فصل: (فی اثبات صانع العالم وبیان صفاته)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الاقتصاد الهادی الی طریق الرشاد
فصل: (فی کیفیة استحقاقه لهذه الصفات)فصل: (فی ذکر بیان ما یؤدى النظر فیه إلى معرفة الله تعالى)
اذا ثبت حدوث الاجسام بما قدمنا، فالذی یدل على أن لها محدثا هو ما ثبت فی الشاهد من أن الکتاب لابد لها من کاتب والبناء لابد له من بان والنساجة لابد لها من ناسج وغیر ذلک من الصنائع.
وانما وجب ذلک فیها لحدوثها، فیجب أن تکون الاجسام اذا شارکتها فی الحدوث أن تکون محتاجة إلى محدث.
فان قیل: کیف تدعون العلم بذلک وههنا من یخالف فی ذلک ویقول الکتابة لا تعلق لها بالکاتب ولا البناء بالبانی ولا غیر ذلک من الصنائع، وهو الاشعری وأصحابه، لان عندهم أن هذه الصنائع لا کسب للعبد فیها وانما هی من فعل الله وحده.
قلنا: الاشعری لم یدفع حاجة البناء إلى بان ولا الکتابة إلى کاتب، وانما قال فاعلها هو الله تعالى دون العبد.
ونحن لم ندع العلم بحاجة هذه الافعال إلى فاعل معین بل ادعینا حاجتها إلى صانع ما فی الجملة.
ثم هل هو القدیم أو الواحد منا؟ موقوف على الدلیل، ودلیله هو أنه یجب وقوع هذه الافعال بحسب دواعینا وأفعالنا ویجب انتفاؤها بحسب صوارفنا وکراهتنا، فلو کانت متعلقة بغیرنا لما وجب ذلک، کما لا یجب ذلک فی طولنا وقصرنا وخلقنا وهیأتنا لم لما تکن متعلقة بنا، فالوجوب الذی اعتبرناه یبطل تعلقها بغیرنا.
فان قیل: ما أنکرتم أن یکون ذلک [ بالعادة دون أن یکون ] (1) واجبا.
قلنا: ذلک فاسد من وجهین: أحدهما: ان ذلک یبطل الفرق بین الواجب والمعتادة، فیؤدی إلى أنه لا فرق بینهما، وان یقول قائل انتفاء السواد بالبیاض بالعادة وحاجة العلم إلى الحیاة بالعادة وغیر ذلک من الواجبات، فبأی شئ فرقوا بینهما فهو فرقنا بین أن یکون ذلک واجبا أو معتادا.
الثانی: أنه لو کان ذلک بالعادة لوجب أن یکون من لا یعرف العادات ولا نشأ بین أهلها أن یجوز أن تبنى دار من قبل نفسها أو تنکتب کتابة طویلة بلا کاتب أو أن تنسج نساجة عجیبة من غیر ناسج وغیر ذلک.
والمعلوم خلاف ذلک، لانه لا یجوز مثل ذلک الا مؤف العقل فاسد التصور.
فان قیل: لو خلق الله تعالى عاقلا ابتداء‌ا، فشاهد قصرا مبنیا وکتابة هل کان یعلم أن لها بانیا وکاتبا أم لا، فان قلتم یعلم قلنا وأی طریق له إلى ذلک، وان قلتم لا یعلم بذلک فقد بطل ادعاؤکم العلم.
قلنا: من خلقه الله وحده ابتداء‌ا وشاهد الکتابة أو القصر فهو لا یعلمهما محدثین متجددین [ فلذلک لا یعلم لهما بانیا وکاتبا، فیحتاج أن یتأمل حالهما حتى یعلمهما محدثین متجددین ] (2)، فاذا علمهما متجددة الوجود علم تعلقهما بفاعل.
ونظیر ذلک أن من شاهد الاجسام قبل النظر فی حدوثها، فانه لا یعلم أن لها محدثا، فاذا تأمل وعلم حدوثها علم عند ذلک ان لها محدثا.
وانما قلنا ان علة حاجة هذه الحوادث الینا حدوثها لا غیر لامرین: أحدهما: أن الذی یتجدد عند دواعینا حدوث هذه الصنائع وینتفى عند صوارفنا حدوثها أیضا، فعلمنا أن علة حاجتها الینا حدوثها.
والثانی: أن هذه الاشیاء لها ثلاثة أحوال: حال عدم، وحال حدوث، وحال بقاء.
