العالم ساحة اختبار:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 6 ـ 8 سورة الکهف / الآیة 9 ـ 12

الآیات السابقة کانت تتحدَّث عن الرسالة وقیادة النّبی (صلى الله علیه وآله)، لذا فإنَّ أوّل آیة نبحثها الآن، تُشیر إلى أحد أهم شروط القیادة، ألا وهی الإشفاق على الاُمّة فتقول: (فلعلّک باخعٌ نفسک على آثارهم إن لم یُؤمنوا بهذا الحدیث أسف ).

وهُنا یجب الإنتباه إلى بعض الملاحظات:

أوّلاً: «باخع» مِن «بخع» على وزن، «نَخَلَ» وهی بمعنى إهلاک النفس مِن شدّة الحزن والغم.

ثانیاً: کلمة «أسفاً» والتی تبیّن شدّة الحزن والغم، هی تأکید على هذا الموضوع.

ثالثاً: «آثار» جمع «أثر» وهی فی الأصل تعنی محل موضع القدم، إلاَّ أنَّ أی علامة تدلّ على شیء معیّن تُسَمّى أثراً.

إنَّ الاستفادة مِن هذا التعبیر فی الآیات أعلاه تشیر إلى ملاحظة لطیفة، وهی أنَّ الإنسان قد یُغادر فی بعض الأحیان مکاناً ما، ولکنَّ آثاره ستبقى بعده، وتزول إذا طالَ زمن المغادرة. فالآیة ترید أن تقول: أنّک على قدر مِن الحزن والغم لعدم إیمانهم بحیث ترید أن تُهلک نفسک مِن شدّة الحزن قبل أن تُمحى آثارهم.

ویُحتمل أن یکون الغرض مِن الآثار أعمالهم وتصرّفاتهم.

رابعاً: استخدام کلمة (حدیث) للتعبیر عن القرآن، هو إشارة إلى ما ورد من معارف جدیدة فی هذا الکتاب السماوی الکبیر، یعنی أنَّ هؤلاء لم یُفکّروا فی أن یستفیدوا ویبحثوا فی هذا الکتاب الجدید ذی المحتویات المستجدّة. وهذا دلیل على عدم المعرفة، بحیث إنَّ الإنسان بقدر قُربه مِن هذا الکتاب، إلاَّ أنَّهُ لا یلتفت إلیه.

خامساً: صفة الإشفاق لدى القادة الإلهیین:

نستفید مِن الآیات القرآنیة وتأریخ النبوّات، أنَّ القادة الإلهیین کانوا یتألّمون أکثر ممّا نتصور لضلال الناس، وکانوا یریدون لهم الإیمان والهدایة، ویألمون عندما یُشاهدون العطاشى جالسین بجوار النبع الصافی، ویأنّون مِن شدّة العطش، الأنبیاء یبکون لهم ویجهدون أنفسهم لیلا ونهاراً، ویبلّغون سرّاً وجهاراً، ویُنادون فی المجتمع مِن أجل هدایة الناس، إنّهم یألمون بسبب ترک الناس للطریق الواضح وتوجّههم نحو الطرق المسدودة، هذا الألم یکاد یوصلهم فی بعضِ الأحیان إلى حدِّ الموت، ولو لم یکن القادة بهذه الدرجة مِن الإهتمام لما انطبق علیهم المفهوم العمیق للقائد.

وبالنسبة لرسول الهدى (صلى الله علیه وآله) کانت تصل به حالة الحزن والشفقة إلى مرحلة خطرة على حیاته بحیث إنَّ الله تبارک وتعالى یُسلّیه.

فی سورة الشعراء نقرأ فی الآیتین 3 و4 قوله تعالى (لعلّک باخع نفسک ألاّ یکونوا مؤمنین * إن نشأ ننزّل علیهم مِن السماء آیة فظلَّت أعناقهم لها خاضعین ).

الآیة التی بعدها تجسِّد وضع هذا العالم وتکشف عن أنَّهُ ساحة للاختبار والتمحیص والبلاء، وتوضّح الخط الذی ینبغی أن یسلکهُ الإنسان: (إنا جعلنا ما على الأرض زینة له ).

لقد ملأنا العالم بأنواع الزینة، بحیث إنَّ کلَّ جانب فیه یُذهب بالقلب، ویحیّر الأبصار، ویثیر الدوافع الداخلیة فی الإنسان، کیما یتسنى امتحانه فی ظلّ هذه الإحساسات والمشاعر ووسط أنواع الزینة وأشکالها، لِتظهر قدرته الإیمانیة، ومؤهّلاته المعنویة.

لذلک تضیف الآیة مُباشرة قوله تعالى: (لِنبلوهم أیّهم أحسنُ عمل ).

أراد بعض المفسّرین حصر معنى (ما على الأرض ) بالعلماء أو بالرجال فقط، ویقولوا: إنَّ هؤلاء هم زینة الأرض، فی حین أنَّ لِهذه الکلمة مفهوماً واسعاً یشمل کلّ الموجودات على الکرة الأرضیة.

والظّریف هنا استخدام الآیة لِتعبیر (أحسن عمل ) ولیسَ (أکثر عملا) وهی إشارة إلى أنَّ حُسن العمل وکیفیته العالیة هما اللذان یحدِّدان قیمته عندَ ربّ العالمین، ولیسَ کثرة العمل أو کمّیته.

على أی حال فإنَّ هُنا إنذار لکلّ الناس، لکلّ المسلمین کی لا ینخدعوا فی ساحة الاختبار بزینة الحیاة الدنیا، وبدلا مِن ذلک علیهم أن یُفکّروا بتحسین أعمالهم.

ثمّ یبیّن تعالى أنَّ أشیاء الحیاة الدنیا لیست ثابتة ولا دائمة، بل مصیرها إلى المحوِ والزوال: (وإنّا لجاعلون ما علیها صعیداً جرز ).

«صعید» مُشتقّة مِن «صعود» وهی هُنا تعنی وجه الأرض، الوجه الذی یتّضح فیه التراب.

و«جرز» تعنی الأرض التی لا ینبت فیها الکلأ وکأنّما هی تأکل نباتها، وبعبارة اُخرى فإنّ «جرز» تطلق على الأرض الموات بسبب الجفاف وقلّة المطر.

إنَّ المنظر الذی نشاهدهُ فی الربیع فی الصحاری والجبال عندما تبتسم الورود وتتفتح النباتات، وحیثُ تتناجى الأوراق، وحیثُ خریر الماء فی الجداول... إنَّ هذه الحالة سوف لا تدوم ولا تبقى، إذ لا بدَّ أن یأتی الخریف، حیث تتعرى الأغصان وتنطفىء البسمة مِن شفاه الورود، وتذبل البراعم، وتجف الجداول، وتموت الأوراق، وتسکت فیها نغمة الحیاة.

حیاة الإنسان المادیة تشبه هذا التحوُّل، فلا بدّ أن یأتی ذلک الیوم الذی یضع نهایة للقصور التی تُناطح السماء، وللملابس الباذخة والنعم الکثیرة التی یَرفُل بها الإنسان، کذلک تنتهی المناصب والمواقع والإعتبارات، وسوف لن یبقى شیء من المجتمعات البشریة سوى القبور الساکنة الیابسة، وهذا درسٌ عظیم.

سورة الکهف / الآیة 6 ـ 8 سورة الکهف / الآیة 9 ـ 12
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma