حتمیة البعثْ وَیوم الحساب:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الإسراء / الآیة 49 ـ 52 سورة الإسراء / الآیة 53 ـ 57

الآیات السابقة تحدَّثت عن التوحید وَحاربت الشرک، أمّا الآیات التی نبحثها الآن فتتحدّث عن المعاد والذی یعتبر مکمّلا للتوحید.

لقد قُلنا سابقاً: إنَّ أهم العقائد الإسلامیة تتمثل فی الاعتقاد بالمبدأ والمعاد، والإعتقاد بهَذین الأصلین یربیّان الإنسان عملیاً وأخلاقیاً، وَیصدّانه عن الذنوب وَیدعوانه لأداء مسؤولیاته وَیرشدَانه إلى طریق التکامل.

الآیات التی نحنُ بصددها أجابت على ثلاثة أسئلة ـ أو شکوک ـ یُثیرها مُنکرو المعاد، ففی البدایة تحکی الآیات على لسان المنکرین استفهامهم: (وقالوا ءَإذا کنّا عظاماً وَرُفاتاً ءَإنَّا لمبعوثون خلقاً جدید ) (1) . یقول هؤلاء: هل یُمکن أن تجتمع هَذِهِ العظام المتلاشیة الداثرة المتناثرة فی کلّ مکان؟ وهل یمکن أن تُعَاد لها الحیاة مرّة اُخرى؟!. ثمّ أین هَذِهِ العظام النخرة المتناثرة فی کلّ حدب وَصوب مِن هَذا الإنسان الحی القوی العاقل؟

إنَّ التعبیر القرآنی فی هذه الآیة الکریمة یدلل على أنَّ الرّسول (صلى الله علیه وآله) کانَ یبیّن فی دعوته (المعاد الجسمانی) بعد موت الإنسان، إذ لو کانَ الکلام عن معاد الروح فقط، لم یکن ثمّةَ سبب لإیراد مِثل هَذِهِ الإشکالات مِن قبل المعارضین والمنکرین.

القرآن فی إجابته على هؤلاء یبیّن أنَّ قضیة بعث عظام الإنسان سهلة وممکنة، بل وأکثر من ذلک، فحتى لو کنتم حجارة أو حدیداً: (قل کونوا حجارة أو حدید ) وحتى لو کنتم أشدّ من الحجر والحدید وأبعد منهما من الحیاة: (أو خلقاً ممّا یکبر فی صدورکم ) فإنَّ البعث سیکون مصیرکم.

مِن الواضح أنَّ العظام بعد أن تندثر وَتتلاشى تتحول إلى تُراب، والتراب فیه دائماً آثار الحیاة، إذ النباتات تنمو فی التربة، والأحیاء تنمو فی التراب، وأصل خلقة الإنسان هی من التراب، وَهذَا کلام مُختصر على أنَّ التراب هو أساس الحیاة.

أمّا الحجارة أو الحدید أو ما هو أکبر مِنهما، تحدّى بِهِ القرآن مُنکرِى المعاد، فإنَّ کلّ هَذِهِ اُمور بینها وَبین الحیاة بونٌ شاسع، إذ لا یمکن للنبات مثلا أن ینبت فی الحدید أو الصخر أمّا القرآن فیبیّن أن لا فرق عِند الخالق جلَّ وَعلا، مِن أی مادة کنتم، إذ إنّ عودتکم إلى الحیاة بعد الموت تبقى ممکنة، بل وَهی المصیر الذی لابدَّ وأن تنتهون إلیه.

إنَّ الأحجار تتلاشى وَتتحول إلى تراب، وأصل الحیاة ینبع مِن هَذا التراب، الحدید هو الآخر یتلاشى وَیتفاعل مَع باقی الموجودات على الکرة الأرضیة لیدخل فی أصل مادتها وَفی ترکیبها الترابی الذی هو أیضاً أصل الحیاة الذی تنبع مِن داخله وَمِن مادته الموجودات الحیَّة. وَهکذا تحتوی جمیع موجودات الکرة الأرضیة بما فیها الإنسان، فی بنائها وَترکیبها على خلیط مِن الفلزات واللافلزات. وَهَذا التحوُّل والتغیُّر فی حرکة الموجودات، دَلیل على أنَّ جمیع مخلوقات عالم الوجود لها قابلیة التحوُّل إلى موجود حَیّ باختلاف واحد یقع فی الدرجة والمرحلة، إذ بعضها یکون فی مرتبة أقرب إلى الحیاة مِثل التراب، بینما بعضها الآخر یکون فی مرتبة أبعد مِثل الحجارة والحدید.

السؤال التشکیکی الآخر الذی یُثیره مُنکرو المعاد هو: إذا سلَّمنا بأنَّ هَذِهِ العظام المُندثرة المتلاشیة یُمکن أن تَعود إلى الحیاة، فمن یستطیع أن یقوم بهَذا الأمر، وَمَن الذی لهُ قدرة القیام بهَذِهِ العملیة المعقَّدة للغایة؟

هَذا السؤال تصوغه الآیة بالقول على لسان المنکرین: (فسیقولون مَن یُعیدن ) القرآن یجیب على هَذا السؤال حیث یقول: (قل الذی فطرکم أوَّل مَرَّة ). إذا کانَ شککم فی (القابلیة) فقد کنتم تراباً فی أوّل الأمر، فما المانع أن تصیرون تراباً، ثمّ یعیدکم مَرَّةً اُخرى إلى الحیاة مِن نفس التراب؟!

وإذا کان شککم فی (الفاعلیة) فإنَّ الخالق الذی خلقکم فی البدایة مِن تراب یستطیع مرّة اُخرى أن یکرِّر هَذا العمل لأنَّ: «حکم الأمثال فیما یجوز وَفیما لا یجوز واحد».

بعد الانتهاء مِن الشک الأوّل والثّانی الذی یطلقهُ المنکرون للمعاد، تنتقل الآیات إلى الشک الثّالث الذی تصوغُهُ على لسانهم بِهَذا السؤال: (فسینغضون إلیک رؤوسهم وَیقولون مَتى هو ).

«سینغضون» مشتقّة مِن مادة «إنغاض» بمعنى مدّ الرأس نحو الطرف المقابل بسبب التعجُّب.

ما یقصده هؤلاء مِن سؤالهم ـ فی الواقع ـ هو قولهم: لو اعترفنا بقدرة الخالق على إعادة بعث الإنسان مِن التراب مِن جدید، فإنَّ هذا یبقى مجرّد وَعد لا ندری مَتى یتحقق، إذا کانَ سیحصل هَذا فی آلاف أو ملایین السنین القادمة فما تأثیره فی یومنا هَذا... إنَّ المهم أن نتحدَّث عن الحاضر لا عن المستقبل!!

ویجیب القرآن بقوله: (قل عسى أن یکون قریب ) إنّ یوم المعاد ـ طبعاً ـ قریب، لأنَّ عمر العالم والحیاة على الأرض، مهما طالت، فإنّها فی قبال الحیاة الأبدیة تعتبر لا شیء، إذ هی مجرّد لحظات سریعة وَعابرة وسرعان ما تنتهی.

إضافة إلى ذلک، فإنَّ القیامة إذا کانت فی تصوراتنا المحدودة بعیدة فإنَّ مقدمة القیامة والتی هی الموت، تعتبر قریبة منّا جمیعاً، لأنَّ الموت هو القیامة الصغرى (إذا ماتَ الإنسان قامت قیامته)، صحیح أنَّ الموت لا یمثل القیامة الکبرى، وَلکنَّه علامة علیها ومذکّر بها.

کما إنَّ استخدام کلمة «عسى» فی الآیة الشریفة هو إشارة إلى أنَّ لا أحد یعرف ـ وَبدقة ـ متى تقوم القیامة؟ حتى شخص الرّسول (صلى الله علیه وآله)، وَهَذا الأمر هو مِن أسرار الکون والخلیقة التی لا یعلمها سوى الله تبارک وتعالى.

فی الآیة التی بعدها إشارة إلى بعض خصوصیات القیامة فی قوله تعالى: (یوم یدعوکم فتستجیبون بحمده ) أی إنّ بعثکم یکون یوم یدعوکم من القبور فتمتثلون لأمره طوعاً أوکرهاً، والآیة ـ بالطبع ـ تتحدث عن خصوصیة یوم القیامة لا عن موعد القیامة.

فی ذلک الیوم ستظنون أنّکم لبثتم قلیلا فی عالم ما بعد الموت (البرزخ) وَهو قوله تعالى: (وَتظنّون إن لبثتم إلاَّ قلیل ) إنَّ هذا الإحساس سیطغى على الإنسان فی یوم القیامة، وَهو یظن أنَّهُ لم یلبث فی عالم البرزخ إلاَّ قلیلا، بالرغم مِن طول الفترة التی قضاها هُناک، وَهَذِهِ إشارة إلى أنَّ حیاة البرزخ لا تعتبر فی مدتها شیئاً فی قبال عالم الخلود الاُخروی.

بعض المفسّرین یحتمل أنَّ الغرض مِن الآیة هو الإشارة إلى حیاةِ الإنسان فی الدنیا، والمعنى أنَّ الإنسان سیدرک فی یوم القیامة أنَّ الحیاة الدنیویة لم تکن إلاَّ وَقفة، أو یوم، بل وَساعات قصار سریعة الزوال فی مقابل الحیاة الآخر الأبدیة.


1. «رُفات» على وزن «کُرات» وهو معنى یطلق على کلِّ شیء قدیم وَمُتلاش.
سورة الإسراء / الآیة 49 ـ 52 سورة الإسراء / الآیة 53 ـ 57
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma