2ـ ترابط الآیات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
1ـ أسرار تحلیق الطیور فی السماء 3- الظلال، المساکن، الأغطیة

لا شک أنّ هناک ترابطاً بین الآیة أعلاه والتی تتحدث عن کیفیة طیران الطیور وما قبلها من الآیات، یتمثل فی الحدیث عن نعم اللّه عزَّ وجلّ فی عالم الخلیقة، وعن أبعاد عظمته وقدرته سبحانه وتعالى، ولکن لا یبعد أن یکون ذکر تحلیق الطیور بعد ذکر آلات المعرفة یحمل بین طیّاته إشارة لطیفة فی تشبیه تحلیق هذه الطیور فی العالم المحسوس بتحلیق الأفکار فی العالم غیر المحسوس، فکلٌّ منها یحلق فی فضائه الخاص وبما لدیه من آلات.

یقول الإمام علی (علیه السلام) فی خطبته الشقشقیة: «ینحدر عنّی السیل ولا یرقى إلیَّ الطیر».

وکذا فی کلماته (علیه السلام) القصار فی بیان فضیلة مالک الأشتر (رحمه الله)، ذلک القائد الشجاع: «لا یرتقیه الحافر، ولا یوفی علیه الطائر» (1) .

وعدّ فی هذه السورة، خمسین نعمة کلّها تدعو إلى معرفة اللّه جلّوعلا وتدفع إلى شکره، ولذلک ذهب البعض لتسمیتها بـ (سورة النِعْم).

وتستمر الآیات فی الإشارة إلى النعم الإلهیّة حتى نصل إلى الآیة الثّالثة (مورد البحث) لتقول: (واللّه جعل لکم من بیوتکم سکن ).

وحقّاً إنّ هذه النعمة المبارکة من أهم النعم، فلولاها لم یمکن التمتع بغیرها.

«البیوت»: جمع بیت، مأخوذ من (البیتوتة): وهی فی الأصل بمعنى التوقف لیلا، واُطلقت کلمة (بیت) على الحجرة أو الدار لحصول الاستفادة منهما للسکن لیلا.

ویلزمنا هنا التنویه بالملاحظة التالیة: إنّ القرآن الکریم لم یقل: إنّ اللّه جعل بیوتکم سکناً لکم، وإنّما ذکر کلمة (مِنْ) التبعیضیة أوّلاً وقال: (من بیوتکم ) وذلک لدقة کلام اللّه التامة فی التعبیر، حیث إنّ الدار أو الحجرة الواحدة تلحقها مرافق اُخرى کالمخزن والحمام وغیرها.

وبعد أنْ تطرّق القرآن الکریم إلى ذکر البیوت الثابتة عرّج على ذکر البیوت المتنقلة فقال: (وجعل لکم من جلود الأنعام بیوت ) (2) .

وهی من الخفّة بحیث (تستخفّونها یوم ظعنکم ) ـ أی رحیلکم ـ (ویوم إقامتکم ).

بل وجعل لکم: (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حین ).

وکما هو معلوم فإنّ الشعر الذی یحمله بدن الحیوان بعضه خشن تماماً کشعر الماعز ویطلق علیه (شعر)، وجمعه (أشعار)، وبعضه الآخر أقل خشونة بقلیل وهو (الصوف) وجمعه (أصواف)، (والوبر) أقل نعومة من الصوف وجمعه (أوبار)، وبدیهی أنّ الاختلاف الحاصل فی طبیعته وخشونته یؤدّی إلى تنوع الاستفادة منها، فمن بعضها تصنع الخیام، ومن البعض الآخر یصنع اللباس، ومن الثّالث الفرش وهکذا...

أمّا عن المقصود بـ «الأثاث» و«المتاع» فی الآیة فقد ذکر المفسّرون لذلک جملة احتمالات.

قال بعضهم: «الأثاث» بمعنى الوسائل المنزلیّة، وهی فی الأصل من (أثّ) بمعنى الکثرة والتجمع، وأطلقت على الوسائل والأدوات المنزلیّة لکثرتها عادة.

ویطلق «المتاع» على کلّ ما یتمتع به الإنسان ویستفید منه (فالمصطلحان إشارة إلى شیء واحد من جهتین مختلفتین).

ومع ملاحظة ما ذکر فاستعمال المصطلحین على التوالی یمکن أن یشیر إلى هذا المعنى: إنّکم تستطیعون أن تهیئوا من أصوافها وأوبارها وأشعارها وسائل بیتیة کثیرة تتمتعون بها.

واحتمل البعض ومنهم «الفخر الرازی»: «الأثاث» بمعنى الأغطیة والملابس، و«المتاع بمعنى الفرش، إلاّ أنّه لم یذکر أیَّ دلیل لتفسیره.

واحتمل «الآلوسی» فی (روح المعانی): «الأثاث» إشارة إلى الوسائل المنزلیّة، و«المتاع» إشارة إلى الوسائل المستخدمة فی التجارة.

ویبدو أنّ ما قلناه أوّلاً أقرب من الجمیع.

وذکرت وجوه عدیدة فی تفسیر (إلى حین ) ولکنّ الظاهر من مقصودها هو: استفیدوا من هذه الوسائل فی هذا العالم حتى نهایة الحیاة فیه، وهو إشارة إلى عدم خلود الحیاة فی هذا العالم وما فیه من وسائل ولوازم وأنّ کلّ ما فیه محدود.


1. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 443.
2. إنّ صناعة الخیام من الجلود قلیلة فی عصرنا المعاش، ولکنَّ الآیة المبارکة أرادت أن تظهر أنّ هذا النوع من الخیام کان من أفضل الأنواع فی تلک الأزمان، واختص بالذکر دون بقیة الأنواع ربما لکونها أکثر مأمناً أمام عواصف الصحراء الحارقة فی الحجاز.
1ـ أسرار تحلیق الطیور فی السماء 3- الظلال، المساکن، الأغطیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma