تفید بعض القرائن أنّ هذه الخطبة جزء من خطبة مفصلة طویلة، وهى تهدف فی الواقع إلى بیان هذه الحقیقة التی تکمن فی عجز البشریة عن إدراک کنه الذات وصفات الله سبحانه وتعالى، وذلک لأنّ الإنسان إن عجز عن معرفة ملک الموت وصفاته وطبیعة أعماله، فکیف یتوقع أن یقف على کنه الذات والصفات للخالق سبحانه کما هى علیه.
والذی یفهم من کتاب «تمام نهج البلاغة» أنّ هذه الخطبة هى جرء من الخطبة المعروفة بالأشباح والتی أوردها الإمام علی (علیه السلام) بشأن عجز الإنسان عن إدراک کنه الذات والصفات الإلهیّة، والحق إنّ عبارة هذه الخطبة تنسجم تماماً وعبارات خطبة الأشباح، فاذا ما وضعت الخطبتان مع بعضهما لتوصلنا إلى أنّ الخطبة التی بین أیدینا هى جزء من تلک الخطبة(1).
«هَلْ تُحِسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلاً؟، أَمْ هَلْ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّى أَحَداً؟ بَلْ کَیْفَ یَتَوَفَّى الْجَنِیْنَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ. أَیَلِجُ عَلَیْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا؟ أَمِ الرُّوحُ أَجابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا، أَمْ هُوَ سَاکِنٌ مَعَهُ فی أَحْشَائِهَا؟ کَیْفَ یَصِفُ إِلهَهُ مَنْ یَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوق مِثْلِهِ!».