فهی لا تحتاج الینا فی حال عدمها، لکونها معدومة فی الازل، وهی تستغنی عنی فی حال بقائها، وانما تتعلق بنا وتحتاج الینا فی حال حدوثها، فعلمنا بذلک أن علة حاجتها الینا الحدوث، فعند ذلک نحکم بحاجة الاجسام، اذا ثبت حاجة حدوثها إلى محدث للاشتراک فی علة الحاجة.
وهذه الجملة کافیة فی هذا الباب، فان استیفاء ذلک ذکرناه فی شرح الجمل، وفی هذا القدر کفایة انشاء الله تعالى.
وأما ما یجب أن یکون علیه من الصفات: فأول ذلک أنه یجب أن یکون قادرا، لان الفعل لا یصح أن یصدر الا من قادر.
ألا ترى أنا نجد فرقا بین من یصح منه الفعل وبین من یتعذر علیه ذلک، فلابد من أن یکون من صح منه الفعل مختصا بأمر لیس علیه من تعذر علیه ذلک والا تساویا فی الصحة أو التعذر [ وقد علمنا خلافه ](2).
وأهل اللغة من اختص بهذه المفارقة یسمونه قادرا، فأثبتت المفارقة لمقتضى العقل والتسمیة لاجل اللغة، فاذا کان صانع العالم صح منه الفعل وجب أن یکون قادرا.
على أنا دللنا على أن أفعالنا محتاجة الینا دال على حاجتها إلى من له صفة المختارین، فاسنادها إلى من لیس له صفة المختارین فی البطلان کبطلان اسنادها إلى مؤثر، وکلاهما فاسدان.
على أن صانع العالم لا یخلو من أن یکون قادرا مختارا أو موجبا هو علة أو سبب، ولا یجوز أن یکون علة ولا سببا، لانهما لا یخلو من أن یکونا قدیمین أو محدثین، فلو کانا محدثین لاحتاجا إلى علة أخرى أو سبب آخر، وذلک یؤدی إلى مالا نهایة له من العلل والاسباب، وان کانا قدیمین وجب أن یکون العالم قدیما، لان العلة توجب معلولها فی الحال والسبب یوجب المسبب اما فی الحال أو الثانی، وکلاهما یوجبان قدم الاجسام وقد دللنا على حدوثها، فبطل بذلک أن یکون صانع العالم موجبا ولم یبق بعد ذلک الا أن یکون مختارا له صفة القادرین.
واذا ثبت کونه قادرا وجب أن یکون حیا موجودا، لان من المعلوم أن القادر لا یکون الا کذلک، فثبت أنه تعالى قادر حی موجود.
وأما الذی یدل على أنه عالم هو أن الاحکام ظاهر فی أفعاله کخلق الانسان وغیره من الحیوان، لان فیه من بدیع الصنعة ومنافع الاعضاء وتعدیل الامزجة وترکیبها على وجه یصح معه أن یکون حیا لا یقدر علیه الا من هو عالم بما یرید فعله، لانه لو لم یکن عالما لما وقع على هذا الوجه من الاحکام والنظام ولاختلف فی بعض الاحوال، ولما کان ذلک واقعا على حد واحد ونظام واحد واتساق واحد دل على أن صانعه عالم.
وکذلک خلقه الثمار فی أوقات مخصوصة لا تختلف وفی کل شجر ما هو من جنسه وفی کل حیوان من شکله دال على أن خالق ذلک عالم، والا لکان یجوز أن یخلق الفواکه الصیفیة فی الشتاء والشتویة فی الصیف، ویخلق فی البهیمة من جنس ابن آدم أو فی ابن آدم من جنس البهائم، أو یخلق فی النخل نبقا وفی الرمان تفاحا وغیر ذلک.
وفی علمنا بالمطابقة فی هذا الباب دلیل على أن صانعها عالم بما صنعه.
ألا ترى أن فی المشاهد لا تقع الکتابة الا ممن هو عالم بها، ولا النساجة الا ممن هو عالم بترتیبها وکیفیة ایقاعها، وغیره وان کان أقدر منه یتعذر علیه مثله لفقد علمه، والضعیف القلیل القدر یصح منه ذلک لعلمه بکیفیة ایقاعه.
واذا کان القدر الیسیر من أفعالنا المحکمة لا تقع الا من عالم، فألا تقع الافعال التی أشرنا الیها الزائدة على احکام کل محکم أولى وأحرى، فثبت بذلک أن صانع العالم عالم.
ولا یجوز أن یکون بصفة الظانین ولا المعتقدین، [ لان الصنائع المحکمة تحتاج إلى من له صفة العالمین دون الظانین المعتقدین ] (3)، لانها تحتاج إلى أمر یلزم کمال العقل ولا یخرج عنه من ثبوت عقله، والظن والاعتقاد الذی لیس بعلم لا یوجب لزومه لکمال العقل.
فوجب من ذلک أن یکون صانع العالم عالما دون أن یکون ظانا أو معتقدا.
ویجب أیضا أن یکون مدرکا للمدرکات سمیعا بصیرا، لان الحی الذی لا آفة به متى وجدت المدرکات وارتفعت الموانع واللبس وجب أن یکون مدرکا لها.
ألا ترى أن من کانت حواسه صحیحة ووجدت المرئیات وارتفعت الموانع واللبس وجب أن یکون رائیا لها، وکذلک اذا وجدت الاصوات وسمعه صحیح وجب أن یدرکها ویفصل بین حاله وهو مدرک لها وبین أن لا یدرکها.
وهذا الفرق لا یستند إلى کونه حیا، لانه کان حیا قبل ذلک ولم یجد نفسه کذلک ولا إلى کونه عالما لانه یکون عالما بها قبل ادراکها (4) ولا یجد نفسه على هذه الحال.
ألا ترى أن الانسان یعلم الصوت بعد تقضیه ویعلمه أیضا قبل وجوده ولا یجد نفسه على مایجد علیه اذا أدرکه، وکذلک المتألم یدرک الالام وان لم یعلمها.
فثبت بذلک أن الادراک غیر العلم والحیاة.
واذا کان القدیم تعالى حیا والآفات والموانع لا تجوز علیه لانه لیس یرى بحاسة ووجدت المدرکات وجب أن یکون مدرکا لها.
ولیس لواحد أن یقول: ان الواحد منا یدرک بمعنى هو ادراک، والمعنى ولا یجوز علیه تعالى، وذلک أن الادراک لیس بمعنى، وانما الواحد منا یدرک لکونه حیا، بدلالة أنه لو کان معنى لجا زأن یکون حیا وحواسه صحیحة والموانع مرتفعة واللبس زائل ولو وجد المدرکات فلا یدرکها بأن لا یفعل فیه الادراک، وذلک یؤدی إلى السفسطة والشک فی المشاهدات وأن لا یثق بشئ من المدرکات، وما أدى إلى ذلک یجب أن یکون باطلا.
ویجب أیضا أن یکون سمیعا بصیرا، لانه حی لا آفة به.
وفائدة السمیع البصیر أنه على صفة یجب معها أن یسمع المسموعات ویبصر المبصرات، وذلک یرجع إلى کونه حیا لا آفة به.
وعلى هذا یوصف تعالى بذلک فی الازل ولو کان له بکونه سمیعا بصیرا صفة زائدة على ما قلناه لجاز أن یکون الواحد منا حیا لا آفة به ولا یوصف بأنه سمیع بصیر، والمعلوم خلاف ذلک.
وأما سامع مبصر فمعناه أنه مدرک للمسموعات والمبصرات، وذلک یقتضی وجود المسموعات والمبصرات، ولذلک لا یوصف بهما فی الازل.
وأما شام وذائق فلیس المراد بهما کونه مدرکا، بل المستفاد بالشام أنه قرب الجسم المشموم إلى حاسة شمه، والذائق أنه قرب الجسم المذوق إلى حاسة ذوقه.
ولذلک یقولون شممته فلم أجد له رائحة، وذقته فلم أجد له طعما ولا یقولون أدرکته فلم أدرکه لانه مناقضة، وجرى مجرى قوله أصغیت الیه فلم أسمعه، فهاتان یکون؟ سبب الادراک على وجه دون أن یکون نفس الادراک.
ویجب أیضا أن یکون تعالى مریدا وکارها، لانه ثبت أنه آمر وناه ومخبر والامر لا یقع الا ممن هو مرید للمأمور به، والنهی لا یقع نهیا الا مع کراهیة المنهی عنه، والخبر لا یقع خبرا الا بارادة کونه خبرا.
بدلالة أن هذه الصیغ کلها توجد فیما لیس بأمر ولا نهی ولا خبر.
ألا ترى أن قوله تعالى واستفزز من استطعت منهم بصوتک (5) وقوله تعالى اعملوا ما شئتم(6) بصورة لامر والمراد به التهدید، وقوله تعالى فأتوا بسورة من مثله (7) صورته صورة الامر والمراد به التحدی، وقوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا (8) المراد به الاباحة.
ونظائر ذلک کثیرة جدا، فلا یمکن مع ذلک أن یکون آمرا لجنسه ولا لصیغته ولا لحدوثه، لان جمیع ذلک یوجد فیما لیس بأمر، فلم یبق الا أنه یکون آمرا لارادة المأمور به.
والکلام فی النهی والخبر مثل ذلک.
وأیضا فقد ثبت أنه تعالى خلق الخلق ولا بد أن یکون له فیه غرض، لانه ان لم یکن له فیه غرض کان عبثا، وذلک لا یجوز علیه.
ولا یجوز أن یکون خلقهم لنفع نفسه، لان ذلک لا یجوز علیه، لانا سنبین استحالة المنافع علیه.
فلم یبق الا أنه خلق الخلق لمنافعهم، ومعناه أنه أراد نفعهم بذلک، فثبت بذلک أنه مرید.
ویجب أن یکون تعالى قدیما موجودا فی الازل، لانه لو کان محدثا لاحتاج إلى محدث، والکلام فی محدثه کالکلام فیه، فکان یؤدی إلى محدثین ومحدثی المحدثین إلى مالا نهایة له، وذلک فاسد.
وأیضا فانه فاعل الاجسام والاعراض المخصوصة من الالوان والطعوم وغیرهما، والمحدث لا یصح منه فعل الجسم ولا هذه الاعراض المخصوصة، فوجب أن یکون من صحت فیه قدیما.
وانما کان کذلک لان المحدث لا یکون قادرا الا بقدرة، والقدرة لا یصح بها فعل الاجسام.
وانما قلنا ان المحدث لا یصح أن یکون قادرا لنفسه لانه لو جاز أن یکون الجسم قادرا لنفسه لوجب أن تکون الاجسام کلها قادرة لنفسها لانها متماثلة، والمعلوم خلاف ذلک.
وانما قلنا ان القدرة لا یقع بها فعل جسم لانا لو اجتهدنا کل الجهد أن نوجد جسما أو جوهرا لتعذر ذلک، ولا وجه لتعذره الا أنه غیر مقدور لنا وبذلک نفصل بین ما هو مقدور لنا وبین مالیس بمقدور لنا.
فبان بذلک أن من صح منه الجسم لا یکون الا قدیما ولا یکون محدثا. وهو تعالى متکلم.
والطریق الذی یعلم کونه متکلما السمع، لان العقل لا یدل علیه، وانما یدل على أنه قادر على الکلام، لانه جنس من الافعال وهو قادر على جمیع الاجناس.
وقد أجمع المتکلمون على أنه تعالى متکلم لا خلاف بینهم، واجماعهم حجة.
ومعلوم أیضا من دین النبی علیه السلام أنه تعالى متکلم، وان هذا القرآن کلام الله تعالى.
فان قیل: السمع مستند إلى قول النبی علیه السلام، والنبی بأی شئ یعلم أنه متکلم؟ فان قلتم بسمع آخر أدى إلى مالا نهایة له من المستمعین، أو ینتهى إلى مسمع علم عقلا أنه متکلم، والا فما الجواب؟ قیل: لا یمتنع أن یعلم النبی کونه متکلما بکلام یسمعه یتضمن بأنه کلام الله، ویقترن بذلک علم معجز، فیقطع على ذلک أنه کلامه وأنه متکلم.
ویمکن أیضا أن یخلق الله تعالى فیه العلم الضروری بأنه لیس بکلام أحد من المخلوقین وقد تقرر فی عقله أن المحدث لابد أن یکون له محدث، فیعلم عند ذلک أنه کلامه القدیم، لانه لا واسطة بین القدیم والمحدث، واذا بطل انه کلام محدث ثبت أنه کلام قدیم.
--------------------------------------------------------------------
(1) الزیادة لیست فی ر.
(2) الزیادة من ر.
(3) الزیادة لیست فی ر.
(4) أضاف فی ر هنا وبعد انقضائها .
(5) سورة الاسراء: 64.
(6) سورة فصلت: 40 و
(7) سورة البقرة: 23.
(8) سورة المائدة: 2.
فصل: (فی کیفیة استحقاقه لهذه الصفات)فصل: (فی ذکر بیان ما یؤدى النظر فیه إلى معرفة الله تعالى)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma