أخسر الناس:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 103 ـ 108 1ـ مَن هم الأخسرون أعمالا؟

هذه الآیات والآیات اللاحقة ـ إلى نهایة السورة المبارکة ـ فی الوقت الذی تتحدَّث فیه عن صفات غیر المؤمنین، فإنّها تُعتبر نوعاً مِن التلخیص لکافّة البحوث التی وردت فی هذه السورة، خاصةً البحوث المتعلّقة بقصّة أصحاب الکهف وموسى والخضر وذی القرنین، وما بذلوه مِن جهود إزاء معارضیهم.

فالآیات تکشف أوّلا عن أخسر الناس، ولکنّها ـ بهدف إثارة حب الإستطلاع لدى المستمع إزاء هذه القضیة ـ تعمد إلى إثارتها على شکل سؤال مُوجّه إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله)، فتقول: (قل هل ننبّئکم بالأخسرین أعمال ).

ثمّ یأتی الجواب بدون أی توقف حتى لا یبقى المستمع فی حیرة، فتقول: (الذین ضلَّ سعیهم فی الحیاة الدنیا وهم یحسبون أنّهم یحسنون صنع ).

مفهوم الخسران لا ینطبق على خسران الأرباح وحسب، بل إنَّ الخسران الواقعی هو خسران أصل رأس المال، وهل هناک رأس مال أربح وأفضل وأحسن مِن العقل والذکاء والطاقات الإلهیّة الموهوبة للإنسان مِن عمر وشباب وصحة؟

إنَّ نتاج کلّ هذه المواهب هی أعمال الإنسان، وأعمال الإنسان هی فی الواقع انعکاس وتجسید لطاقاتنا وقدراتنا.

عندما تتحوَّل هذه الطاقات إلى أعمال مخرّبة أو غیر هادفة، فکأنّها قد فنیت أو ضاعت، فهی کمثل الإنسان الذی یحمل ثروة عظیمة معهُ، ولکنَّهُ أثناء ذهابه إلى السوق یفقد هذه الثروة ویعود بید خالیة.

وقد لا یکون الخسران خسراناً خطیراً عندما یتعلّم الإنسان مِن فقدان الثروة دروساً کبیرة قد تکون فی قیمتها مُساویة للثروة التی فقدها، أو أکثر قیمة مِنها فی بعضِ الأحیان، فکأنّه لم یخسر شیئاً.

إلاَّ أنَّ الخسران الحقیقی والمضاعف هو أن یفقد الإنسان رأسماله المادی والمعنوی فی مسالک خاطئة ومجالات منحرفة ویظن أنَّهُ أحسن العمل، فهو فی هذه الحالة لم یحصل على ثمرة لعمله، وفی نفس الوقت لم یلتفت إلى ما هو فیه، فیکرِّر العمل.

الجمیل هنا، إنَّ القرآن الکریم استخدم تعبیر (بالأخسرین أعمال ) فی حین أنّ المفروض هو القول: «الأخسرین عملا» (لأنَّ التمییز مفرد عادة) ولکن لعلّ هذه الصیاغة القرآنیة بسبب أنّهم لم یخسروا فی عمل معیّن، بل إنَّ جهلهم المرکب کانَ سبباً للخسران فی جمیع البرامج الحیاتیة وفی جمیع أعمالهم.

بعبارة اُخرى: إنَّ الإنسان قد یربح فی تجارة معیّنة ویخسر فی اُخرى، إلاَّ أنَّ المحصّلة فی نهایة السنة هی أنَّهُ لا توجد خسارة کبیرة، ولکن مِن سوء حظّ الإنسان أن یخسر فی جمیع الأعمال التی اشترک فیها.

استخدام کلمة «ضلَّ» لعلّه إشارة إلى هذه الحقیقة; وهی أنَّ أعمال الإنسان لاتفنى فی هذا العالم بأىّ صورة مِن الصور، کما أنَّ المادة والطاقة تتبدّل وتتغیّر ولکنَّها لا تفنى، ولکن قد تختفی أحیاناً، لأنَّهُ لا یمکن مشاهدة آثارها بالعین، ولایمکن الاستفادة مِنها بأىّ شکل مِن الاشکال ومثلها فی ذلک مثل رأس المال الضائع والذی لا هو فی حوزتنا فنستفید مِنهُ، ولا هو فان.

أمّا لماذا یُصاب الإنسان نفسیاً بمثل هذه الحالات؟ فهو أمرٌ سنبحث فیه مفصّلا فی فقرة البحوث.

الآیات الاُخرى تذکر صفات ومعتقدات هذه المجموعة مِن الخاسرین، حیث تبدأ بتلک الصفات التی تکون أساساً فی مصائبهم فتقول: (اُولئک الذین کفروا بآیات ربّهم ). إنّهم کفروا بالآیات التی تفتح الأبصار والمسامع; الآیات التی ترفع حُجب الغرور وتجسّد الحقائق أمام الإنسان، وأخیراً فإنّها آیات النور والضیاء التی تخرج الإنسان مِن ظُلمات الأوهام والتصوّرات الخاطئة وترشده إلى عالم الحقائق.

ثمّ إنّهم بعد ذلک نسوا الله وکفروا بالمعاد وبلقاء الله (ولقائه ).

نعم، فما لم یکن الإیمان بالمعاد إلى جانب الإیمان بالمبدأ، وما لم یحس الإنسان بأنَّ هناک قوّة تراقب أعماله وتحتفظ بکلّ شیء إلى لحظة انعقاد المحکمة الکبیرة الدقیقة والقاسیة، فإنَّ الإنسان سوف لا یعیر أهمّیة إلى أعماله وسوف لا یصلح نفسه.

ثمّ تضیف الآیة أنَّهم بسبب مِن کفرهم بالمبدأ والمعاد فإنَّ أعمالهم قد حبطت وضاعت: (فحبطت أعمالهم ). وغدت تماماً کالرماد فی مقابل العاصفة الهوجاء.

ولأنّهم لا یملکون عملا قیّماً ثمیناً لذا: (فلا نقیم لهم یوم القیامة وزن ).

لأنَّ الوزن یخصّ الاُمور الموجودة، أمّا هؤلاء فلا یملکون شیئاً مِن الأعمال، ولذلک لیسَ لهم وزن ولا قیمة؟ وفی إطار بیان جزاء هؤلاء، تکشف الآیة عن ثالث سبب فی انحراف وخسران هؤلاء، وهو الاستهزاء بما انزل الله فتقول: (ذلک جزاؤهم جهنّم بما کفروا واتّخذوا آیاتی ورسلی هزو ) (1) .

وبذلک فإنَّ هؤلاء انتهوا إلى إنکار الأصول الأساسیة الثلاثة فی الإعتقاد الدینی (المبدأ، والمعاد، ورسالة الأنبیاء) والأکثر مِن الإنکار أنّهم استهزؤوا بهذه الاُمور!

والآن بعد أن عرفنا علامات الکفار والأخسرین أعمالا، وبعد أن انکشفت عاقبة أعمالهم، تتوجّه الآیات إلى المؤمنین فتبیِّن عاقبتهم، وبمقایسة بین الاثنین نستطیع تشخیص کلّ طرف بشکل کامل. تقول الآیة: (إنَّ الذین آمنوا وعملوا الصالحات کانت لهم جنّات الفردوس نزل ).

«الفردوس» بقول کبار المفسّرین (البستان) الذی یشتمل على کلّ النعم والمواهب اللازمة، وبذلک فالفردوس هو أفضل وأکمل البساتین فی الجنّة.

وبما أنَّ کمال النعم بدوامها وأن لا تطالها ید الزوال، لذا فإنَّ الآیة تقول  بلا فصل: (خالدین فیه ).

وبالرغم مِن أنَّ طبع الإنسان قائم على التغیُّر والتنوّع، إلاَّ أنَّ سکّان الجنّة  لا یطلبون تغییر مکانهم أو حالهم أبداً: (لا یبغون عنها حول ). ذلک لأنّهم یجدون کلّ ما یطلبون حتى التنوّع والتکامل کما سیأتی شرح ذلک.


1. هناک کلام بین المفسّرین حول ترکیب جملة (ذلک جزاؤهم) فالبعض اعتبر «ذلک» مبتدأ و«جزاؤهم» خبراً و«جهنم» بدلا، فی حین أنّ البعض الآخر اعتبر أنَّ المبتدأ محذوف و«ذلک» خبر له، و«جزاؤهم جهنم» مبتدأ لخبر آخر تقدیره: الأمر ذلک جزاؤهم جهنم. إلاّ أنّه یظهر أنَّ الرأی الأوّل أکثر تناسباً من غیره.
سورة الکهف / الآیة 103 ـ 108 1ـ مَن هم الأخسرون أعمالا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma