أکمل برنامج إجتماعی:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة النّحل / الآیة 90 أشمل آیات الخیر والشر:

بعد أن ذکرت الآیات السابقة أنّ القرآن فیه تبیان لکلّ شیء، جاءت هذه الآیة المبارکة لتقدّم نموذجاً من التعلیمات الإسلامیة فی شأن المسائل الاجتماعیة والإنسانیة والأخلاقیة، وقد تضمّنت الآیة ستة اُصول مهمّة، الثلاث الأوَل منها ذات طبیعة إیجابیة ومأمور بالعمل بها، والبقیة ذات صفة سلبیة منهّی عن إرتکابها.

فتقول فی البدء: (إنّ اللّه یأمر بالعدل والإحسان وإیتاء ذی القربى ).

وهل یمکن تصور وجود قانون أوسع وأشمل من «العدل»؟!

فالعدل هو القانون الذی تدور حول محوره جمیع أنظمة الوجود، وحتى السماوات والأرض فهی قائمة على أساس العدل (بالعدل قامت السماوات والأرض).(1)

والمجتمع الإنسانی الذی هو جزء صغیر فی کیان هذا الوجود الکبیر، لا یقوى أن یخرج عن قانون العدل، ولا یمکن تصور مجتمع ینشد السلام یحظى بذلک دون أن تستند أرکان حیاته على اُسس العدل فی جمیع المجالات.

ولمّا کان المعنى الواقعی للعدل یتجسد فی جعل کلّ شیء فی مکانه المناسب، فالانحراف والإفراط والتفریط وتجاوز الحد والتعدّی على حقوق الآخرین، ما هی إلاّ صور لخلاف أصل العدل.

فالإنسان السلیم هو ذلک الذی تعمل جمیع أعضاء جسمه بالشکل الصحیح (بدون أیّة زیادة أو نقصان). ویحلّ المرض فیه وتتبیّن علیه علائم الضعف والخوار بمجرّد تعطیل أحد الأعضاء، أو تقصیره فی أداء وظیفته.

ویمکن تشبیه المجتمع ببدن إنسان واحد، فإنّه سیمرض ویعتل إنْ لم یُراع فیه العدل.

ومع ما للعدالة من قدرة وجلال وتأثیر عمیق فی کلّ الأوقات ـ الطبیعیة والاستثنائیة ـ فی عملیة بناء المجتمع السلیم، إلاّ أنّها لیست العامل الوحید الذی یقوم بهذه المهمّة، ولذلک جاء الأمر بـ «الإحسان» بعد «العدل» مباشرة ومن غیر فاصلة.

وبعبارة أوضح: قد تحصل فی حیاة البشریة حالات حسّاسة لا یمکن معها حلّ المشکلات بالإستعانة بأصل العدالة فقط، وإنّما تحتاج إلى إیثار وعفو وتضحیة، وذلک ما یتحقق برعایة أصل «الإحسان».

وعلى سبیل المثال: لو أنّ عدواً غدّاراً هجم على مجتمع ما، أو وقعت زلزلة أو فیضان أو عواصف فی بعض مناطق البلاد، فهل من الممکن معالجة ذلک بالتقسیم العادل لجمیع الطاقات والأموال، وتنفیذ سائر القوانین العادیة؟! هنا لابدّ من تقدیم التضحیة والبذل والإیثار لکلّ مَنْ یملک القدرة المالیة، الجسمیة، الفکریة، لمواجهة الخطر وإزالته، وإلاّ فالطریق مهیّأ أمام العدو لإهلاک المجتمع کلّه، أو أنّ الحوادث الطبیعیة ستدمّر أکبر قدر من الناس والممتلکات.

والأصلان یحکمان نظام بدن الإنسان أیضاً بشکل طبیعی، ففی الأحوال العادیة تقوم جمیع الأعضاء بالتعاضد فیما بینها، وکلٌّ منها یؤدّی ما علیه من وظائف بالإستعانة بما تقوم به بقیة الأعضاء (وهذا هو أصل العدالة).

ولکنْ... عندما یصاب أحد الأعضاء بجرح أو عطل یتسبّب فی فقدانه القدرة على أداء وظیفته، فإنَّ بقیة الأعضاء سوف لن تنساه، لأنّه توقف عن عمله، بل تستمر فی تغذیته ودعمه... الخ، (وهذا هو الإحسان).

وفی المجتمع کذلک، حیث ینبغی للمجتمع السلیم أن یحکمه هذان الأصلان.

وما جاء فی الرّوایات وفی أقوال المفسّرین، من بیانات مختلفة فی الفرق بین العدل والإحسان، لعلّ أغلبها یشیر إلى ما قلناه أعلاه.

فعن علی (علیه السلام) أنّه قال: «العدل: الإنصاف، والإحسان: التفضل» (2) وهذا ما أشرنا إلیه.

وقال البعض: إنّ العدل: أداء الواجبات، والإحسان: أداء المستحبات.

وقال آخرون: إنّ العدل: هو التوحید، والإحسان: هو أداء الواجبات.

(وعلى هذا التّفسیر یکون العدل إشارة إلى الاعتقاد، والإحسان إشارة إلى العمل).

وقال بعض: العدالة: هی التوافق بین الظاهر والباطن، والإحسان: هو أنْ یکون باطن الإنسان أفضل من ظاهره.

واعتبر آخرون: أنّ العدالة ترتبط بالاُمور العملیّة، والإحسان بالاُمور الکلامیة.

وکما قلنا فإنّ بعض هذه التفاسیر ینسجم تماماً مع التّفسیر الذی قدّمناه أعلاه، وبما أَنَّ البعض الآخر لا ینافیه فیمکن والحال هذه الجمع بینهما.

أمّا مسألة (إیتاء ذی القربى ) فتندرج ضمن مسألة «الإحسان» حیث إنّ الإحسان یشمل جمیع المجتمع، بینما یخص هذا الأمر جماعة صغیرة من المجتمع الکبیر وهم ذوو القربى، وبلحاظ أنّ المجتمع الکبیر یتألف من مجموعات، فکلّما حصل فی هذه المجموعات انسجام أکثر، فإنّ أثره سیظهر على کلّ المجتمع، والمسألة تعتبر تقسیماً صحیحاً للوظائف والمسؤولیات بین الناس، لأنّ ذلک یستلزم من کل مجموعة أن تمدّ ید العون إلى أقربائها (بالدرجة الاُولى) ممّا سیؤدّی لشمول جمیع الضعفاء والمعوزین برعایة واهتمام المتمکنین من أقربائهم.

وعلى ما نجده فی بعض الأحادیث من أنّ المقصود بـ «ذی القربى» هم أهل بیت النّبی (صلى الله علیه وآله)وذریته من الأئمّة (علیهم السلام)، والمقصود بـ (إیتاء ذی القربى ) هوأداء الخمس، فإنّه لا یقصد منه تحدید مفهوم الآیة أبداً، بل هو أحد المصادیق لذلک البارزة لذلک المفهوم، ولا یمنع إطلاقاً من شمول مفهوم الآیة الواسع.

لو اعتبرنا مفهوم «ذی القربى» بمعنى مطلق الأقرباء، سواء کانوا أقرباء العائلة والنسب، أو أقرباء من وجوه اُخرى، فسیکون للآیة مفهوم أوسع لیشمل حتى الجار والأصدقاء وما شابه ذلک (ولکنّ المعروف فی ذلک قربى النسب).

ولإعانة المجموعات الصغیرة (الأقرباء) بناء محکم من الناحیة العاطفیة، إضافة لما لها من ضمانة تنفیذیة.

وبعد ذکر القرآن الکریم للاُصول الإیجابیة الثلاثة یتطرق للاُصول المقابلة لها (السلبیة) فیقول: (وینهى عن الفحشاء والمنکر والبغی ).

وتحدّث المفسّرون کثیراً حول المصطلحات الثلاثة «الفحشاء»، «المنکر»، «البغی»، إلاّ أنّ ما یناسب معانیها اللغویة بقرینة مقابلة الصفات مع بعضها الآخر یظهر أنّ «الفحشاء»: إشارة إلى الذنوب الخفیّة، و«المنکر»: إشارة إلى الذنوب العلنیّة، و«البغی»: إشارة إلى کلّ تجاوز عن حق الإنسان، وظلم الآخرین والإستعلاء علیهم.

قال بعض المفسّرین(3) : إنّ منشاء الانحرافات الأخلاقیة ثلاث قوى: القوّة الشهوانیة، القوّة الغضبیة، والقوة الوهمیة الشیطانیة.

أمّا القوّة الشهوانیة فإنّما تُرَغّب فی تحصیل اللذائذ الشهوانیة والغرق فی الفحشاء، والقوة الغضبیة تدفع الإنسان إلى فعل المنکرات وإیذاء سائر الناس، وأمّا القوّة الوهمیة الشیطانیة فتوجد فی الإنسان الإستعلاء على الناس والترفّع وحبّ الریاسة والتقدّم والتعدّی على حقوق الآخرین.

وأشار الباری سبحانه فی المصطلحات الثلاثة أعلاه إلى طغیان غرائز الإنسان، ودعا إلى طریق الحق والهدایة ببیان جامع لکلّ الانحرافات الأخلاقیة.

وفی آخر الآیة المبارکة یأتی التأکید مجدداً على أهمیّة هذه الأصول الستة: (یعظکم لعلّکم تذکّرون ).


1. «عوالی اللئالی»، ج 4، ص 102.2. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 231.
3. التّفسیر الکبیر، ج 20، ص 104.
سورة النّحل / الآیة 90 أشمل آیات الخیر والشر:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma