المهتدون الحقیقیّون:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الإسراء / الآیة 96 ـ 97 سورة الإسراء / الآیة 98 ـ 100

بعد أن قطعت الآیات السابقة أشواطاً فی مجال التوحید والنّبوة وعرض حدیث المعارضین والمشرکین، فإنَّ هذه الآیات عبارة عن خاتمة المطاف فی هذا الحدیث، إذ تضع النتیجة الأخیرة لکلّ ذلک. ففی البدایة تقول الآیة إذا لم یقبل اُولئک أدلتک الواضحة حول التوحید والنّبوة والمعاد فقل لهم: (قل کفى بالله شهیداً بینی وبینکم إنّه کان بعباده خبیراً بصیر ) (1) .

إنَّ هذه الآیة تستهدف أمرین فهی أوّلا: تُهدِّد المعارضین المتعصّبین والمعاندین، بأنَّ الله خبیر وبصیر ویشهد أعمالنا وأعمالکم، فلا تظنّوا بأنّکم خارجون عن محیط قدرته أو أنَّ شیئاً مِن أعمالکم خاف عنه.

الأمر الثّانی: هو أنَّ الرّسول (صلى الله علیه وآله) أظهر إیمانه القاطع بما قال، حیث إنَّ ایمان المتحدّث القوی بما یقول، له أثرٌ نفسی عمیق فی المستمع، وعسى أن یکون هذا التعبیر القاطع والحاسم المقرون بنوع من التهدید مؤثّراً فیهم، ویهزّ وجودهم، ویوقظ فکرهم ووجدانهم ویهدیهم إلى الطریق الصحیح.

الآیة التالیة تؤکّد على أنّ الشخص المهتدی هو الذی قذف الله تعالى نور الإیمان فی قلبه: (وَمَن یهد الله فهو المهتد ) أمّا من أضلّه الله بسوء أعماله: (وَمَن یُضلل فلن تجد لهم أولیاء مِن دونه ). فالطریق الوحید هو أن یرجعوا إلیه ویطلبوا نور الهدایة منهُ.

هاتان الجملتان تُثبتان أنَّ الدلیل القوی والقاطع لا یکفی للإیمان، فما لم یکن هُناک توفیق إلهی لا یستقر الإیمان أبداً.

هذا التعبیر یشبه دعوتنا لمجموعة لأن تفعل الخیر بعد أن نشرح لهم أهمّیة الموضوع بواسطة الأدلة الُمختلفة، إلاَّ أنَّ الحصیلة العملیة ستکون موافقة البعض، وامتناع البعض الآخر عن فعل الخیر برغم صحة الأدلة، وبذلک لا یکون کلّ واحد لائقاً لفعل الخیر.

وهذه حقیقة فلیس کلّ قلب یلیق لأن ینال نور الحق، إضافة إلى أنَّ الکلام یُثیر المستمع، وقد یحدث أن یترک الشخص بتأثیر هذا الکلام عناده ولجاجه لیثبت لیاقته للحق ویستسلم له.

وقُلنا مِراراً: إنَّ الهدایة والضلالة الإلهیّتین لیستا شَیْئَیْنِ جبریین، بل تخضعان للأثر المباشر لأعمال الإنسان وصفاته، فالأشخاص الذین جاهدوا أنفسهم وسعوا بجدیّة فی طریق القرب الإلهی، فمن البدیهی أنّ الله سیوفقّهم ویهدیهم: (والذین جاهدوا فینا لنهدینّهم سُبلن ) (2) .

أمّا اُولئک الذین یسلکون طریق العناد والمُکابرة وتتلوَّث فطرتهم وقلوبهم بأنواع الذنوب والمفاسد والمظالم، فإنّهم قد قضوا على أىّ إستعداد أو جدارة لدیهم لقبول الحق فهم بالتالی مستحقون للضلالة: (ویضلّ الله الظالمین ) (3) . (وما یضلّ به إلاَّ الفاسقین ) (4) . (کذلک یضلّ الله مَن هُوَ مسرف مرتاب ) (5) .

أمّا عن سبب مجیء «أولیاء» بصیغة الجمع، فقد یعود ذلک للإشارة إلى تعدُّد الآلهة الوهمیّة أو تنوّع الوسائل التی یلجأون إلیها، فیکون المقصود أنَّ جمیع هذه الوسائل وجمیع البشر وغیر البشر، وکلّ ما تؤلّهون مِن آلهة مِن دون الله، لا یستطیع أن ینقذکم مِن الضلالة وسوء العاقبة.

ثمّ تذکر الآیات ـ بصیغة التهدید القاطع ـ جانباً مِن مصیرهم بسبب أعمالهم فی یوم القیامة فتقول: (ونحشرهم یوم القیـمة على وجوههم ) فبدلا مِن الدخول بشکل عادی وبقامة منتصبة، فإنَّ الملائکة الموکّلین بهم یسحبونهم إلى جهنَّم على وجوههم تعذیباً لهم.

البعض یعتقد أنَّ هؤلاء یُسحبون یوم القیامة بسبب عجزهم فی ذلک الیوم عن المشی، لذلک فإنّهم یزحفون کالزواحف على وجوههم وصدورهم بشکل ذلیل ومؤلم.

نعم، فاُولئک محرومون مِن نعمة کبیرة، هی نعمة المشی على الأرجل، لأنّهم لم یستفیدوا مِن هذه الوسیلة فی هذه الدنیا فی سلوک طریق السعادة والهدایة، بل خصّصوها لسلوک طرق الذنوب والمعاصی.

ثمّ هم یُحشرون: (عمیاً وبکماً وصمّ ). وهُنا قد یطرح هذا السؤال، وهو: إنَّ المجرمین وأهل الجحیم ینظرون ویسمعون ویتکلمون، فکیف تقول هذه الآیة (عمیاً وبکماً وصُمّ ) (6) ؟

للمفسّرین أقوال مُتعدِّدة فی الإجابة على هذا السؤال، إلاَّ أنّ أفضلها جوابان نستطیع إجمالهما فیما یلی:

أوّلا: إنَّ مراحل ومواقف یوم القیامة مُتعدِّدة، ففی بعض المراحل والمواقف یکون هؤلاء صُماً وبکماً وعمیاً، وهذا نوع مِن العقاب لهم، لأنّهم لم یستفیدوا مِن هذه النعم الإلهیّة بصورة صحیحة فی حیاتهم الدنیا، إلاَّ أنّ عیونهم فی مراحل لاحقة تبدأ بالنظر، وآذانهم بالسماع، وألسنتهم بالنطق حتى یروا منظر العذاب ویسمعون کلام الشامتین، ویبدأون بالتأوّه والصراخ وإظهار ضعفهم، حیث إنّ کلّ هذه الاُمور هی نوع آخر مِن العقاب لهم.

ثانیاً: إنَّ المجرمین وأهل النار محرومون مِن رؤیة ما هو سارّ ومِن سماع اُمور تبعث على الفرح، ومِن قول وکلام یستوجب نجاتهم، بل على العکس مِن ذلک، فهم لا ینظرون ولا یسمعون ولا یقولون إلاّ ما یُؤذی ویؤلم.

فی الختام تقول الآیة: (مأواهم جهنَّم ).

لکن لا تظنّوا أنَّ نارها کنار الدنیا تنطفی فی النهایة، بل هی: (کُلّما خبت زدناهم سعیر )


1. مِن حیث الترکیب: إنَّ «الباء» فی (کفى بالله) زائدة، و«الله» فاعل «کفى» و«شهیداً» تمییز، أو حال کما یقول البعض.
2. العنکبوت، 69.
3. إبراهیم، 27.
4. البقرة، 26.
5. غافر، 34.
6. فی الآیة 53 مِن سورة الکهف نقرأ قوله تعالى: (ورءا المجرمون النّار) وفی الآیة 13 مِن سورة الفرقان قوله تعالى: (دعوا هُنالک ثبور) وفی الآیة 12 مِن سورة الفرقان نقرأ: (سمعوا لها تغیّظاً وزفیر).
سورة الإسراء / الآیة 96 ـ 97 سورة الإسراء / الآیة 98 ـ 100
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma