تبدأ سورة الکهف ـ کما فی بعض السور الاُخرى ـ بحمد الله، وبما أنَّ الحمد یکون لأجل عمل أو صفة معیّنة مهمّة ومطلوبة، لذا فإنَّ الحمد هُنا لأجل نزول القرآن الخالی مِن کلّ اعوجاج، فتقول الآیة: (الحمدُ لله الذی أنزل على عبده الکتاب ولم یجعل لهُ عوج ).
هذا الکتاب هو کتاب ثابت ومحکم ومعتدل ومستقیم، وهو یحفظ المجتمع الإنسانی ویحمی سائر الکتب السماویة.
(قیّم ) ویُنذر الظالمین مِن عذاب شدید: (لِیُنذرَ بأساً شدیداً مِن لدنه ). وفی نفس الوقت فهو: (ویُبشِّر المؤمنین الذین یعملون الصالحات أنَّ لهم أجراً حسن ). وهؤلاء فی نعیمهم (ماکثین فیه أبد ).
ثمّ تشیر الآیات إلى واحدة مِن انحرافات المعارضین، سواء کانوا نصارى أو یهود أو مشرکین، حیثُ تنذرهم هذا الأمر فتقول: (ویُنذر الذین قالوا اتّخذ الله ولد ) فهی تحذّر النصارى بسبب اعتقادهم بأنَّ المسیح ابن الله، وتحذّر الیهود لأنّهم اعتقدوا بأنَّ عزیر ابن الله، وتحذِّر المشرکین لِظنّهم بأنَّ الملائکة بنات الله.
ثمّ تشیر الآیات إلى أصل أساسی فی إبطال هذه الإدعاءات الفارغة فتقول: إنَّ هؤلاء لا علم لهم ولا یقین بهذا الکلام، وإنّما هم مُقلدون فیه للآباء، وإنَّ آباءهم على شاکلتهم فی الجهل وعدم العلم: (ما لهم بِهِ مِن علم ولا لآبائهم ). ومع ذلک فانهم یتفوّهون بکلام رهیب (کبرت کلمة تخرج من أفواهم ) فهل یعقل أن یکون اللّه جسماً أو یکون له ولد، أو أن یحتاج إلى الصفات المادیة وأن یکون محدوداً... إنَّهُ کلام رهیب، ومثل هؤلاء الذین یتفوّهون به لا ینطقون إلاَّ کَذِباً: (إن یقولون إلاَّ کذب ).
