کلّ شیء فی خدمة الإنسان!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة النّحل / الآیة 9 ـ 131ـ النعم المادیة والمعنویة

بعد ذکر مختلف النعم فی الآیات السابقة، تشیر هذه الآیات إلى نعم اُخرى... فتشیر أوّلاً إلى نعمة معنویة عالیةً فی مرماها (وعلى اللّه قصد السبیل ) أی علیه سبحانه سلامة الصراط المستقیم وهو الحافظ له من کلّ انحراف، وقد وضعه فی متناول الإنسان.

«القصد»: بمعنى صفاء واستواء الطریق، فیکون معنى «قصد السبیل» الصراط المستقیم الذی لیس فیه ضلال ولا انحراف(1) .

ولکن أىّ النحوین من الصراط المستقیم هو المراد، التکوینی أم التشریعی؟

اختلف المفسّرون فی ذلک، إلاّ أنّه لا مانع من قصد الجانبین معاً.

توضیح ذلک: جهّزَ اللَّهُ الإنسان بقوى متنوعة وأعطاه من القوى والقابلیات المختلفة ما یعینه على سلوکه نحو الکمال الذی هو الهدف من خلقه.

وکما أنّ بقیة المخلوقات قد اُودعت فیها قوىً وغرائز توصلها إلى هدفها، إلاّ أنّ الإنسان یمتاز علیها بالإرادة وبحریّة الاختیار فیما یریده، ولهذا فلا قیاس بین الخط التصاعدی لتکامل الإنسان وبقیة الأحیاء الاُخرى.

فقد هدى اللّهُ الإنسان بالعقل والقدرة وبقیة القوى التکوینیة التی تعینه للسیر على الصراط المستقیم.

کما أرسل له الأنبیاء والوحی السماوی وأعطاه التعلیمات الکافیة والقوانین اللازمة للمضی بهدى التشریع الرّبانی فی تکملة مشوار المسیرة، وترک باقی السبل المنحرفة.

ومن لطیف الأسلوب القرآنی جعل الأمر المذکور فی الآیة فریضةً علیه جلّ شأنه فقال: (على اللّه )، وکثیراً ما نجد مثل هذه الصیغة فی الآیات القرآنیة، کما فی الآیة 12 من سورة اللیل (إنّ علینا للهدى )، ولو دققنا النظر فی سعة مدلول (على اللّه قصد السبیل ) وما اُودع فی الإنسان من هدى تکوینی وتشریعی لأجل ذلک، لأدرکنا عظمة هذه النعمة وما لها من الفضل على بقیة النعم.

ثمّ یحذّر الباری جلّ شأنه الإنسانَ من وجود سبل منحرفة کثیرة: (ومنها جائر ) (2) .

وبما أنّ نعمة الإرادة وحریة الاختیار فی الإنسان من أهم عوامل التکامل فیه، فقد أشارت إلیها الآیة بجملة قصیرة: (ولو شاء لهداکم أجمعین ) ولا تستطیعون عندها غیر ما یرید اللّه.

إلاّ أنّه سبحانه لم یفعل ذلک، لأنّ الهدایة الجبریة لا تسمو بالإنسان إلى درجات التکامل والفخر، فأعطاه حریة الاختیار لیسیر فی الطریق بنفسه کی یصل لأعلى ما یمکن الوصول إلیه من درجات الرفعة والکمال.

کما تشیر الآیة إلى حقیقة اُخرى مفادها أنّ سلوک البعض للطریق الجائر والصراط المنحرف ینبغی أن لا یوجد عند البعض توهّماً أنّ اللّه (سبحانه وتعالى) مغلوب أمام هؤلاء، بل إنّ مشیئته جلّ اسمه ومقتضى حکمته دعت لأن یکون الإنسان حرّاً فی اختیاره ما یرید من السبل.

وفی الآیة التالیة یعود إلى الجانب المادی بما یثیر حسّ الشکر للمنعم عند الناس، ویوقد نار عشق اللّه فی قلوبهم بدعوتهم للتقرّب أکثر وأکثر لمعرفة المنعم الحق، فیقول: (هو الذی أنزل من السماء ماء ) ماء فیه سبب الحیاة، وزلالا شفافاً خال من أیِّ تلوّث (لکم منه شراب )، وتخرج به النباتات والأشجار فترعى أنعامکم (ومنه شجر فیه تسیمون ).

«تسیمون»: (من مادة الإسامة) بمعنى رعی الحیوانات، وکما هو معلوم فإنّ الحیوانات تستفید من النباتات الأرضیة وورق الأشجار، و«الشجر» لغةً: ذو معنى واسع یشمل إطلاقه الأشجار وغیرها من النباتات.

وممّا لا شک فیه أیضاً أنّ ماء المطر لا تقتصر فائدته لشرب الإنسان وإرواء النباتات، بل ومن فوائده أیضاً: تطهیر الأرض، تصفیة الهواء، إیجاد الرطوبة اللازمة لطراوة جلد الإنسان وتنفّسه براحة، وما شابه ذلک.. فالمذکور من فوائده فی هذه الآیة لیس حصراً وإنّما من باب الأهم.

ویکمّل الموضوع بقوله: (ینبت لکم به الزرع والزیتون والنخیل والأعناب ومن کل الثمرات ).

ولا شک أنّ خلق هذه الثمار المتنوعة وکل ما هو موجود من المحاصیل الزراعیة لآیة للمتفکرین (إنّ فی ذلک لآیة لقوم یتفکّرون ).

«الزرع»: یشمل کل مزروع و«الزیتون» اسم لشجرة معروفة واسم لثمرها أیضاً.

إلاّ أنّ بعض المفسّرین یذهبون إلى أنّ «الزیتون» هو اسم الشجرة فقط، واسم ثمرتها «زیتونة». فی حین أنّ الآیة الخامسة والثلاثین من سورة النّور تطلق کلمة «الزیتونة» على الشجرة.

و«النخیل» تستعمل للمفرد والجمع... و«الأعناب» جمع أعنبة، وهی ثمرّة معروفة.

وهنا یرد سؤال وهو: لماذا اختار القرآن ذکر هذه الثمار دون غیرها (الزیتون، التمر، العنب)؟ ستقرأ توضیح ذلک فی البحوث التّفسیریة لهذه الآیات إن شاء اللّه.

ثمّ یشیر إلى نعمة تسخیر الموجودات المختلفة فی العالم للإنسان بقوله: (وسخّر لکم اللیل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخّرات بأمره إنّ فی ذلک لآیات لقوم یعقلون ) على عظمة وقدرة اللّه وعظمة ما خلق.

قلنا فی تفسیرنا لآیات سورتی الرعد وإبراهیم، أنّ المفهوم الواقعی لتسخیر الموجودات

للإنسان أنْ تکون فی منفعته، ویکون ذلک من شأنها ووظیفتها مع تمکین الإنسان من الإستفادة منها.

فکلّ من الشمس والقمر واللیل والنهار والنجوم له نوع وأثر خاص فی حیاة الإنسان، وما أجمل عبارة (تسخیر الموجودات للإنسان بأمر اللّه) فبالإضافة لما تظهره من شرف ورفعة شخصیة الإنسان بنظر الإسلام والقرآن، وإعطائه من الجلال ما یجعله مؤهّلا لمقام خلیفة اللّه، فهی تذکرة للإنسان بأن لا یغفل عمّا أنعم اللّه علیه، وباعثة فیه شعور لزوم الشکر للّه تعالى من خلال ما یلمس ویرى، عسى أن یتقرب لخالقه فینال حسن مآبه.

ولهذا یقول تعالى فی ذیل الآیة: (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یعقلون ).

راجع تفسیرنا للآیتین 32 و33 من سورة إبراهیم للإستزادة فی معرفة أسرار التسخیر المذکور.

وإضافة لکلّ ما تقدم (وما ذرأ لکم فی الأرض ) من مخلوقات سخرّها لکم و (مختلفاً ألوانه ) من الأغطیة والملابس والأغذیة والزوجات العفیفات ووسائل الترفیه، حتى أنواع المعادن وکنوز الأرض وسائر النعم الاُخرى (إنّ فی ذلک لآیة لقوم یذّکّرون ).


1. ذکر بعض کبار المفسّرین کالعلاّمة الطباطبائی فی تفسیر المیزان أنّ «القصد» بمعنى (القاصد) فی قبال «الجائر) أیْ المنحرف عن الحق.
2. ضمیر (منه ) یعود الى السبیل. والسبیل مؤنث مجازی.
سورة النّحل / الآیة 9 ـ 131ـ النعم المادیة والمعنویة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma