جواب على سؤال:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
لا یفلح الکاذبون: سورة النّحل / الآیة 120 ـ 124

وهنا یأتی السؤال التالی.. ذکرت الآیة المبارکة أربعة أقسام من الحیوانات المحرمة الأکل أو أجزائها، والذی نعلمه أنّ المحرم من اللحوم أکثر ممّا ذکر، حتى أنّ بعض السور القرآنیة ذکرت من المحرمات أکثر من أربعة أقسام (کما فی الآیة 3 من سورة المائدة).

فلماذا حددت الآیة أربعة أشیاء فقط؟

وجواب السؤال ـ کما قلنا فی تفسیر الآیة 145 من سورة الأنعام ـ : أنّ الحصر الموجود فی الآیة هو حصر إضافی، أی إنّ المقصود من استعمال «إنّما» فی هذه الآیات لنفی وإبطال البدع التی کان یقول بها المشرکون فی تحریم بعض الحیوانات، وکأنّ القرآن یقول لهم: هذه الأشیاء حرام، لا ما تقولون!

وثمّة احتمال آخر، وهو أنْ تکون هذه المحرمات الأربعة هی المحرمات الأصلیة أو الأساسیة، حیث إنّ «المنخنقة» المذکورة فی آیة 3 من سورة المائدة داخلة فی إحدى الأقسام الأربعة (المیتة).

أمّا المحرمات الاُخرى من أجزاء الحیوانات أو أنواعها ـ کالوحوش ـ فتأتی فی الدرجة الثّانیة، ولذا أتى حکم تحریمها بطریق سنّة النّبی (صلى الله علیه وآله)، وعلیه فیمکن أنْ یکون الحصر فی الآیة حصراً حقیقیاً، فتأمل.

وفی نهایة الآیة سیاقاً مع الأسلوب القرآنی، ذُکرت الحالات والموارد الاستثنائیة، یقول: (فمن اضطر ) کأن یکون فی صحراء ولا یملک غذاء (غیر باغ ولا عاد فإنّ اللّه غفور رحیم ).

«باغ» أو الباغی: (من البغی) بمعنى «الطلب»، ویأتی هنا بمعنى طلب اللذة أو تحلیل ما حرّم اللّه.

«عاد» أو العادی، (من العدو) أی «التجاوز»، ویأتی هنا بمعنى أکل المضطر لأکثر من حدّ الضرورة.

وورد تفسیر (الباغی) فی أحادیث أهل البیت (علیهم السلام) بأنّه (الظالم)، و(العادى) بمعنى (الغاصب)، وجاء ـ أیضاً ـ الباغی: هو الذی یخرج على إمام زمانه، والعادی، هو السارق.

وإشارة الرّوایات المذکورة یمکن حملها على الإضطرار الحاصل عند السفر، فإذا سافر شخص ما طلباً للظلم والغصب والسرقة ثمّ اضطر إلى أکل هذه اللحوم المحرّمة فسوف لا یغفر له ذنبه، حتى وإن کان لحفظ حیاته من الهلاک المحتّم.

وعلى أیّةِ حال، فلا تنافی بین ما ذهبت إلیه التفاسیر وبین المفهوم العام للآیة، حیث یمکن جمعها.

وتأتی الآیة التالیة لتطرح موضوع تحریم المشرکین لبعض اللحوم بلا سبب أو دلیل، والذی تطرّق القرآن إلیه سابقاً بشکل غیر مباشر، فتأتی الآیة لتطرحه صراحةً حیث تقول: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتکم الکذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللّه الکذب ) (1) .

أی إنّ ما جئتم به لیس إلاّ کذبة صریحة أطلقتها ألسنتکم فی تحلیلکم أشیاء بحسب ما تهوى أنفسکم، وتحریمکم لأخرى! (إشارة إلى الأنعام التی حرّمها البعض على نفسه، والبعض الآخر حللها لنفسه بعد أنْ جعل قسماً منها لأصنامه).

فهل أعطاکم اللّه حقّ سنّ القوانین؟ أمْ أنّ أفکارکم المنحرفة وتقالیدکم العمیاء هی التی دفعتکم لإحداث هذه البدع؟ ..أوَ لیس هذا کذباً وافتراءاً على اللّه؟!

وجاء فی الآیة 136 من سورة الأنعام بوضوح: (وجعلوا لله ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصیباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشرکائنا فما کان لشرکائهم  فلا یصل إلى اللّه وما کان لله فهو یصل إلى شرکائهم ساء ما یحکمون ).

ویستفاد کذلک من الآیة 148 من سورة الأنعام: (سیقول الذین أشرکوا لو شاء اللّه ما أشرکنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شیء ) أنّهم کانوا یجعلون لأنفسهم حق التشریع فی التحلیل والتحریم، ویظنون أنّ اللّه یؤیّد بدعهم! (وعلى هذا فکانوا یضعون البدعة ویحللون ویحرمون أوّلاً ثمّ ینسبون ذلک إلى اللّه فیکون إفتراءاً آخر)(2) .

ویحذّر القرآن فی آخر الآیة بقوله: (إن الذین یفترون على اللّه الکذب لا یفلحون ) لأنّ من مسببات الشقاء الأساسیة الکذب والإفتراء على أیِّ إنسان، فکیف به إذا کان على اللّه عزَّ وجلّ!؟ فلا أقل والحال هذه من مضاعفة آثاره السیّئة.

وتوضّح الآیة التالیة ذلک الخسران، فتقول: (متاع قلیل ولهم عذاب ألیم ).

