خاض الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع القصیر من کلامه بالحدیث عن أهمیّة کتاب الله القرآن الکریم، وقد أدّى حق المطلب بثلاث عبارات قصیرة وبلیغة: «وَکِتَابُ اللّهِ بَیْنَ أَظْهُرِکُمْ(1)نَاطِقٌ لاَ یَعْیَ(2) لِسَانُهُ، وَبَیْتٌ لاَ تُهْدَمُ أَرْکَانُهُ، وَعِزٌّ لاَ تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ».
فقد أشار فی العبارة الاُولى إلى هدایة القرآن فی کل زمان ومکان وتحت أیة ظروف، وإن بدا صامتاً، لکنّه تحدث بمئة لسان، وقد سمعه کل من جلس إلیه ومنحه آذاناً صاغیة، فهو لا ینفک یلقن الإنسان دورس الحیاة السعیدة، والعبارة: «لاَ یَعْیَا لِسَانُهُ»، یمکن أن تکون إشارة إلى أنّ تقادم الزمان لا یؤثر مطلقاً على حقائق القرآن الکریم، وهو غض طری على الدوام کما صورته الأخبار والروایات(3).
وأشار فی العبارة الثانیة إلى نقطة أخرى حفظ القرآن الکریم، فکما یحفظ البیت المستحکم ذا الأعمدة القویة أصحابه من مخاطر الحوادث والحرارة والبرودة والحیوانات الوحشیة والأعداء واللصوص، فانّ القرآن الکریم یتکفل بحفظ أتباعه من الانحراف والضلال ووسوسة الخناسین وإلقاءات الشیاطین.
وأشار فی العبارة الثالثة إلى هذده الحقیقة وهى أنّ قدرة الإنسان لا تقهر إن لاذ بالقرآن وهبّ لنصرته، وذلک لأنّ قدرة هدایة القرآن تستند إلى قدرة الله سبحانه وقدرة الله قاهرة لا تغلب، وبفعل مصداق الآیة الشریفة: (إِنْ یَنْصُرْکُمْ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَکُمْ...)(4)، فمن تأید بنصر القرآن لن یهزمه عدو.