز أن یعاقب، فلا وجه لاحالته.
فأما من أحاله ربما ظن أنه یعاقب وهو میت، وهذا لا یقوله أحد.
وأما ضیق القبر عن العقاب فانه یجوز أن یوسعه الله تعالى حتى یمکن ذلک، وان کان المتولی لذلک الملائکة فلا یحتاجون إلى سعة موضع.
واذا کان العقاب مستحقا فانه یجوز أن یکون فی تقدیم بعضه مصلحة للمکلفین من البشر والملائکة، فیقدم منه بعضه فی الدنیا کالحدود وبعضه فی القبر، لما فی الاخبار به من المصلحة فی دار التکلیف.
ومتى قال لا حال ینبش فیها المیت الا ویوجد على ما هو علیه، فأما من قال لیس لعذاب القبر وقت لا یلزمه ذلک، ومن قال هو عقیب الدفن یقول لا یمتنع أن لا یعقل اذا أردنا نبش القبر لما فیه من المصلحة.
ومتى قیل: لو عوقب لوجب أن یکون عاقلا قادرا على الکلام فکان یسمع کلامه.
قلنا: کمال العقل لابد منه، فلا یجب أن یکون قادرا على الکلام اما بأن لا یکون فیه قدرة أصلا أو یکون ممنوعا منه.
وأما الملکان النازلان علیه فانما سمیا منکرا ونکیرا اشتقاقا من استنکار المعاقب لفعلهما أو نفوره عنهما، ولیس بمشتق من الانکار.
وأما المحاسبة والمسألة فی الموقف - وان کان الله تعالى عالما بأحوالهم لانه عالم لنفسه - لا یمتنع أن یکون فی تقدیمه غرض، لان بالمحاسبة والمسألة وشهادة الجوارح یظهر الفرق بین أهل الجنة والنار ویتمیز بعضهم من بعض فیسر بذلک

أهل الجنة ویکثر بذلک نفعهم، ویکون لنا فی العلم به مصلحة فی دارا التکلیف.
والاجماع حاصل على المحاسبة والقرآن یشهد به لقوله تعالى وکفى بنا حاسبین (2).
وکذلک شهادة الجوارح ونشر الصحف مجمع علیه، والقرآن شاهد به، لکن المسألة وان کانت عامة فهی على المؤمنین سهلة وعلى الکافرین صعبة، لما فیها من التبکتب والمناقشة.
وأما کیفیة شهادة الجوارح فقال قوم بینها الله تعالى متى یشهد، وقیل ان الله تعالى یفعل فیها الشهادة وأضافها إلى الجوارح مجازا، وکلا الامرین مجاز.
وقیل ان الشاهد هو العاصی نفسه یشهد على نفسه بما فعله ویقربه ویکون ذلک حقیقة، وقیل انه تظهر فیه أمارة تدل على الفرق بین العاصی والمطیع.
وکل ذلک جائز.
فأما المیزان فقال قوم انه عبارة عن العدل والتسویة والقسمة الصحیحة کما یقولون کلام فلان موزون وأفعاله موزونة.
وهذا وجه حسن یلیق بفصاحة الکلام.
وقال قوم: المراد به المیزان والکفتین، وان الاعمال وان لم یصح وزنها والصحف التی فیها هذه الاعمال یصح وزنها.
وقیل: انه یجعل النور فی احدى الکفتین والظلمة فی الاخرى، ویکون لنا فی الاخبار عن ذلک مصلحة فی التکلیف.
وأما الصراط فقد قال قوم انه طریق أهل الجنة والنار، وانه یمهد لاهل الجنة ویتسهل لهم سلوکه ویضیق على أهل النار ویشق علیهم سلوکه.
وقال آخرون المراد به الحجج والادلة المفرقة بین أهل الجنة والنار الممیزة بینهم.
فأما اهل الاخرة فالتکلیف عن جمیعهم زائل مثابین کانوا أو معاقبین، وانما کان کذلک لانهم لو کانوا مکلفین لجاز منهم وقوع التوبة فیسقط عقابهم، وذلک یمنع منه الاجماع.
ویمنع أیضا من استحقاق ثواب أو عقاب لاجماعهم على أنه لیس بدار استحقاق، ولان من شأن الثواب أن یکون خالصا صافیا من أنواع الشوب والکدر، والتکلیف ینافی ذلک، فعلى هذا قوله کلوا واشربوا (3) صورته صورة الامر والمراد به

الاباحة المحضة.
وقال قوم: انه أمر لا یزید فی سرورهم اذا علموا أن الله یرید منهم ذلک، الا أنهم لا یختلفون ان ذلک لیس على وجه التکلیف وانه لا مشقة علیهم فی ذلک.
وأما شکرهم لنعم الله تعالى فما یرجع إلى الاعتقاد فهم مضطرون الیه، لان معارفهم ضروریة فهی خارجة عن التکلیف، وما یرجع إلى اللسان فیجوز ان یکون لاهل الجنة فیه سرور، ومعارف أهل الاخرة ضرورة، وهم ملجأون إلى أن لا یفعلوا

القبیح، ولابد أن یعرفوا الله تعالى، لان المثاب لابد أن یعلم ان الثواب واصل الیه على الوجه الذی یستحقه، ولا یصح ذلک الا مع کمال العقل والمعرفة بالله تعالى وحکمته، لیعلم أن ما فعله به هو الذی استحقه.
والقول فی المعاقب مثله، لان من شرط الثواب أن یصل إلى مستحقه مع الاعظام والاکرام من فاعل الثواب [ لان الاعظام من غیر فاعل الثواب ](4) لا یؤثر فیه، والاعظام لا یعلم الا مع القصد إلى التعظیم، ولا یجوز أن یعلم قصده من لا

یعلمه.
وکذلک القول فی العقاب، ووصوله على سبیل الاستخفاف والاهانة.
ولان المثاب یجب ان یعلم أن ما فعل به یستحقه، ومتى لم یعلم ذلک جوز أن یکون تفضلا فیعتقده فیکون معرضا لجهل، وکذلک لا یتم الا بعد معرفة الله تعالى.
وکذلک أهل النار متى لم یعلموا أن ما یصل الیهم یستحقونه جوزوا أن یکون ظلما، وربما اعتقدوه کذلک، فیکونون معرضون للجهل، وذلک لا یجوز ولقائل أن یقول: العاقل یعلم قبح اعتقاد لا یأمن کونه جهلا فهو اذا لم یعلم الثواب مستحقا أو

العقاب وجب علیه التوقف ولا یقدم.
فاذا وجبت معرفة الله تعالى فلا یخلو أن یعرفه ضرورة، أو یکون عن نظر مختار، [ أو ملجأ إلى فعله، أو تذکر نظر، أو بأن یلجأ الفاعل إلى نفس المعرفة من غیر تقدم نظر ](5).
ولا یجوزأن تکون واقعة عن نظر مبتدأ، لان ذلک تکلیف ومشقة، وقد بینا أنه لیس هناک تکلیف.
ولا یجوز أن یکونوا ملجئین إلى النظر، لان الالجاء إلى النظر مع امکان الالجاء إلى المعرفة عبث، ولان ذلک أیضا فیه مشقة.
وما یمنع من الالجاء إلى نفس المعرفة یمنع من الالجاء إلى سبب المعرفة.
ولا یجوز أن یقع عن تذکر نظر، لان المتذکر یجوز ان یدخل علیه شبهة فیلزمه حلها، وفی ذلک رجوع إلى التکلیف الذی بینا فساده.
ولیس لاحد أن یقول: لا تعترض الشبهات فی الاخرة مع مشاهدة تلک الایات والاحوال، وذلک أن جمیع ذلک لا یمنع من دخول الشبهة وان تکون المعرفة مکتسبة، کما أن من شاهد المعجزات لم یمنع من ذلک فی دار الدنیا.
ولا یجوز أن یقع الالجاء إلى نفس المعرفة، لان الالجاء إلى افعال القلوب التی لا یعلمها الا الله لا یجوز أن تقع الا من الله.
واذا وجب أن یکون الملجأ إلى العلم عارفا بالله فقد استعصى بتقدم المعرفة عن الالجاء الیها.
وقد قیل: ان الالجاء إلى العلم انما یکون بأن یعلم أنه متى خاف اعتقادا غیره منع منه، فاقدامه على الاعتقاد الذی وصفنا حاله لا یکون لاجله الاعتقاد علما، فلم یبق من الاقسام الا أن تکون المعرفة ضروریة.
ولا یجوز أن یکون أهل الاخرة مضطرین إلى أفعالهم على ما حکی عن أبى الهذیل، لان الاضطرار إلى الافعال ینقص من لذتها، لان التخیر فی الافعال أبلغ فی باب اللذة والسرور.
وأیضا فان الترغیب فی الثواب هو على الوجه المألوف وذلک یکون مع التخیر فی الافعال.
واذا ثبت ذلک فی المثاب وجب مثله فی المعاقب، لان أحدا لا یفرق بینهما.
على أن الله تعالى أخبر بأنهم یأکلون ویشربون ویفعلون، فأضاف الفعل الیهم، وذلک یوجب اختیارهم.
وقال وفاکهة مما یتخیرون (6)، وذلک صریح بما قلناه.
فاذا ثبت أنهم مخیرون ولم یجز أن یکونوا مکلفین لما مضى فیهم، فهم ملجأون إلى ترک القبیح، بأن یخلق الله فیهم العلم بأنهم متى راموا القبیح منعوا منه.
ویمکن أن یقع الالجاء بأن یعلمهم الله بأنهم مستغنون بالحسن عن القبیح فلا یکون لهم داع له إلى فعل القبیح ملجأ، وذلک ان الالجاء لا یجوز الا على من یجوز علیه المنافع والمضار، واذا لم یجز على القدیم لم یصح فیه معنى الالجاء.
-----------------------------------------------------------------------------
(1) سورة غافر: 11.
(2) سورة الانبیاء: 47.
(3) سورة البقرة: 60.
(4) الزیادة من ر.
(5) الزیادة لیست فی ر.
(6) سورة الواقعة: 20.
فصل: (فی الایمان والاحکام)فصل: (فی الکلام فی الوعد والوعید وما یتصل بهما)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma