مع أنّ هذه الآیات، صادرة عنه تعالى وتنفی وجود عضد له من الضالین، ونعلم أنّه تعالى لیسَ بحاجة إلى من یعینه سواء کان المعین ضالا أم لم یکن، لکنّها تقدّم لنا درساً کبیراً للعمل الجماعی، حیث یجب أن یکون الشخص المنتخب للنصرة والعون سائراً على منهج الحق والعدالة ویدعو إلیها، وما أکثر ما رأینا أشخاصاً طاهرین قد ابتلوا بمختلف أنواع الإنحرافات والمشاکل وأصیبوا بالخیبة وسوء الحظ جرّاء عدم الدقّة فی انتخاب الأعوان، حیث التفّ حولهم عدد من الضالّین والمضلّین حتى تلفت أعمالهم، وکانت خاتمة أمرهم أن فقدوا کلّ ملکاتهم الإنسانیة والإجتماعیة.
إنّنا نقرأ فی تاریخ کربلاء أنّ سید الشهداء الإمام الحسین (علیه السلام) قام یتمشى إلى (عبید الله بن الحر الجعفی) وهو فی فسطاطه حتى دخل علیه وسلّم علیه، فقام ابن الحر وأخلى له المجلس، فجلس ودعاه إلى نصرته، فقال عبید اللّه بن الحر: واللّه ما خرجت من الکوفة إلاّ مخافة أن تدخلها، ولا اُقاتل معک، ولو قاتلت لکنت أوّل مقتول، ولکن هذا سیفی وفرسی فخذهما...
فأعرض الإمام عنه بوجهه فقال: «إذا بخلت علینا بنفسک فلا حاجة لنا فی مالک، والآیة (وما کنت متّخذ المضلّین عضد )»(1) .
إشارة إلى أنّک ضال ومضل، ولا تستحق أن تکون نصیراً.
وعلى أیّة حال، فإنّ البقاء دون نصیر ومعین أفضل من طلب معونة الأشخاص الملوّثین والضالین واتّخاذهم عضداً.