الحجاج من أبشع الطغاة الذین عرفهم التاریخ البشری، وقد ألفت مختلف القصص التی تعنی بجرائمه وجنایاته والتی یصعق لها کل من طیلع علیها، کان والی عبدالملک بن مروان على الکوفة، وعبدالملک خامس الخلفاء بنی اُمیة، وقیل فی صفة الحجاج أنّه کان دمیم الخلقة کریه المنظر قصیر القامة ضعیف أعوج الرجلین أبرص ولعل سفکه للدماء وولعه بها ناشیء من تلک العقدة والشعور بالحقارة، وقد ذکر المؤرخ المعروف المسعودی فی «مروج الذهب»: «بأنّه کان یعترف بأنّ أعظم لذته فی سفک الدماء والإتیان بالأفعال التی لا یقوم بها الآخرون»(1).
تولى إمارة الحجاز «مکة والمدینة» من قبل عبدالملک بن مروان لسنتین فارتکب أبشع الفضائع ومنها قصفه الکعبة بالمنجنیق، ثم وضع النار على طائفة من صحابة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)المعروفین مثل جابر بن عبدالله الإنصاری، وأنس بن مالک، وسهل بن الساعدی على أنّهم اشترکوا فی قتل عثمان، ثم وجهه عبدالملک إلى العراق وولاه البصرة والکوفة، حکم الحجاج مدّة عشرین سنة وبلغ من قتلهم الحجاج مئة الف وعشرین من غیر الذین قتلوا على یدیه وأعوانه فی الحروب، کان فی سجنه حین مات خمسون ألف رجل ثلاثین ألف وإمرأة ستة عشر ألف منهم عراة، وکان یضع النساء مع الرجال ولم یکن لسجنه سقف فکانوا یعانون من شدّة الحرارة فی الصیف والبرودة فی الشتاء.
وقال ابن الجوری: أنّ حرس السجن کانوا یرمون السجین بالحجر إن لاذ بالجدار من شدّة حرارة الشمس، وکان طعامهم قلیلاً من الخبز المخلوط بالملح والرماد، فکان یسود وجه من یدخل السجن بحیث لا تعرفه اُمه حین تأتی لرؤیته.
ولعل أبلغ کلام قیل فی الحجاج ما ذکره الشعبی حین قال: «لو أخرجت کل اُمة خبیثها وفاسقها وأخرجنا الحجاج بمقابلتهم لغلبناهم».
وکان موته ذا عبرة أیضاً حیث أصیب بمرض شدید فکان یصرخ بشدّة من الألم حیث کانت تسیطر علیه برودة شدیدة فیضعون قربه ظروفاً مملوءة بالنار حتى کان یحترق جلده وهو یرتعش من البرد.
نعم، لقد احترق بنار الدنیا قبل نار الآخرة، توفی فی الرابعة والخمسین من عمره عام 95 هـ فإلى جهنّم وبئس المصیر.(2)