ویمکن أنْ تکون (متاع قلیل ) إشارة إلى أجنّة الحیوانات المیتة التی کانوا یحللونها لأنفسهم ویأکلون لحومها، أو إشارة إلى إشباعهم حبّ الذات وعبادتها بواسطة جعل البدع، أو أنّهم بتثبیت الشرک وعبادة الأصنام فی مجتمعهم یتمکنون أن یحکموا على الناس مدّة من الزمن، وکلّ ذلک (متاع قلیل ) سیعقبه (عذاب ألیم ).

السؤال: ویطرح السؤال التالی: لماذا حرّمت على الیهود محرّمات إضافیة؟

والجواب: الآیة التالیة کأنّها جواب على السؤال المطروح، حیث تقول: (وعلى الذین هادوا حرّمنا ما قصصنا علیک من قبل ).

وهو إشارة إلى ما ذکر فی الآیة 146 من سورة الأنعام: (وعلى الذین هادوا حرّمنا کلّ ذی ظفر ومن البقر والغنم حرّمنا علیهم شحومهما إلاّ ما حملت ظهورهما أو الحوایا أو ما اختلط بعظم ذلک جزیناهم ببغیهم وإنّا لصادقون ).

(ذی ظفر ): هی الحیوانات ذات الظفر الواحد کالخیل.

(ما حملت ظهورهم ): الشحوم التی فی منطقة الظهر منها.

(الحوای ): الشحوم التی على أطراف الأمعاء والخاصرتین.

وحقیقة هذه المحرمات الإضافیة العقاب والجزاء للیهود جرّاء ظلمهم، ولذلک یقول القرآن الکریم فی آخر الآیات مورد البحث: (وما ظلمناهم ولکن کانوا أنفسهم یظلمون ).

وکذلک ما جاء فی الآیتین 160 و161 من سورة النساء: (فبظلم من الذین هادوا حرّمنا علیهم طیبات اُحلّت لهم وبصدّهم عن سبیل اللّه کثیراً * وأخذهم الرّبا وقد نهوا عنه وأکلهم أموال النّاس بالباطل ).

فکان تحریم قسماً من اللحوم على الیهود ذا جنبة عقابیّة دون أنْ یکون للمشرکین القدرة على الإحتجاج فی ذلک.

وما حرّمه المشرکون إنْ هو إلاّ بدعة نشأت من خرافاتهم وأباطیلهم، لأنّ ما فعلوه ما کان جاریاً لا عند الیهود ولا عند المسلمین (ویمکن أنْ تکون إشارة الآیة تؤدّی إلى هذا المعنى وهو إنّکم فعلتم ما لا یتفق مع أىّ کتاب سماوی).

وفی آخر آیة من الآیات مورد البحث، وتمشّیاً مع الاُسلوب القرآنی، یبدأ القرآن بفتح أبواب التوبة أمام المخدوعین من الناس والنادمین من ضلالهم، فیقول: (ثمّ إنّ ربّک للذین عملوا السّوء بجهالة ثمّ تابوا من بعد ذلک وأصلحوا إنّ ربّک من بعدها لغفور رحیم ).

ویلاحظ فی هذه الآیة جملة اُمور:

أوّلاً: اعتبرت علّة ارتکاب الذنب «الجهالة»، والجاهل المذنب یعود إلى طریق الحق بعد ارتفاع حالة الجهل، وهؤلاء غیر الذین ینهجون جادّة الضلال على علم واستکبار وغرور وتعصب وعناد منهم.

ثانیاً: إنّ الآیة لا تحدّد الموضوع بالتوبة القلبیة والندم، بل تؤکّد على أثر التوبة من الناحیة العملیة وتعتبر الإصلاح مکمّلا للتوبة، لتبطل الزعم القائل بإمکان مسح آلاف الذنوب بتلفظ «أستغفر اللّه»، وتؤکّد على وجوب إصلاح الاُمور عملیاً، وترمیم مااُفْسِدَ من روح الإنسان أو المجتمع بارتکاب تلک الذنوب، للدلالة إلى التوبة الحقیقیة لا توبة لقلقة اللسان.

ثالثاً: التأکید على شمول الرحمة الإلهیّة والمغفرة لهم، ولکن بعد التوبة والإصلاح: (إنّ ربّک من بعدها لغفور رحیم ).

وبعبارة اُخرى إنّ مسألة قبول التوبة لا یکون إلاّ بعد الندم والإصلاح، وقد ذکر ذلک فی ثلاثة تعابیر:

أوّلاً: باستعمال الحرف «ثمّ».

ثانیاً: «من بعد ذلک».

ثالثاً: «من بعدها».

لکی یلتفت المذنبون إلى أنفسهم ویترکوا ذلک التفکیر الخاطیء بأن یقولوا: نرجو لطف اللّه وغفرانه ورحمته، وهم على إرتکاب الذنوب دائمون.


1. وهکذا أصل ترکیب جملة (ولا تقولوا لما تصف ألسنتکم الکذب): «اللام» لام التعلیل، «ما» فی «لما تصف».. مصدریة، و«الکذب» ..مفعول لـ «تصف» ..فتکون العبارة: (لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لتوصیف ألسنتکم الکذب).
2. ولذا جاء ذکر افتراءهم فی الآیة مسبوقاً باللام لیکون نتیجة وغایة لبدعهم ـ فتأمل.
لا یفلح الکاذبون: سورة النّحل / الآیة 120 ـ 124
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma