«فَاعْلَمُوا ـ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ـ بِأَنَّکُمْ تَارِکُوهَا وَظَاعِنُونَ عَنْهَا. وَاتَّعِظُوا فِیهَا بِالَّذِیْنَ قَالُوا: «مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً». حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ فَلا یُدْعَوْنَ رُکْبَاناً، وَأُنْزِلُوا الاَْجْدَاثَ فَلاَ یُدْعَوْنَ ضِیفَاناً. وَجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِیحِ أَجْنَانٌ، وَمِنْ التُّرَابِ أَکْفَانٌ، وَمِنْ الرُّفَاتِ جِیرانٌ، فَهُمْ جِیرَةٌ لاَ یُجِیبُونَ دَاعِیاً، وَلاَ یَمْنَعُونَ ضَیْماً، وَلاَ یُبَالُونَ مَنْدَبَةً. إِنْ جِیدُوا لَمْ یَفْرَحُوا، وَإِنْ قُحِطُوا لَمْ یَقْنَطُوا. جَمِیعٌ وَهُمْ آحَادٌ، وَجِیرَةٌ وَهُمْ أَبْعَادٌ. مُتَدَنُونَ لاَ یَتَزَاوَرُونَ، وَقَرِیبُونَ لاَ یَتَقَارَبُونَ. حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ. وَجُهَلاَءُ قَدْ مَاتَت أَحْقَادُهُمْ، لاَ یُخْشَى فَجْعُهُمْ، وَلاَ یُرْجَى دَفْعُهُمْ، اِسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الاَْرْضِ بَطْنَاً، وَبِالسَّعَةِ ضِیقاً، وَبِالاَْهْلِ غُرْبَةً، وَبِالنُّورِ ظُلْمَةً. فَجَاءُوهَا کَمَا فَارَقُوهَا، حُفَاةً عُرَاةً، قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَیَاةِ الدَّائِمَةِ وَالدَّارِ الْبَاقیَةِ، کَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: «کَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُعِیدُهُ وَعْداً عَلَیْنَا إِنَّا کُنَّا فَاعِلِینَ»».