تحدثت هذه الخطبة بصورة عامّة ـ کما ورد فی عنوانهاـ عن ذمّ الدنیا، الدنیا التی تغرق الإنسان فی لذاتها وزخارفها الزائلة اللامشروعة، ومتعها الرخیصة، بحیث یتناسى الله والخلق ومصیره وعاقبته، الدنیا التی تغیب فیها معانی القیم والمثل ولا یعد فیها من مفهوم للحلال والحرام والظلم والعدل.
والخطبة التی نحن بصددها على أقسام:
القسم الأول: فیها یتعرض إلى خداع الدنیا وغرورها وزبرجها وظاهرها الأجوف الذی لا باطن له.
القسم الثانی: فیتناول تقلب أحوال الدنیا وعدم ثباتها، إلى جانب الحدیث عن النعم التی قد تتبدل نقماً والنجاحات التی تتحول فشلاً.
القسم الثالث: خاض (علیه السلام) فی بیان فناء الدنیا وزوالها، حیث تضمّن عبارات رائعة مؤثرة تکشف النقاب عن حقیقة هذا الأمر.
القسم الرابع: فکأنّه یأخذ بید الناس ویغوص بهم فی أعماق تاریخ الماضیین، والعاقبة المریرة التی طالت الأقوام من ذات القوّة والسطوة لتهز عروشهم وتحیلهم أجساداً خاویة قبرت تحت التراب.
وأخیراً القسم الخامس: الذی تطرق إلى الموت والأموات الذین عاشوا دهراً بیننا بذلک النشاط والحیویة وقد ذاع صیتهم لیعمّ الأرجاء، والحال قد ذهبت تلک الحیویة أدراج الریاح وتبدل ذلک النشاط إلى خمول وضمور بعد أن أتاهم الموت وأحال أجسادهم تراباً.
هذا وقد أورد الإمام(علیه السلام) هذه الخطبة بعبارات لطیفة بالغة التأثر شأنها إیقاظ أسوأ الأفراد الذین یغطّون فی سبات الغفلة ونفث النور والأمل فی أوراحهم المظلمة البائسة.