3ـ ذریعة اُخرى لِنفی الإعجاز

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
2ـ الأفکار المحدودة والطلبات غیر المعقولة سورة الإسراء / الآیة 94 ـ 95

بالرّغم مِن وضوح الآیات أعلاه، وأنّها غیر معقَّدة، وأنَّ طلبات المشرکین من رسول الله (صلى الله علیه وآله) واضحة، وکذلک سبب تعامل رسول الله (صلى الله علیه وآله) السلبی مع هؤلاء معلوم أیضاً، إلاَّ أنَّ الآیات أصبحت ذریعة بید بعض المتذرّعین فی عصرنا الذین یصرّون على نفی أىّ معجزة لرسول الله (صلى الله علیه وآله).

و هؤلاء یعتبرون هذه الآیات من أوضح الأدلة على نفی الإعجاز عن رسول اللّه (صلى الله علیه وآله)حیث طلب المشرکون منه (صلى الله علیه وآله) أن یأتی بستة أنواع من المعاجز سواء من الأرض أو السماء وسواء کانت مفیدة لهم أم قاضیة بموتهم، إلاّ أنّه (صلى الله علیه وآله) لم یستطیع تنفیذ أیّ منها، وجوابه الوحید لهم کان (سبحان ربّی هل کنت إلاّ بشراً رسول ).

نحن نقول: إذا لم یکن متذرعو الیوم کأسلافهم، فإنّ ما ورد فی الآیات یکفیهم جواباً على ما أوردوا، إذ ینبغی أن نلاحظ ما یلی:

بعض الطلبات هزیلة، کمثل طلبهم إحضار الخالق جلّ وعلا والملائکة، أو المجیء برسالة من السماء فیها أسماؤهم وعناوینهم! البعض الآخر مما طلبوا، إذا أجابهم رسول اللّه (صلى الله علیه وآله) إلیه، سوف لن یبقى أثر لهم، وبالتالی لن تکون قضیة المعجزة ذات أثر فی إیمانهم أو عدمه، مثل قولهم أن یسقط علیهم کسفاً من السماء، أی أن تنزل علیهم صخور من السماء.

أمّا بقیة الطالبات المقترحة فتشمل الحصول على المزید من وسائل الحیاة المرفّهة والأموال والثروات الکبیرة، فی حین أنّ الانبیاء لم یأتوا لتحقیق هذه الاُمور.

وإذا افترضنا خلّو ما اقترحه المشرکون من المآخذ، فإنّنا نعلم ـ کما تخبر بذلک الآیات ـ أنّ ما طلبوه کان من نمط التحجّج والتذرّع أمام دعوة الرّسول (صلى الله علیه وآله) ولیس من مسؤولیة رسول اللّه (صلى الله علیه وآله) أن یجیبهم إلى ذرائعهم وتحجّجاتهم هذه، بل علیه أن یقدّم المعجزة بمقدار ما یثبت صدق دعوته، ولا شیء أکثر من ذلک.

بعض تعابیر هذه الآیات توضّح بنفسها ـ بصراحة شدیدة ـ مدى عناد وتذرّع هؤلاء بمثل هذه الطلبات، فمثلاً هم یقترحون على رسول اللّه (صلى الله علیه وآله) الصعود إلى السماء، ولکنّهم یقولون له، بأنّنا لا نصدّق صعودک إن لم تأتنا برسالة من السماء.

إذا کان هؤلاء طُلاّب معجزة ـ فقط ـ فلماذا لا یکفیهم صعود الرّسول (صلى الله علیه وآله) إلى السماء، ثمّ هل هُناک دلیل أوضح مِن هذا على عدم واقعیة هؤلاء القوم وعدم مَنطقیة عروضاتهم؟

إضافة إلى کلّ ما مر، فإنّنا نعلم أنَّ المعجزة مِن عمل الخالق جلَّ وعلا ولیست مِن عمل الرّسول (صلى الله علیه وآله)، فی حین یظهر واضحاً مِن کلامهم أنّهم کانوا یعتبرون المعجزة مِن فعله (صلى الله علیه وآله)، لذا کانوا ینسبون جمیع الأعمال إلیه مثل قولهم: (تفجر لنا مِن الأرض ینبوعاً... أو تُسقط السماء کما زعمت علینا کسفاً * أو تأتی بالله والملائکة ) وما إلى ذلک مِن طلبات.

الرّسول (صلى الله علیه وآله) کان یعتقد بأنَّ علیه أن یزیل هذه الأوهام مِن عقولهم، ویُثبت لهم بأنَّهُ لیس هو الله ولا هو شریکهُ، والمعجزة مِن الله دون سواه، فأنا بشرٌ مِثلکم، والفارق أنَّ الوحی ینزل علیّ، وبمقدار ما یلزم الأمر فإنَّ الله یُنزل المعاجز على یدی، ولا أستطیع أن أفعل أکثر مِن هذا، وقوله (سبحان ربّی ) شاهد على هذا المعنى، إذ أنَّ الخالق مُنزَّه عن أىّ شریک وشبیه.

وبالرّغم مِن أنَّ القرآن ذکر معاجز مُتعدِّدة لعیسى (علیه السلام) مِثل إحیاء الموتى وشفاء المرضى وغیر ذلک، إلاَّ أنَّ هذه المعجزات جمیعاً کانت مُلحقة بکلمة «بإذنی» أو «بإذن الله» أی إنّها تتم ـ فقط ـ بإذن الخالق، وأجریت على ید المسیح (علیه السلام) (1) .

أیّ إنسان یصدّق بأنّ انساناً یدّعی النّبوة، بل یعتبر نفسهُ خاتم النّبیین، ویذکر فی کتابه المعاجز الکثیرة للأنبیاء السابقین، إلاَّ أنَّهُ نفسهُ لا یستطیع أن یأتی بمعجزة؟!

ثمّ إنَّ الناس على هذا الفرض، ألا یعترضون على مثل هذا النّبی ویقولون لهُ: کیف تکون نبیّاً فی حین أنّک تعجز عن القیام بمعاجز مثل معاجز الأنبیاء الآخرین... فإن کُنت تدّعی أنّک أفضل مِنهم جمیعاً وخاتمهم، فکیف إذن تستقیم الدعوة مع عدم الإتیان بالمعجزات؟

إنَّ هذا الواقع ـ بحدِّ ذاته ـ دلیل على أنَّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) قد جاءَ ـ عند الضرورة واللزوم ـ بالمعجزات، ومن هُنا یتّضح أنّ عدم استسلام رسول الهدى (صلى الله علیه وآله) لطلبات المشرکین الآنفة إنّما یعود لعلمه (صلى الله علیه وآله) بعدم جدواها فی إثبات ما یلزم مِن نبوّته، وأنّها انطلقت ـ فقط ـ على سبیل التحجّج والتذرُّع مِن قبل عتاة قریش وکُبرائها، لذلک أهمل (صلى الله علیه وآله) هذا الکلام ولم یستجب لإقتراحاتهم غیر المنطقیة وغیر المعقولة.


1. یُمکن فی هذا الصدد مُراجعة الآیات 110 مِن سورة المائدة، و49 مِن سورة آل عمران.
2ـ الأفکار المحدودة والطلبات غیر المعقولة سورة الإسراء / الآیة 94 ـ 95
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma