دین حق ومعبود واحد:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة النّحل / الآیة 51 ـ 55 سورة النّحل / الآیة 56 ـ 60

تتناول هذه الآیات موضوع نفی الشرک تعقیباً لبحث التوحید ومعرفة اللّه عن طریق نظام الخلق الذی ورد فی الآیات السابقة، لتتّضح الحقیقة من خلال المقارنة بین الموضوع، ویبتدأ بـ (وقال اللّه لا تتخذوا إلهین اثنین إنّما هو إلـه واحد فإیّای فارهبون ).

وتقدیم کلمة «إیّای» یراد بها الحصر کما فی «إیّاک نعبد» أیْ: یجب الخوف من عقابی لا غیر.

ومن الملفت للنظر أنّ الآیة أشارت إلى نفی وجود معبودین فی حین أنّ المشرکین کانوا یعبدون أصناماً متعددة.

ویمکن أن یکون ذلک إشارة إلى إحدى النقاط التالیة أو إلى جمیعها:

إنّ الآیة نفت عبادة اثنین، فکیف بالأکثر؟!

وبعبارة اُخرى: إنّها بیّنت الحدّ الأدنى للمسألة لیتأکّد نفی الأکثر، وأیُّ عدد ننتخبه (أکثر من واحد) لابدّ له أن یمرّ بالإثنین.

کل ما یعبد من دون اللّه جمع فی واحد، فتقول الآیة: أن لا تعبدوها مع اللّه، ولا تعبدوا إلهین (الحق والباطل).

کان العرب فی الجاهلیة قد انتخبوا معبودین:

الأوّل: خالق العالم، أیْ اللّه عزَّوجلّ وکانوا یؤمنون به.

والثّانی: الأصنام، واعتبروها واسطة بینهم وبین اللّه، واعتبروها کذلک منبعاً للخیر والبرکة والنعمة.

یمکن أن تکون الآیة ناظرة إلى نفی عقیدة (الثنویین) القائلین بوجود إله للخیر وآخر للشر، ومع انتخابهم لأنفسهم هذا المنطق الضعیف الخاطیء، إلاّ إنّ عبدة الأصنام قد غالوا حتى فی هذا المنطق وتجاوزوه لمجموعة من الالهة!

وینقل المفسّر الکبیر العلاّمة الطبرسی فی تفسیر هذه الآیة عبارة لطیفة نقلها عن بعض الحکماء: (نهاک ربک أن تتخذ إلهین فاتخذت آلهة، عبدتَ نفسک وهواک، وطبعک ومرادک، وعبدتَ الخلق فأنّى تکون موحداً).

ثمّ یوضّح القرآن أدلة توحید العبادة بأربعة بیانات ضمن ثلاث آیات... فیقول أوّلاً (وله ما فی السّماوات والأرض ) فهل ینبغی السجود للأصنام التی لا تملک شیئاً، أم لمن له ما فی السماوات والأرض؟

ثمّ یضیف: (وله الدّین واصب ).

فعندما یثبّت أن عالم الوجود منه، وهو الذی أوجد جمیع قوانینه التکوینیة فینبغی أن تکون القوانین التشریعیة من وضعه أیضاً، ولا تکون طاعة إلاّ له سبحانه.

«واصب»: من «الوصوب»، بمعنى الدوام، وفسّرها البعض بمعنى (الخالص) (ومن الطبیعی أنّ ما لم یکن خالصاً لم یکن له الدوام. أمّا الذین اعتبروا «الدین» هنا بمعنى الطاعة، فقد فسّروا «واصباً» بمعنى الواجب، أیْ: یجب إطاعة اللّه فقط.

ونقرأ فی روایة عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّ شخصاً سأله عن قول اللّه (وله الدّین واصب )قال: «واجباً» (1) .

ومن الواضح أنّ هذه المعانی متلازمة فیما بینها.

ثمّ یقول فی نهایة الآیة: (أفغیر اللّه تتّقون ).

فهل یمکن للأصنام أن تصدَّ عنکم المکروه أو أن تفیض علیکم نعمة حتى تتقوها وتواظبوا على عبادتها؟!

هذا... (وما بکم من نعمة فمن اللّه ).

فهذه الآیة تحمل البیان الثّالث بخصوص لزوم عبادة اللّه الواحد جلّ وعلا، وأنّ عبادة الأصنام إن کانت شکراً على نعمة فهی لیست بمنعمة، بل الکل بلا استثناء منعّمون فی نعم اللّه تعالى، وهو الأحق بالعبادة لا غیره.

وعلاوة على ذلک... (ثمّ إذا مسّکم الضّرّ فإلیه تجأرون ).

فإنْ کانت عبادتکم للأصنام دفعاً للضر وحلاًّ للمعضلات، فهذا من اللّه ولیس من غیره، وهو ما تظهره ممارساتکم عملیاً حین إصابتکم بالضر، فَلِمَن تلتجئون؟ إنّکم تترکون کلّ شیء وتتجهون إلى اللّه.

وهذا البیان الرّابع حول مسألة التوحید بالعبادة.

«تجئرون»: من مادة (الجؤار) على وزن (غبار)، بمعنى صوت الحیوانات والوحوش الحاصل بلا اختیار عند الألم، ثمّ استعملت کنایةً فی کلّ الآهات غیر الاختیاریة الناتجة عن ضیق أو ألم.

إنّ اختیار هذه العبارة هنا إشارة إلى أنّه عندما تتراکم علیکم الویلات ویحلّ بکم البلاء الشدید تطلقون حینها صرخات الإستغاثة اللاإختیاریة.. وأنتم بهذه الحال، أتوجّهون النداء لغیره سبحانه وتعالى؟! فلماذا إذَنْ فی حیاتکم الإعتیادیة وعندما تواجهون المشاکل الیسیرة تلتجؤون إلى الأصنام؟!

نعم. فاللّه سبحانه یسمع نداءکم فی کلّ الحالات ویغیثکم ویرفع عنکم البلاء (ثمّ إذا کشف الضّرّ عنکم إذا فریق منکم بربّهم یشرکون ) بالعود إلى الأصنام!

وفی الحقیقة... فالقرآن فی الآیة یشیر إلى فطرة التوحید فی جمیع الناس، إلاّ أنّ حجب الغفلة والغرور والجهل والتعصب والخرافات تغطّیها فی الأحوال الاعتیادیة.

ولکنْ، عندما تهب عواصف البلاء تنقلع تلک الحجب فیظهر نور الفطرة برّاقاً من جدید لیرى الناس لمن یتوجهون، فیدعون اللّه مخلصین بکامل وجودهم، فیرفع عنهم أغطیة البلاء المتأتیة من تلک الحجب، (لاحظوا أنّ الآیة قالت: (کشف الضّرّ ) أیْ: رفع أغطیة البلاء).

ولکنْ... عندما تهدأ العاصفة ویرتفع البلاء وتعودون إلى شاطیء الأمان، تعاودون من جدید على الغفلة والغرور، وتظهرون الشرک بعبادتکم للأصنام مجدداً!

وفی آخر آیة (من الآیات مورد البحث) یأتی التهدید بعد إیضاح الحقیقة بالأدلة المنطقیة: (لیکفروا بما آتیناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون ).

وهذا الاسلوب التربوی یشبه ما لو تحرک الانسان من موقع توجیه النصائح والإرشادات لمنحرف متخلّف لا یفید معه هذا الاُسلوب المنطقی، فیقطع معه الحدیث باللین لیواجهه بالتهدید عسى أن یرعوی فیقال له: مع کل ما قلنا لک... إفعل ما شئت ولکن سترى نتیجة عملک عاجلا أم آجلا.

وعلى هذا فتکون اللام فی «لیکفروا» یراد بها التهدید، وکذا «تمتعوا» أمر یراد به التهدید أیضاً، أمّا مجیء الفعل الأوّل بصیغة الغائب «لیکفروا» والثّانی بصیغة المخاطب «تمتعوا»، فکأنّه افترض غیابهم أوّلاً فقال: لیذهبوا ویکفروا بهذه النعم، وعند تهدیدهم یلتفت إلیهم ویقول: تمتعوا بهذه النعم الدنیویة قلیلا فسیأتی الیوم الذی تدرکون فیه عظم خطئکم وسترون عاقبة أعمالکم.

والآیة 30 من سورة إبراهیم تشابه الآیة المذکورة من حیث الغرض: (قل تمتّعوا فإنّ مصیرکم إلى النّار ).(2)


1. تفسیر البرهان، ج2، ص373.
2. احتمل جمع من المفسّرین: أنّ «لیکفروا» غایة ونتیجة للشرک والکفر الذی نسب إلیهم فی الآیة التی قبلها، فیکون المعنى أنّهم بعد إنجائهم من الضر ترکوا طریق التوحید وساروا فی طریق الشرک لیکفروا بنعم اللّه وینکرونها.
سورة النّحل / الآیة 51 ـ 55 سورة النّحل / الآیة 56 ـ 60
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma