أکد الإمام (علیه السلام) فی هذا القسم من الخطبة أنّ الفرار من الموت مستحیل، وأبعد من ذلک فانّ الإنسان یستقبل الموت حین فراره، فقال: «أَیُّهَا النَّاسُ، کُلُّ امْرِىً لاَق مَا یَفِرُّ مِنْهُ فِی فِرَارِهِ. ]وَ [الاَْجَلُ مَسَاقُ(1) النَّفْسِ; وَالْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ».
هناک عدّة تفاسیر لشرّاح نهج البلاغة للعبارة الهرب من الموت موافاته، فقد قال البعض: المراد من هذه العبارة أنّ الأجل إذا حلّ وجاء أمر الله سبحانه برحیل من الدنیا فحتى الدواء یعطی نتیجة معکوسة، فما کان مشفیاً فی الأحوال العادیة یصبح سبباً للموت، وقیل فی تفسیر العبارة أنّ الزمان الذی یصرفه الإنسان من أجل العلاج فی مثل هذه الحالات إنّما یقرّبه من آجله(2).
وبعبارة أخرى، فقد شوهد کثیراً وقوع الإنسان فی ما یخافه ویحذره، ویدرکه ما هرب منه، وعلى ضوء هذا التفسیر فانّ الحکم المذکور حکم غالبی ولیس کلی.
ثم قال (علیه السلام): «کَمْ أَطْرَدْتُ(3) الاَْیَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَکْنُونِ هذَا الاَْمْرِ، فَأَبَى اللّهُ إِلاَّ إِخْفَاءَهُ. هَیْهَاتَ! عِلْمٌ مَخْزُونٌ!».