تحدّث الإمام (علیه السلام) فی المقطع الأخیر من هذه الخطبة عن فئتین: فئة عاقلة ومتقیة ومطیعة للحق وأخرى تکالبت على حطام الدنیا وتسابقت مع بعضها من أجل نیل الأموال الحرام فقال: «أَیْنَ الْعُقُولُ الْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِیحِ الْهُدَى، وَالاَْبْصَارُ الْلاَّمِحَةُ(1) إِلَى مَنَارِ التَّقْوَى! أَیْنَ الْقُلُوبُ الَّتِی وُهِبَتْ لِلّهِ، وَعُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اللّهِ!»، إشارة إلى أنّ جماعة عظیمة من الناس سلکت سبیل المخالفة، وقد قل الصالحون وکأن الإمام (علیه السلام) یبحث عنهم لیجدهم.
ثم تطرق (علیه السلام) إلى الفئة الثانیة التی تهافتت على الدنیا فقال: «ازْدَحَمُوا عَلَى الْحُطَامِ(2)، وَتَشَاحُّو(3) عَلَى الْحَرَامِ، وَرُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَصَرَفُوا عَنِ الْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ، وَأَقْبَلُوا إِلَى النَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ; وَدَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُو(4) وَوَلَّوْا، وَدَعَاهُمُ الشَّیْطَانُ فَاسْتَجَابُوا وَأَقْبَلُوا!».
یبدو أن الفئتین اللتان أشار إلیهما الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة، هما تلک الفئتان اللتان ذکرتا سابقاً، فئة سلمت لأئمّة الهدى وانقادت لهم، وأخرى تمردت ووقفت بوجههم سعت لإطفاء نورهم، فهى فئة أخلدت إلى الدنیا ولم تهتم بالحلال والحرام وتتسابق فیما بینها من أجل تبعیة الشیطان وطاعته.