وصیّة الإمام (علیه السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثانیالقسم الثالث

بیّن الإمام (علیه السلام) فی القسم من الخطبة وصیّته وقد صبّ الإمام (علیه السلام) فیها عصارة روحه وفکره فی تلک اللحظة الحساسة والصعبة التی یوشک فیها على الرحیل فقال:«أَمَّا وَصِیَّتِی: فَاللّهَ لاَ تُشْرِکُوا بِهِ شَیْئاً، وَمُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ، فَلاَ تُضَیِّعُوا سُنَّتَهُ. أَقِیمُوا هذَیْنِ الْعَمُودَیْنِ، وَأَوْقِدُوا هذَیْنِ الْمِصْبَاحَیْنِ، وَخَلاَکُمْ ذَمٌّ(1) مَا لَمْ تَشْرُدُوا».

والمراد بالشرک هنا المعنى الواسع للکلمة والذی یشمل الشرک فی الذات والصفات وکذلک الشرک فی الأفعال، وبعبارة أخرى، کل میل لما سوى الله سبحانه سواء فی العقیدة أو العمل، وکذلک اُرید بالسنّة معناها الواسع الذی یشمل جمیع البرامج العبادیة والأخلاقیة والسیاسیة والاجتماعیة، والواقع هو أنّ العبارتین قد تضمنتا جمیع أسباب سعادة الإنسان، فالإنسان لم یتعلق بما سوى الله ولا یطلب غیر رضاه ولم یحکم هو نفسه وطبّق کافة تعالیم النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) على کافة الأصعدة والمجالات فهو الإنسان سعید وموفق، ومن هنا شبّه الإمام هذین الاثنین بعمودی الخیمة إن اُقیما فانّ الخیمة ملاذ آمن من الحرارة والبرودة وواقیة من أغلب المخاطر، کما شبّهها بمصباحین على جانبی الإنسان وهما یضیئان الفضاء والطریق، ومن البدیهی ألا یبقى مجالاً للظلالة مع وجود هذین المصباحین المضیئین.

ولذلک قال الإمام (علیه السلام) فی مواصلته لکلامه، إعملوا بهذه الوصایا وخلاکم ذم، وسوف لن یکون هناک من خلل ونقص فی دینکم وإیمانکم وحیاتکم، ولکنه یشترط ذلک بمواصلة الطریق دون الانحراف، والالتزام بمسار التوحید والعمل بالسنّة، والواقع هو أنّ جمیع أصول الإسلام وفروعه قد جمعت فی هذه العبارة: فالتوحید یشمل کافة الاُصول العقائدیة وحفظ سنة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) یشمل جمیع التعالیم العلمیة والأخلاقیة، وإن قال (علیه السلام) أقیموا هذین العمودین وخلاکم ذم، للدلیل السابق، ولما کان إقامة التوحید وسنّة النبی (صلى الله علیه وآله) فی جمیع الأبعاد لیس میسراً للجمیع وذلک لعدم تساوی القدرات الفکریة والجسمیة، فقد قال (علیه السلام): «حُمِّلَ کُلُّ امْرِىً مِنْکُمْ مَجْهُودَهُ، وَخُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ»، وهو ذات الأمر الذی اُشیر إلیه کراراً فی الآیات الروایات.

فقد قال القرآن الکریم: (لاَ یُکَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا...)(2)، وقال فی موضع آخر: (لاَ یُکَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا...)(3).

وجاء فی الحدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «یُغَفرُ لِلجَاهِلِ سَبعُونَ ذَنباً قَبلَ أَنْ یُغفَرَ لِلعَالِمِ ذَنبٌ وَاحدٌ»(4). کما ورد عن الإمام الباقر (علیه السلام): «إِنّما یُداقُ العِبادُ فِی الحِسابِ یَومَ القِیامَةِ عَلَى قَدَرِ مَا آتَاهُم مِنَ العُقُولِ فِی الدُّنیا»(5)، والواقع أنّ هذا هو مقتضى العدالة فی أن تؤخذ القدرات الفکریة والجسمیة للأفراد بنظر الاعتبار فی تفویض المسؤولیات والحساب على المخالفات، ومن هنا قال الإمام (علیه السلام): «رَبٌّ رَحِیمٌ، وَدِینٌ قَوِیمٌ، وَإِمَامٌ عَلِیمٌ».

