قلیل اُولئک الذین ینکرون الحقیقة بعد رؤیتها فی مرحلة الشهود، ولهذا نجد المذنبین والظالمین یظهرون الإیمان فوراً بعد أنْ تزال عن أعینهم حجب الغفلة والغرور وحصول العین البرزخیة فی حال ما بعد الموت، کما بیّنت لنا الآیات السابقة (فألقوا السّلَمَ ).
وغایة ما فی الأمر أنّ الکلَّ مستسلم، ولکنّ الحدیث یختلف من بعض إلى بعض، فقسم منهم یتبرأ من أعماله القبیحة بقولهم: (ما کنّا نعمل من سوء ) أی إنّهم من کثرة ممارستهم للکذب فقد اختلط بلحمهم ودمهم والتبس علیهم الأمر تماماً، فمع علمهم بعدم فائدة الکذب فی ذلک المشهد العظیم ولکنّهم یکذبون!
ویستفاد من بعض الآیات القرآنیة أنّ هناک مَنْ یکذب حتى فی یوم القیامة، کما فی الآیة الثّالثة والعشرین من سورة الأنعام: (قالوا واللّه ربّنا ما کنّا مشرکین )!
وقسم آخر یظهر الندامة ویطلب العودة إلى الحیاة الدنیا لإصلاح أمره، کما جاء فی الآیة 12 من سورة السجدة.
وقسم یکتفی بإظهار الإیمان کفرعون، کما جاء فی الآیة 90 من سورة یونس.
وعلى أیّة حال.. سوف لا تقبل کل تلک الأقوال لأنّها قد جاءت فی غیر وقتها بعد أن انتهت مدّتها، ولا أثر لهکذا إیمان صادر عن اضطرار.