أعطت الرّوایات الإسلامیة مکانةً خاصّة لقضیة «النیّة»، والإسلام فی العادة یقرّ بقبول الأعمال بملاحظة النیّة والهدف مِن العمل.
الحدیث المشهور عن النّبی (صلى الله علیه وآله): «لا عمل إلاَّ بنیة» بیانٌ واضح لهذه الحقیقة.
وبعد (النیّة) هناک (الإخلاص)، فلو اقترن العمل بالإخلاص فسیکون عملا ثمیناً للغایة، وبدون الإخلاص لا قیمة له، والإخلاص هو أن تکون الدوافع الإنسانیة خالیة مِن أىّ نوع مِن أنواع الشوائب، ویمکن أن نسمّی الإخلاص بـ «توحید النیّة» یعنی التفکیر بالله وبرضاه فی جمیع الاُمور والحالات.
والطریف فی الأمر هنا هو ما ورد فی سبب نزول هذه الآیة مِن أنَّ رجلا جاء إلى النّبی (صلى الله علیه وآله) فقال: إنّی أتصدق وأصل الرحم، ولا أصنع ذلک إلاَّ لله، فیذکر ذلک مِنّی، وأحمد علیه فیسرّنی ذلک، وأعجب بهِ، فسکت رسول الله (صلى الله علیه وآله)، ولم یقل شیئاً، فنزلت الآیة: (... فمن کانَ یرجوا لقاء ربّه فلیعمل عملا صالحاً ولا یشرک بعبادة ربِّة أحد ) (1) .
إنَّ المقصود مِن هذه الرّوایة لیسَ الفرح أو السرور اللاإرادی، بل الحالة التی یکون فیها الفرح والسرور هدفاً لعمل الإنسان، أو الحالة التی تؤدّی إلى عدم خلوص النیّة.
فالعمل الخالص یعتبر مهمّاً فی الإسلام إلى الحدّ الذی یقول فیه رسول الله (صلى الله علیه وآله): «مَن أخلص لله أربعین یوماً فجّر الله ینابیع الحکمة مِن قلبه على لسانه» (2) .
إلهی، اجعل نیّاتنا خالصة فی جمیع أعمالنا بحیث لا نفکّر بأحد سواک، ولا نعدوک إلى غیرک... واجعل ما نریده وما لا نریده تبعاً لطاعتک ورضاک... آمین ربّ العالمین.
آمین یا ربّ العالمین
نهایة سورة الکهف