والواقع هو أنّ کافة أسباب السعادة فی ظل هذه الثلاث، فالله سبحانه رحیم قد فتح کافة أبواب السعادة بوجه الإنسان والدین الذی أتى به نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) یتمتع برسوخ لا مثیل له، والإمام (علیه السلام) الذی نصب لإجراء أحکام الدین عادل من جمیع الجوانب یمکن أن تکون کلمة الإمام هنا إلى شخص النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) أو علی (علیه السلام) أو جمیع أئمة الإسلام من النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)حتى آخر الأئمة الإمام المهدی (سلام الله علیهم أجمعین)، ومن الطبیعی أنّ مثل هذا الرب والدین والإمام لا یکلّف الإنسان سوى على قدر وسعه.

ثم أشار الإمام (علیه السلام) فی الختام إلى نقطة مهمّة لیکمل بها القسم الأول والثانی فقال: «أَنَا بِالاَْمْسِ صَاحِبُکُمْ، وَأَنَا الْیَوْمَ عِبْرَةٌ لَکُمْ، وَغَداً مُفَارِقُکُمْ! غَفَرَ اللّهُ لِی وَلَکُمْ!»، إشارة إلى أنّکم إن جعلتم هذه الأیام الثلاث مع بعضها لعلمتکم مطالب کثیرة، فبالأمس کنت مثلکم، بل زعیمکم وقائدکم حیث صرعت الکثیر من على شاکلة عمرو بن عبد ود، لقد فتحت خیبر وقلعت بابها، ودافعت عن رسول لله (صلى الله علیه وآله) فی میادین القتال حین تظافرت علینا الأعداء، وکنت أجندل الأبطال فی الجمل وصفین والنهروان، لکننی الیوم لکم عبرة بعد أن رقدت على فراش الموت، وغذاً أنا مفارقکم،، سوف ترون مکانی خالیاً، أو لیست هذه الأیام الثلاث تکفیکم عبرة لتکشف عن وضع الدنیا وتفاهتها؟ حقاً لم یسمع کلام أبلغ من هذا الکلام وبهذا الاختصار والعمق فی المعنى.

أمّا بشأن المراد من العبارة «وَغَداً مُفَارِقُکُمْ...»، هل هو الإخبار عن شهادته فی ذلک الوقت أم الإخبار عن مستقبل بعید والذی ورد التعبیر عنه فی العبارات المتداولة بقولهم غداً؟ یبدو هنالک خلافاً بین شرّاح نهج البلاغة، ولکن ما یفهم من القرآن المختلفة وسائر کلمات الإمام(علیه السلام) فی تلک الحادثة الألیمة وقبلها أنّ المراد الخبرالقطعی عن المستقبل القریب، ولا یتنافی ذلک مع العبارة: «إن تَثبُتِ الوطَأةُ...»، لأنّ مثل هذه التعبیرات تهدف إلى بیان مقاصد خاصة واعتیادیة، کما ورد فی القرآن الکریم: (أَفَإِیْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِکُمْ...)(6). والحال یعلم الله سبحانه أنّ نبیّه (صلى الله علیه وآله) لا یقتل، فهدف الإمام (علیه السلام) هنا بیان هذا المطلب، أنّی لو بقیت لعفوت عن ضاربی.


1. «خلاکم الذم»: مثل بین العرب مفهومه لیس هناک من ذم لکم لأنّکم تقومون بوظیفتکم، وقیل أنّ أول من قال هذه العبارة (قصیر بن سعد) غلام (خزیمة) (أحد ملوک العرب) والذی قتل على ید الزباء، فقال قصیر لابن شقشقة الملک خذ بثأر حزیمة، فقال: أنّی لی به وإنّه لأسرع من العقاب، فقال له قصیر: (اطلب وخلاک ذم)، (شرح نهج البلاغة للبیهقی من علماء القرن السادس، ص239 ذیل الخطبة التی نبحثها).
2. سورة البقرة / 286.
3. سورة الطلاق / 7.
4. اصول الکافی 1/47، ح1.
5. المصدر السابق /11.
6. سورة آل عمران / 144.

 

القسم الثانیالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma