فلسفة تحریم الزنا:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
ستةُ أحکام مهمّة: 1ـ أضرار التطفیف فی الکیل

یمکن الإشارة إلى خمسة عوامل فی فلسفة تحریم الزنا، هی:

شیاع حالة الفوضى فی النظام العائلی، وانقطاع العلاقة بین الأبناء والآباء، هذه الرابطة التی تختص بکونها سبباً للتعارف الاجتماعی، بل إنّها تکون سبباً لصیانة الأبناء، ووضع اُسس المحبّة الدائمة فی مراحل العمر المختلفة، والتی هی ضمانة الحفاظ على الأبناء.

إنَّ العلاقات الاجتماعیة القائمة على أساس العلاقات العائلیة ستتعرض للانهیار والتصدّع إذا شاع وجود الابناء غیر الشرعیین «أبناء الزنا»، وللمرء أن یتصوّر مصیر الأبناء فیما إذا کانوا ثمرة للزنا، ومقدار العناء الذی یتحملونه فی حیاتهم مِن لحظة الولادة وحتى الکبر.

وعلاوة على ذلک، فإنّهم سیحرمون من الحبّ الاُسری الذی یعتبر عاملا فی الحدّ من الجریمة فی المجتمع الإسلامی، وحینئذ یتحوّل المجمتع الإنسانی بالزنا إلى مجتمع حیوانی تغزوه الجریمة والقساوة من کلّ جانب.

إنَّ إشاعة الزنا فی جماعة ما، ستقود إلى سلسلة واسعة مِن الانحرافات أساسها التصرفات الفردیة والاجتماعیة المنحرفة لذوی الشهوات الجامحة. وما ذکر فی هذا الصدد من القصص عن الجرائم والانحرافات المنبعثة عن مراکز الفحشاء والزنا فی المجتمعات یوضّح هذه الحقیقة، وهی أنّ الانحرافات الجنسیة تقترن عادة بأبشع ألوان الجرائم والجنایات.

لقد أثبت العلم ودلَّت التجارب على أنَّ إشاعة الزنا سبب لکثیر مِن الأمراض والمآسی الصحیة وکلّ المعطیات تشیر إلى فشل مُکافحة هذه الأمراض مِن دون مُکافحة الزنا. (یمکن أن تلاحظ موجات مرض الإیدز فی المجتمعات المعاصرة، ونتائجها الصحیة والنفسیة المدمِّرة).

إنَّ شیاع الزنا غالباً ما یؤدّی إلى محاولة إسقاط الجنین وقطع النسل، لأنَّ مِثل هؤلاء النساء «الزانیات» لا یرضین بتربیة الأطفال، وعادة ما یکون الطفل عائقاً کبیراً أمام الإنطلاق فی ممارسة هذه الأعمال المنحرفة، لذلک فهنّ یُحاولن إسقاط الجنین وقطع النسل.

أمّا النظریة التی تقول، بأنَّ الدولة یمکنها ـ من خلال مؤسسات خاصّة ـ جمع الأولاد غیر الشرعیین وتربیتهم والعنایة بهم، فإنَّ التجارب أثبتت فشل هذه المؤسسات فی تأدیة أهدافها، إذ هناک صعوبات التربیة، وهناک النظرة الاجتماعیة لهؤلاء، ثمّ هناک ضغوطات العزلة والوحدة وفقدان محبّة الوالدین وعطفهما، کلّ هذه العوامل تؤدّی إلى تحویل هذه الطبقة مِن الأولاد الى قساة وجناة وفاقدی الشخصیة.

یجب أن لا ننسى أنَّ هدف الزواج لیس إشباع الغریزة الجنسیة وحسب، بل المشارکة فی تأسیس الحیاة على أساس تحقیق الإستقرار الفکری والأنس الروحی للزوجین. وأمّا تربیة الأبناء والتعامل مع قضایا الحیاة، فهی آثار طبیعیة للزواج، وکلّ هذه الاُمور لا یمکن لها أن تثمر مِن دون أن تختص المرأة بالرجل، وقطع دابر الزنا وأشکال المشاعیّة الجنسیة.

فی حدیث عن الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام) یقول: سمعت رسول اللّه (صلى الله علیه وآله) یقول: «فی الزنا ست خصال: ثلاث فی الدنیا وثلاث فی الآخرة. فأمّا اللاتی فی الدنیا، فیذهب بنور الوجه، ویقطع الرزق، ویسرع الفناء. وأمّا اللّواتی فی الآخرة، فغضب الرب، وسوء الحساب، والدخول فی النّار، أو الخلود فی النّار» (1) .

ثالثاً: الحکم الآخر الذی تشیر إلیه الآیة التی بعدها، هو احترام دماء البشر، وتحریم قتل النفس حیث تقول: (ولا تقتلوا النفس التی حرّم اللّه إلاّ بالحق ).

إنَّ احترام دماء البشر وحرمة قتل النفس تعتبر من المسائل المتفق علیها فی کلّ الشرائع السماویة وقوانین البشر، فقتل النفس المحترمة لدى الجمیع مِن الذنوب الکبیرة، إلاَّ أنَّ الإسلام أعطى أهمّیة استثنائیة لهذه المسألة بحیث اعتبر مَن یقتل إنساناً فکأنّما قتل الناس جمیعاً، کما فی الآیة 32 مِن سورة المائدة (مَن قتل نفساً بغیر نفس أو فساد فی الأرض فکأنّما قتل الناس جمیع ). بل نستفید مِن بعض الآیات القرآنیة أنَّ جزاء قتل النفس بغیر حق هو الخلود فی النّار، وأنَّ هؤلاء الذین یتورطون فی دم الأبریاء یخرجون عن ربقة الإیمان، ولا یمکن أن یخرجوا مِن هذه الدنیا مؤمنین: (وَمَن یقتل مؤمناً مُتعمّداً فجزاؤه جهنَّم خالداً فیه ) (2) . وحتى فی الإسلام فإنَّ الذین یشهرون السلاح بوجه الناس ینطبق علیهم عنوان «محارب» وهذا الصنف لهُ عقوبات شدیدة مُفصّلة فی المصنفات الفقهیة، وقد أشرنا إلى بعضها أثناء الحدیث عن الآیة 33 من سورة المائدة.

إنَّ الإسلام یُحاسب على أقل أذى ممکن أن یلحقهُ الإنسان بالآخرین، فکیف بقضیة القتل وإراقة الدماء؟! وهنا نستطیع أن نقول ـ باطمئنان ـ : إنّنا لا نرى أیَّ شریعة غیر الإسلام أعطت هذه الحرمة الاستثنائیة لدم الإنسان، بالطبع هناک حالات ینتفی معها إحترام دم الإنسان، کما لو قام بالقتل أو ما یوجب إنزال العقوبة به، لذلک فإنَّ الآیة بعد أن تُثبت حرمة الدم کأصل، تشیر للإستثناء بالقول: (إلاّ بالحق ).

وفی حدیث معروف عن الرّسول (صلى الله علیه وآله) نقرأ: «لا یحل دم امریء مسلم یشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمداً رسول اللّه إلاّ بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والزانی المُحصن، والتارک لدینه المفارق للجماعة» (3) .

أمّا القاتل فتکون نهایتهُ معلومة بالقصاص، الذی یُؤمّن استمرار الحیاة واستقرارها، وإذا لم یعط الحق لأولیاء دم المقتول بالقصاص مِن القاتل، فإنَّ القتلة سیتجرؤون على المزید من القتل والإخلال بالأمن الإجتماعی.

أمّا الزانی المحصن، فإنّ قتله فی قبال واحد من أعظم الذنوب قباحة، وهو یساوى سفک الدم الحرام فی المرتبة.

أمَّا قتل المرتد فیمنع الفوضى والإخلال فی المجتمع الإسلامی، وهذا الحکم ـ کما أشرنا سابقاً ـ هو حکم سیاسی، لأجل حفظ النظام الاجتماعی فی قبال الأخطار التی تهدِّد کیان النظام الإسلامی ووحدة أمنه الاجتماعی، والإسلام ـ عادةً ـ لا یفرض على أحد قبول الإنتماء إلیه، ولکن إذا اقتنع أحد بالإسلام واعتنقهُ، وأصبح جزءاً من المجتمع الإسلامی، واطلع على أسرار المسلمین، ثمّ أراد بعد ذلک الإرتداد عن الإسلام ممّا یؤدّی عملا إلى تضعیف وضرب قواعد المجتمع الإسلامی، فإنّ حکمه سیکون القتل(4) بالشرائط المذکورة فی الکتب الفقهیة.

إنَّ حرمة دم الإنسان فی الإسلام لا تختص بالمسلمین وحسب، بل تشمل غیر المسلمین أیضاً مِن غیر المحاربین، والذین یعیشون مع المسلمین عیشة مُسالمة، فإنَّ دماءهم ـ أیضاً ـ وأعراضهم وأرواحهم مصونة ویحرم التجاوز علیها.

تشیر الآیة بعد ذلک إلى إثبات حق القصاص بالمثل لولی القتیل فتقول: (ومَن قتل مظلوماً فقد جعلنا لولیّه سلطان ). ولکن فی نفس الوقت ینبغی لولی المقتول أن یلتزم حدّ الإعتدال ولا یسرف (فلا یسرف فی القتل إنَّهُ کانَ منصور ) إذ ما دام ولی الدم یتحرک فی الحدود الشرعیة فإنّه سیکون مورداً لنصرة اللّه تعالى.

والنهی عن الإسراف تشیر إلى واقع کان سائداً فی الجاهلیة، والیوم أیضاً یُمکن مُشاهدة نماذج لها، فحین یُقتل فرد مِن قبیلة معیّنة، فإنّها تقوم بهدر الکثیر مِن الدماء البریئة من قبیلة القاتل.

أو أن یقوم أولیاء الدم بقتل أناس أبریاء أو الذین لا یستطیعون الدفاع عن أنفسهم. کأن یکون المقتول شخصاً معروفاً وذا منزلة إجتماعیة، فإنَّ أهله وفق الأعراف الجاهلیة، سوف لن یکتفوا بحدّ القصاص الشرعی، بل یقتلون فرداً معروفاً ومکافئاً فی منزلته الإجتماعیة للمقتول من قبیلة القاتل حتى وإن لم یکن له أىّ دور فی عملیة القتل.(5)

وعصرنا الحاضر، شهد مِن التجاوز فی الإسراف وهدر دِماء الأبریاء ما غسل معه عار أهل الجاهلیة، فهذه إسرائیل الیوم تقوم بحجة قتل أحد جنودها بإلقاء القنابل والصواریخ على رؤوس النساء والأطفال الفلسطنیین الأبریاء، وتعمد إلى هدم دیارهم.

کذلک شهدت سنوات الحرب الظالمة التی شنّها النظام البعثی على الجمهوریة الإسلامیة أسواء أنواع العدوان على دماء الأبریاء والإسراف فی القتل.

إنَّ رعایة العدالة ـ حتى فی عقاب القاتل ـ مهمّة جداً فی نظر الإسلام، لذلک نقرأ فی وصیة الإمام علی (علیه السلام)، بعد أن اغتاله عبدالرحمن بن ملجم المرادی قوله: «یا بنی عبد المطلب، لا ألفینّکم تخوضون دماء المسلمین خوضاً، تقولون قتل أمیر المؤمنین، ألا لا تقتلن بی إلاّ قاتلی، انظروا إذا أنا مت مِن ضربته هذه، فاضربوه، ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل» (6) .

رابعاً: الآیة التی بعدها تشیر الى حفظ مال الیتیم، والملاحظ أنَّ الآیة استخدمت نفس اُسلوب الآیة التی سبقتها، فلم تقل: لا تأکلوا مال الیتیم وحسب، وإنّما قالت: (ولا تقربوا مال الیتیم ).

وفی هذا التعبیر تأکید على حرمة مال الیتیم. ولکن قد تکون هذه الآیة حجة لبعض الجهلاء الذین سیترکون مال الیتامى یُهدر ویکون عرضة للحوادث بدون أن یکون علیه قیّم، لذلک استثنت بقوله: (إلاّ بالتی هی أحسن ). وبناء على هذا الاستثناء یمکن التصرف بأموال الیتامى بشرط حفظ هذه الأموال، وتنمیتها وتکثیرها. وهذا الوضع یستمر الى أن یبلغ الیتیم سنّ الرشد ویستطیع فکریاً واقتصادیاً أن یکون قیّماً على نفسه وأمواله (حتى یبلغ أشدّه ).

«أشدّ» مأخوذة مِن «شدّ» على وزن «جدّ» وهی بمعنى «العقدة المحکمة» ثمّ توسّع المعنى فیما بعد لیشمل أی نوع مِن القوّة الروحیة والجسمیة. والمقصود من کلمة «أشد» فی الآیة هو الوصول إلى مرحلة البلوغ. ولکن لیس البلوغ الجسمی وحسب، وإنّما الرشد الفکری والقدرة الإقتصادیة التی تؤهّل الیتیم لأن یحفظ أمواله. اختیار کلمة «أشد» فی الآیة هو لتحقیق کلّ هذه المعانی مجتمعة، والتی یمکن اختیارها بالتجربة.

الأیتام ظاهرة طبیعیة فی أىّ مجتمع، ووجودهم یکون تبعاً لحوادث مختلفة یمرّ بها المجتمع، والدوافع الإنسانیة تفرض رعایة هؤلاء الیتامى من قبل الخیّرین والمحسنین فی المجتمع، والإسلام یحثّ على رعایة الأیتام، وقد تحدّثنا عن هذا الأمر مُفصّلا فی الآیة 2 مِن سورة النساء.

والشیء الذی نرید أن نضیفهُ هنا هو أنّ بعض الرّوایات والأحادیث الإسلامیة وسّعت فی مفهوم الیتیم لیشمل الأفراد الذین انقطعوا عن إمامهم وقائدهم، ولا یصل صوت الحق إلیهم، وهذا المعنى نوع مِن التوسّع فی المفهوم واستفادة معنویة مِن حکم مادی.

خامساً: تشیر الآیة بعد ذلک إلى الوفاء بالعهد فتقول: (وأوفوا بالعهد إنَّ العهد کان مسؤول ). إنَّ الکثیر مِن العلاقات الاجتماعیة وخطوط النظام الاقتصادی والمسائل السیاسیة قائمة على محور العهود، بحیث إذا ضعف هذا المحور وانهارت الثقة بین الناس، فسینهار النظام الاجتماعی وستحل الفوضى، ولهذا السبب تؤکّد الآیات القرآنیة ـ بقوّة ـ على قضیة الوفاء بالعهود.

«العهد» لهُ معان واسعة، فهو یشمل العهود والمواثیق الخاصة بین الأفراد فی القضایا الاقتصادیة والمعاشیة، وفی العمل والزواج، وهو یشمل أیضاً المواثیق والمعاهدات بین الحکومات والشعوب، وفوق ذلک فإنَّ العهد یشیر الى میثاق الاُمم مع اللّه ورسله وکتبه، وکذلک العکس، أی التزام هؤلاء بالعهد أمام الناس(7) .

سادساً: آخر حکم من الأحکام الستة، یتصل بالعدل فی الوزن والکیل ورعایة حقوق الناس فی ذلک ومحاربة التطفیف فی المیزان حیثُ تقول الآیة الکریمة: (وأوفوا الکیل إذا کلتم وزنوا بالقسطاس المستقیم ذلک خیر وأحسن تأویل ).


1. تفسیر مجمع البیان، ج 6، ص 414.
2. النساء، 93.
3. صحیح البخاری ومسلم نقلا عن تفسیر فی ظلال القرآن، ج 5، ص 323.
4. هناک بحث مفصّل فی نهایة الآیة 106 من سورة النحل، من التّفسیر الأمثل حول الإرتداد، وفلسفة العقوبات الشدیدة للمرتد.
5. یراجع تفسیر روح المعانی، ذیل الآیة مورد البحث.
6. نهج البلاغة، الرسائل، 47.
7. بالنسبة لأهمیة الوفاء بالعهد والقسم لدینا بحث مفصّل حول الموضوع یمکن مراجعته فی بحث الآیات 91 ـ 94 مِن سورة النحل.
ستةُ أحکام مهمّة: 1ـ أضرار التطفیف فی الکیل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma