أکد الإمام (علیه السلام) فی هذا القسم من الخطبة تلک المبادىء التی أوردها فی القسم السابق وقد حذر کافة العباد من تتبع عیوب الآخرین وغیبتهم، ثم تابع هذا الأمر من خلال الأدلة المنطقیة فقال (علیه السلام): «یَا عَبْدَاللّهِ، لاَ تَعْجَلْ فِی عَیْبِ أَحَد بِذَنْبِهِ، فَلَعَلَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ، وَلاَ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِکَ صَغِیرَ مَعْصِیَة، فَلَعَلَّکَ مُعَذَّبٌ عَلَیْهِ».
فی إشارة إلى أنّ ذنب الآخرین قد یغفر بسبب التوبة أو شفاعة المعصومین (علیه السلام) أو على أساس القیام بأعمال الخیر بینما یؤاخذ هذا الإنسان بذنبه مهما کان صغیراً بفعل الغرور والغفلة، وعلیه کیف یسمح العاصی لنفسه بذم الآخرین على معایبهم ومثالبهم فیغتابهم؟
ثم واصل الإمام (علیه السلام) کلامه فقال: «فَلْیَکْفُفْ مَنْ عَلِمَ مِنْکُمْ عَیْبَ غَیْرِهِ لِمَا یَعْلَمُ مِنْ عَیْبِ نَفْسِهِ»، فالله هو المنزه من العیوب والطاهر من الذنب هوالمعصوم، وعلیه فلا یجیزنا العقل بأن نصوب سهام غیبتنا وذمّنا للآخرین ونحن غارقون فی العیوب والذنوب.
ثم إختتم الخطبة بالإشارة إلى المطلب الذی ذکره فی القسم الأول من الخطبة ولکن بعبارة أخرى فقال (علیه السلام): «وَلْیَکُنِ الشُّکْرُ شَاغِلاً لَهُ عَلَى مُعَافَاتِهِ مِمَّا ابْتُلِیَ بِهِ غَیْرُهُ».
فو فرضنا تنزه شخص عن کل عیب أو عیوب معینة، فذلک نعمة کبیرة تستحق شکر الله والشعور بلطف الله تعالى وعنایته، والحق إنّ مثل هذا الشکر یشغل الإنسان بنفسه إلى الحد الذی یسلبه فرصة البحث عن عیوب الآخرین.
نعم، فهذا المعلم الربانی یعتمد مختلف الأدلة المنطقیة بغیة القضاء على هذه الرذیلة القبیحة المتمثلة بالغیبة وتحری عیوب الآخرین، کما یغلق جمیع الطرق على أصحاب الحجج والذرائع.