لا استعجال فی العقاب الإلهی:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 57 ـ 59 سورة الکهف / الآیة 60 ـ 64

الآیات السابقة کانت تتحدَّث عن مجموعة مِن الکافرین المُتعصّبین والمظلمة قلوبهم; والآیات التی بین أیدینا تستمر فی نفس البحث.

ففی البدایة قوله تعالى: (ومَن أظلم ممن ذکّر بآیات ربِّه فأعرضَ عنها ونسی ما قدَّمت یداه ).

إنّ استخدام تعبیر (ذکّر) یوحی إلى أنَّ تعلیمات الأنبیاء (علیهم السلام) هی بمثابة التذکیر بالحقائق الموجودة بشکل فطری فی أعماق الإنسان، وإنَّ مهمّة الأنبیاء هی رفع الحجب عن نقاء وشفافیة هذه الفطرة.

هذا المعنى ورد فی الخطبة الاُولى مِن خطب نهج البلاغة حیث یقول أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام): «لیَسْتَأدُوهُم میثاق فطرته، ویذکروهم منسی نعمته، ویحتجوا إلیهم بالتبلیغ، ویُثیروا لهم دفائن العقول».

الطریف فی الأمر أنَّ الآیة الکریمة رسمت ثلاثة مسالک لیقظة هؤلاء وإعادتهم إلى نور الهدایة، هی:

أوّلا: إنَّ هذه الحقائق تلائم بشکل کامل ما هو مکنون فی فطرتکم ووجدانکم وأرواحکم.

ثانیاً: إنّها جاءت مِن قبل خالقکم.

ثالثاً: علیکم أن لا تنسوا أنّکم اقترفتم الذنوب، وأنَّ مِنهاج عمل الأنبیاء هو فتح باب التوبة مِن الذنوب والهدایة للصواب.

لکن هذه الفئة مِن الناس لم تؤمن برغم کلّ ذلک: (إنَّا جعلنا على قلوبهم أکنّةً أن یفقهوه وفی آذانهم وقر ) (1) وبذلک لا تنفع معهم دعوتک: (وإن تدعهم إلى الهدى فلن یهتدوا إذاً أبد ).

ولا نعتقد أنّنا بحاجة إلى أن نوضّح أنّ سبب إنعدام قابلیة التشخیص والقدرة والاحساس والسمع لدى هؤلاء، إنّما کانَ مِن عندَ الله، ولکن بسبب (ما قدّمت یداه )وبسبب الأعمال التی قاموا بها سابقاً، وهذا هو الجزاء المباشر لأعمالهم ولما کسبت أیدیهم. بعبارة اُخرى: إنَّ الأعمال القبیحة السیّئة والمخزیة تحوَّلت إلى ستار وثقل، أی (کنان ووقر) على قلوبهم وآذانهم، وهذه الحقیقة تذکرها الکثیر مِن الآیات القرآنیة، إذ نقرأ على سبیل المثال قوله تعالى فی الآیة 155 مِن سورة النساء: (بل طبع الله علیها بکفرهم فلا یؤمنون إلاَّ قلیل ).

ولکن هناک مَن یتذَرَّع بشتى الحجج والذرائع لإثبات فکرة الجبر ودعم مذهبه فی ذلک، دون أن یأخذ بنظر الاعتبار بقیة هذه الآیة، وسائر الآیات القرآنیة الاُخرى التی تفسّرها، بل یعتمد على ظواهر ألفاظ الآیات ویتخذها سنداً لإثبات مقولة الجبر، فی حین أنَّ الجواب على ذلک ـ کما أسلفنا ـ واضح بدرجة کبیرة.

إنَّ البرنامج التربوی للخالق جلَّوعلا هو أن یُعطی لعباده الفرصة بعد الاُخرى، وهو جلَّوعلا لا یُعاقب بشکل فوری مِثل الجبّارین والظالمین، بل إنَّ رحمته الواسعة تقتضی دوماً إعطاء أوسع الفرص للمذنبین، لذا فإنّ الآیة التی بعدها تقول: (وربّک الغفور ذو الرحمة ).

(لو یُؤاخذهم بما کسبوا لعجّل لهم العذاب ). فاذا کانت الإرادة الإلهیّة تقتضی انزال العذاب بسبب إرتکابهم للذنوب لتحقّق ذلک فوراً.

(بل لهم موعدٌ لن یجدوا مِن دونه موئل ) (2) .

فغفرانه تعالى یقضی أن یرحم التوّابین، ورحمته تقضی أن لا یعجّل عذاب غیرهم، إذ مِن المحتمل أن یلتحق بعضهم بصفوف التوّابین، إلاَّ أنّ عدالته تعالى تقتضی مجازاة المذنبین العاصین الظالمین عندما یصل طُغیانهم وتمرّدهم إلى أقصى درجاته، وعندما یکون بقاء مثل هؤلاء الأفراد الفاسدین المفسدین الذین لا یوجد أمل فی إصلاحهم، عبثاً وبدون فائدة، لذا ینبغی تطهیر الأرض منهم، ومِن لوث وجودهم.

وأخیراً تنتهی هذه المجموعة مِن الآیات إلى توجیه التحذیر الأخیر مِن خلال التذکیر بالعاقبة المؤلمة المرَّة لِمن ظَلَمَ مِن السابقین لیکون مصیرهم عبرة لمن یسمع، فتقول: إنَّ هذه المدن والقرى أمامکم، ولکم أن تشاهدوا خرائبها والدمار الذی حلَّ فیها، وقد أهلکنا أهلها بما إرتکبوا مِن ظلم، فی نفس الوقت الذی لم نعجّل فیه لهم العذاب، بل جعلنا موعداً لِمهلکهم: (وتلک القرى أهلکناهم لمّا ظلموا وجعلنا لِمهلکهم موعد ).


1. کما قُلنا سابقاً «أکنة» جمع «کنان» على وزن کتاب، وتعنی الستار أو الحجاب و(وقر) تعنی ثقل الأذن عن السماع.
2. «موئل» مِن کلمة «وئل» وتعنی الملجأ ووسیلة النجاة.
سورة الکهف / الآیة 57 ـ 59 سورة الکهف / الآیة 60 ـ 64
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma