وهی أن نقول: اذا بینا أقسام المولى کلها وأفسدناها عدا الاول دل على أنه المراد والا بطلت فائدة الخبر وذلک لا یجوز.
من أقسامه المعتق والمعتق والحلیف والجار والصهر والامام والخلف، وهذا کله معلوم بطلانه، فلا یحتاج إلى افساده.
ومن أقسامه ابن العم، ولا یجوز أن یکون ذلک مرادا، لانه معلوم ضرورة أنه ابن عمه ولا فائدة فی ذلک.
ومن أقسامه الموالاة فی الدین، ولا یجوز أن یکون ذلک مرادا، لانه لیس فیه تخصیص له، لانها واجبة لجمیع المؤمنین بالاجماع وبقوله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولیاء بعض (1).
ومن أقسامه ولاء العتق، فلا یجوز أن یکون مرادا، لان ذلک معلوم من دینه، وکان قبل الشرع أیضا معلوما أن ولاء العتق یستحقه ابن العم، وبذلک ورد الشرع.
ولا یلیق ذلک لمثل ذلک الوقت والمکان، وقول عمر بخ بخ یا علی أصبحت مولای ومولى کل مؤمن ومؤمنة ولا یلیق شئ من ذلک.
ولیس لاحد أن یقول: احملوه على الموالاة ظاهرا وباطنا.
وذلک أن هذا لیس بمستعمل فی اللغة ولا یفهم من کلامهم، ولا یجوز أن یحمل اللفظ على مالم یوضع له فی اللغة.
ومتى قیل: یحمل على ذلک، لانه أثبت الموالاة کما أثبتها لنفسه.
قیل: انما وجب الموالاة للنبى علیه السلام ظاهرا وباطنا من حیث کان نبیا، واذا کانت النبوة مرتفعة عنه لم تجب الموالاة له باطنا.
على أنه انما یجب حمله على ما قالوه اذا لم یمکن حمله على ما تقتضیه اللغة، وقد بینا انه اذا حمل على أنه مفترض الطاعة وأولى بتدبیر الامة کان محمولا على ما تشهد له اللغة ولا یحتاج إلى هذا التمحل.
فاذا فسدت الاقسام کلها لم یبق الا أنه أراد فرض الطاعة والاستحقاق للامامة.
وقد قیل: انه اذا کان من أقسامه فرض الطاعة والاولى بتدبیر الامة وجب حمل ذلک على جمیعه الا ما أخرجه الدلیل.
وأیضا فقد روی عن جماعة من الصحابة أنهم فهموا من الخبر فرض الطاعة والامامة، منها قول عمر الذی قدمناه وذلک لا یلیق الا بما قلناه، ومنها قول حسان بن ثابت:
ینادیهم یوم الغدیر نبیهم *** بخم وأسمع بالرسول منادیا
یقول ومن مولاکم وولیکم *** فقالوا ولم یبدوا هناک التعادیا
الهک مولانا وأنت ولینا *** ولن تجدن منا لک الیوم عاصیا
فقال له قم یا علی فاننی *** رضیتک من بعدی اماما وهادیا
فمن کنت مولاه فهذا ولیه *** فکونوا له أنصار صدق موالیا
هناک دعا اللهم وال ولیه *** وکن للذی عادى علیا معادیا
وقال قیس بن سعد بن عبادة:
قلت لما بغى العدو علینا *** حسبنا ربنا ونعم الوکیل
حسبنا ربنا الذی فتح البصرة *** بالامس والحدیث طویل
وعلی امامنا وامام نسوا *** ننا أتى به التنزیل
یوم قال النبى من کنت مولاه *** فهذا مولاه خطب جلیل
وقول حسان کان بمرأى من النبی صلى الله علیه وآله ومستمع منه، فلو لم یرد به الامامة لانکر علیه وقال له غلطت ما أردت ذلک وأردت به کیت وکیت، فلما لم ینکر ذلک دل على ما قلناه.
واستقصاء الکلام على هذا الخبر ذکرناه فی کتاب تلخیص الشافی وشرح الجمل وغیر ذلک، فلا نطول به ههنا.
--------------------------------------------------------------
(1) سورة التوبة: 17.