ذریعة عامّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الإسراء / الآیة 94 ـ 95 بحوث

الآیات السابقة تحدَّثت عن تذرُّع المشرکین ـ أو قسم منهم ـ فی قضیة التوحید، أمّا الآیات التی نبحثها فإنّها تشیر إلى ذریعة عامّة فی مقابل دعوة الأنبیاء، حیثُ تقول: (وما منعَ الناس أن یؤمنوا إذ جاءهم الهُدى إلاَّ أن قالوا أبَعَثَ اللَّهُ بشراً رسول ).

هل یمکن التصدیق بأنَّ هذه المهمّة والمنزلة الرفیعة تقع على عاتق الإنسان، ثمّ ـ والکلام للمشرکین ـ ألم یکن الأولى والأجدر أن تقع هذه المهمّة وهذه المسؤولیة على عاتق مخلوق أفضل کالملائکة ـ مثلا ـ کی یستطیعوا أداء هذه المهمّة بجدارة... إذ أین الإنسان الترابی والرسالة الإلهیّة؟!

إنَّ هذا المنطق الواهی الذی تحکیه الآیة على لسانِ المشرکین لا یخصّ مجموعة أو مجموعتین مِن الناس، بل إنَّ أکثر الناس وفی امتداد تأریخ النّبوات قد تَذَرّعوا به فی مقابل الأنبیاء والرُسُل.

قوم نوح (علیه السلام) ـ مثلا ـ کانوا یعارضون نبیّهم بمثل هذا المنطق ویصرّحون: (ما هذا إلاَّ بشرٌ مِثلکم ) کما حَکَت ذلک الآیة 24 مِن سورة المؤمنون.

أمّا قوم هود فقد کانوا یُواجهون نبیّهم بالقول: (ما هذا إلاَّ بشرٌ مِثلکم یأکل ممّا تأکلون مِنهُ ویشرب ممّا تشربون ) کما ورد فی الآیة 33 مِن سورة المؤمنون. ثمّ أضافت الآیة 34 مِن نفس السورة قولهم: (ولئن أطعتم بشراً مثلکم إنّکم إذاً لخاسرون ).

نفس هذه الذریعة تمسّک بها المشرکون ضدّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) وأمام دعوة الإسلام التی جاءَ بها، إذ قالوا: (مال هذا الرّسول یأکل الطعام ویمشی فی الأسواق لولا أنزل إلیه ملک فیکون معهُ نذیر ) (1) .

القرآن الکریم أجاب هؤلاء جمیعاً فی جملة قصیرة واحدة ملیئة بالمعانی والدلالات، قال تعالى: (قُل لو کان فی الأرض ملائکةٌ یمشون مُطمئنّین لَنزَّلنا علیهم مِن السماء ملکاً رسول ).

یعنی أنَّ القائد یجب أن یکون مِن سنخ مَن بُعِثَ إلیه، ومِن جنس أتباعه، فالإنسان لجماعة البشر، والمَلَک لجماعة الملائکة.

ودلیل هذا التجانس والتطابق بین القائد وأتباعه واضح; فمن جانب یعتبر التبلیغ العملی أهم وظیفة فی عمل القائد مِن خلال کونه قدوة واسوة، وهذا لا یتمّ إلاَّ أن یکون القائد مِن جنسهم، یمتلک نفس الغرائز والأحاسیس، ونفس مکوّنات البناء الجسمی والروحی الذی یملکهُ کلّ فرد مِن أفراد جماعته، فلو کانَ الرّسول إلى البشر مِن جنس الملائکة الذین لا یملکون الشهوة ولا یحتاجون إلى الطعام والمسکن والملبس، فلا یستطیع أن یمثّل معنى الأسوة والقدوة لِمن بُعِثَ إلیهم، بل إنَّ الناس سوف یقولون: إنَّ هذا النّبی المرسل لا یعرف ما فی قلوبنا وضمائرنا، ولا یدرک ما تنطوی علیه أرواحنا من عوامل الشهوة والغضب وما إلى ذلک، إنَّ مثل هذا الرّسول یتحدّث إلى نفسه فقط، إذ لو کان مِثلنا یملک نفس أحاسیسنا ومشاعرنا لکانَ مِثلَ حالنا أو أسوأ، لذا لا اعتبار لکلامه.

أمّا عندما یکون القائد مِثل أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب (علیه السلام) الذی یقول: «إنّما هی نفسی أروضها بالتقوى لِتأتی أمنة یوم الخوف الأکبر» (2) . فإنّ مِثلَه یصلح أن یکون الأسوة والقدوة لِمن یقودهم.

مِن جانب آخر ینبغی للقائد أن یُدرک جمیع احتیاجات ومشاکل أتباعه کی یکون قادراً على علاجهم، والإجابةِ على أسئلتهم، لهذا السبب نرى أنَّ الأنبیاء برزوا مِن بین عامّة الناس، وعانوا فی حیاتهم کما یعانی الناس، وذاقوا جمیع مرارات الحیاة، ولمسوا الحقائق المؤلمة بأنفسهم وهیّأوا أنفسهم لمعالجتها ومصابرة مُشکلات الحیاة.


1. الفرقان، 7.
2. نهج البلاغة، الرسالة 45.
سورة الإسراء / الآیة 94 ـ 95 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma