أربعة اُصول إسلامیة مهمّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الإسراء / الآیة 13 ـ 15 1ـ التفؤل والتطیُّر

لقد تحدَّثت الآیات القرآنیة السابقة عن القضایا التی تتصل بالمعادِ والحساب، لذلک فإنَّ الآیات التی نبحثها الآن تتحدَّث عن قضیة «حساب الأعمال» التی یتعرض لها البشر، وکیفیة ومراحل إنجاز ذلک فی یوم المعاد والقیامة حیثُ یقول تعالى: (وکلَّ إنسان ألزمناهُ طائرهُ فی عنقه ).

«الطائر» یعنی الطیر، ولکن الکلمة هنا تشیر إلى معنى آخر کانَ سائداً ومعروفاً بین العرب; إذ کانوا یتفألون بواسطة الطیر; وکانوا یعتمدون فی ذلک على طبیعة الحرکة التی یقوم بها الطیر. فمثلا إذا تحرَّک الطیر مِن الجهة الیمنى، فَهُم یعتبرون ذلک فألا حسناً وَجمیلا، أمّا إذا تحرَّک الطیر مِن الیُسرى فإنَّ ذلک فی عُرفهم وعاداتهم علامة الفأل السىّء، أو ما یعرف بلغتهم بالتطیّر، من هنا فإنّ هذه الکلمة غالباً ما کانت تعنی الفأل السىّء فی حین أنَّ کلمة التفؤل (عکس التطیُّر) کانت تُشیر إلى الفأل الجمیل الحسن.

وفی الآیات القرآنیة وَرد مراراً أنَّ «التطیُّر» هو بمعنى الفأل السىّء حیثُ یقول تعالى فی الآیة 131 مِن سورة الأعراف: (وإن تُصبهم سیّئةً یَطّیّروا بموسى وَمَن معهُ ) وفی الآیة 47 مِن سورة النمل نقراُ أیضاً: (قالوا اطّیّرنا بک وبمن معک ) والآیة تحکی خطاب المشرکین مِن قوم صالح (علیه السلام) لنبیّهم.

بالطبع عِندما نقرأ الأحادیث والرّوایات الإسلامیة نراها تنهى عن «التطیُّر» وتجعل «التوکّل على اللّه» طریقاً واُسلوباً لمواجهة هذه العادة.

وفی کلِّ الأحوال فإنَّ کلمة «طائر» فی الآیة التی نبحثها، تشیر إلى هذا المعنى بالذات، أو أنّها على الأقل تُشیر إلى مسألة «الحظ وحسن الطالع» التی تقترب فی اُفق واحد مع قضیة التفؤل الحَسَنِ والسىّء، إنّ القرآن ـ فی الحقیقة ـ یبیّن أنَّ التفؤل الحسن والسىّء أو الحظ النحس والجمیل، إنّما هی أعمالکم لا غیر، والتی ترجع عهدتها إلیکم وتتحملون على عاتقکم مسؤولیاتها.

إنَّ تعبیر الآیة الکریمة، بکلمتی «ألزمناه» و«فی عنقه» تدُلان بشکل قاطع على أنَّ أعمال الإنسان والنتائج الحاصلة عن هذه الأعمال لا تنفصل عنه فی الدنیا ولا فی الآخرة، وهُو بالتالی وفی کلّ الأحوال، علیه أن یکون مسؤولا عنها، إذ إنّ الملاک هو العمل دون غیره.

بعض المفسّرین ذکروا فی إطلاق معنى کلمة «طائر» على الأعمال الإنسانیة أنّها تعنی أنَّ الأعمال الحسنة والأعمال القبیحة للإنسان کالطیر الذی یطیر مِن بین جنباته، لذلک شبّهوها (أی الأعمال) بالطائر.

وفی کلّ الأحوال، اختلفَ المفسّرون فی معنى کلمة (طائر ) فی هذه الآیة، وقد أوردوا فی ذلک مجموعة احتمالات مِنها أنَّ «الطائر» بمعنى «حصیلة ما یجنیه الإنسان من أعماله الحسنة والسیئة»، أو أنَّ الطائر بمعنى «الدلیل والعلامة»، وبعضهم قال: إنّ معناه «صحیفة أعمال الإنسان» بینما ذهب البعض الآخر إلى أنَّ معنى «الطائر» هو «الیُمن والشؤم».

ولکنّ الملاحظ فی هذه التّفسیرات جمیعاً، أنَّ بعضها یرجع إلى نفس التّفسیر الذی ذکرناه فی البدایة; کما أنّ بعضها الآخر بعید عن معنى الآیة.

یقول القرآن بعد ذلک: (وَنخرج لُه یوم القیامة کتاباً یلقاه منشور ). ومِن الوضح أنَّ المقصود مِن «الکتاب» فی الآیة الکریمة هی صحیفة الأعمال لا غیر، وهی نفس الصحیفة الموجودة فی هذه الدنیا والتی تُثبّت فیها الأعمال، ولکنّها هنا (فی الدنیا) مخفیّةٌ عنّا ومکتومة، بینما فی الآخرة مکشوفة ومعروفة.

إنَّ التعبیر القرآنی فی کلمتی «نخرج» و«منشوراً» یشیر إلى هذا المعنى، إذ نخرج وننشر ما کان مخفیّاً ومکتوماً.

وبالنسبة لصحیفة الأعمال وحقیقتها وما یتعلق بها، فسیأتی البحث عنها فی نهایة هذه الآیات.

فی هذه اللحظة یُقال للإنسان: (اقرأ کتابک کفى بنفسک الیوم علیک حسیب ) یعنی أنَّ المسألة ـ مسألة المصیر ـ بدرجة مِن الوضوح والعلنیة والإنکشاف، بحیثُ إنّ کلّ من یرى صحیفة الأعمال هذه سیحکم فیها على الفور ـ مهما کانَ مجرماً ـ لماذا؟ لأنَّ صحیفة الأعمال هذه ـ کما سیأتی ـ هی مجموعة مِن آثار الأعمال أو هی نفس الأعمال، وبالتالی فلا مجال لانکارها فإذا سمعت ـ أنا ـ صوتی مِن شریط مُسجَّل، أو رأیتُ صورتی وهی تضبط قیامی ببعض الأعمال الحسنة أو السیئة; فهل أستطیع أن أنکر ذلک؟ کذلک صحیفة الأعمال فی یومِ القیامة; بل هی أکثر حیویة ودقة مِن الصورة والصوت!

الآیة التی بعدها توضّح أربعة أحکام أساسیة فیما یخص مسألة الحساب والجزاء على الأعمال، وهذه الأحکام هی:

أوّلاً تُقرِّر أنَّ (من اهتدى فإنّما یهتدی لنفسه ) حیث تعود النتیجة علیه.

ثمّ تُقرِّر أیضاً أنَّ (وَمَن ضلَّ فإنّما یضل علیه ).

وقرأنا نظیر هذین الحکمین فی الآیة السابعة مِن هذه السورة فی قوله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسکُم وإن أسأتُم فَله ).

ثمّ تنتقل الآیة لتقول: (ولا تزرُ وازرةٌ وزر اُخرى ).

«الوزر» بمعنى الحمل الثقیل. وأیضاً تأتی بمعنى المسؤولیة، لأنَّ المسؤولیة ـ أیضاً ـ حمل معنوی ثقیل على عاتق الإنسان، فإذا قیل للوزیر وزیراً، فإنّما هو لتحملّه المسؤولیة الثقیلة على عاتقه مِن قبل الناس أو الأمیرالحاکم.

طبعاً هذا القانون الکُلّی الذی تُقرِّره آیة (ولا تزرُ وازرةٌ وزر اُخرى ) لا یتنافى مع ما جاء فی الآیة 25 مِن سورة النحل التی تقول: (لیحملوا أوزارهم کاملةً یوم القیامة ومن أوزار الذین یُضلّونَهُمْ بغیر علم ألا ساء ما یزرون ) لأنَّ هؤلاء بسبب تضلیلهم للآخرین یکونون فاعلین للذنب أیضاً، أو یُعتبرون بحکم الفاعلین له، ولذلک فهم فی واقع الأمر یتحملونَ أوزارهم وذنوبهم، وبتعبیر آخر: فإنَّ «السبب» هنا هو فی حکم «الفاعل» أو «المُباشر».

کذلک مرَّت علینا روایات مُتعدِّدة حول مسألة السُنَّة السیئة والسنَّة الحسنة، والتی کانَ مؤدّاها أنَّ مَن سنَّ سنةً سیئة أو حسنة فإنَّهُ سیکون لهُ أجرٌ مِن نصیب العاملین بها، وهو شریکهم فی الثواب أو العقاب وهذا الأمر هو الآخر لا یتنافى مع قاعدة (ولا تزرُ وازرةٌ وزر اُخرى ) لأنَّ المؤسس للسُنّة، یعتبر فی الحقیقة أحد اجزاء العلة التامّه للعمل، وهو بالتالی شریک فی العمل والجزاء.

الحکم الرّابع یتمثل فی قوله تعالى: (وما کُنّا معذّبین حتى نبعث رسول ) یقوم ببیان التکلیف وإلقاء الحجة.

هناک نقاش بین المفسّرین حول نوع العذاب المقصود هنا، وهل هو نوع من أنواع العذاب الذی یقع فی الدنیا أو فی الآخرة، أم المقصود بهِ هو عذاب «الإستیصال» الذی یعنی العذاب الشامل المُدمِّر کطوفان نوح مثلا؟

إنَّ ظاهر الآیة الکریمة یوحی بالإطلاق، وهو بالتالی یشمل کلّ أنواع العذاب.

وهناک نقاشٌ آخر ـ أیضاً ـ بین المفسّرین حول قاعدة (وما کُنّا معذّبین حتى نبعث رسول ) وهل أنَّ الحکم فیها یخص المسائل الشرعیة التی یعتمد فهمها على الأدلة النقلیة فقط; أو أنَّهُ یشمل جمیع المسائل العقلیة والنقلیة فی الأصول والفروع؟

فی الواقع، إذا أردنا العمل بظاهر الآیة الذی یُفید الإطلاق، فینبغی القول أنّها تشمل جمیع الأحکام العقلیة والنقلیة، سواء إرتبطت بأصول أو فروع الدین، ومفهوم هذا الکلام أنَّهُ حتى فی المسائل العقلیة البحتة التی یقطع «العقل المستقل» بحسنها وقُبحها مثل حُسن العدل وقُبح الظلم، فإنَّه ما لم یأت الأنبیاء، ویؤیّدون حکم العقل بحکم النقل، فإنَّ اللّه تبارک وتعالى لا یُجازی أحداً بالعذاب، للطفه ورحمته بالعباد.

ولکنّ هذا الموضوع مستبعد وضعیف الاحتمال، لأنَّهُ یصطدم مع قاعدة أنَّ المستقلات العقلیة لا تحتاج إلى بیان الشرع، وحکم العقل فی إتمام الحجة فی هذه الموارد یُعتبر کافیاً ومجزیاً، لذلک فلا طریق أمامنا إلاّ أن نستثنی المستقلات العقلیة عن مجال عمل القاعدة المذکورة.

وإذا لم نستثن ذلک فسیکون معنى العذاب فی هذه الآیة هو «عذاب الإستیصال» وسیکون المعنى الأخیر هو أنّ اللّه سبحانهُ وتعالى لرحمته ولطفه بالعباد لا یُهلک الظالمین والمنحرفین إلاّ بعدَ أن یبعث الأنبیاء، وتستبین جمیع طرق السعادة والهدایة; حتى تُطابق حجّة الشرع حجة العقل المستقل، وتتم الحجة بذلک من طریقی العقل والنقل (فتأمَّل ذلک).

سورة الإسراء / الآیة 13 ـ 15 1ـ التفؤل والتطیُّر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma