بحث حول أنّ الصابئة من أهل الکتاب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-2
بحث حول عقائد المجوس وأحکامهم حول نکاح الکفّار


بحث حول أنّ الصابئة من أهل الکتاب
أمّا الصابئة، فقد عرفت کلام «التحریر» وإشکاله فیهم; لأنّه لم یتحقّق عنده کونهم من النصارى، وأنّ إجراء حکم النصارى علیهم موقوف على ثبوت کونهم منهم. هذا.
وکلمات الأصحاب وغیرهم فی حقّ الصابئین مختلفة جدّاً نشیر إلى بعضها:
منها: أنّهم یعبدون الکواکب، فهم مثل عبدة الأوثان والمشرکین، قال علی بن إبراهیم فی «تفسیره»: «الصابئون قوم لا مجوس، ولا یهود، ولا نصارى، ولا مسلمون، وهم یعبدون الکواکب والنجوم»(1).
وقال شیخ الطائفة فی «المبسوط»: «والصحیح فی الصابئ أنّهم غیر النصارى; لأنّهم یعبدون الکواکب»(2).
کما صرّح فی «الخلاف» بأنّ الصابئة لا تجری علیهم أحکام أهل الکتاب، وادّعى إجماع الفرقة علیه(3).
ومنها: أنّ دینهم یشبه النصارى، قال الخلیل بن أحمد فی «کتاب العین» فی مادّة «صبا»: «إنّ الصابئین قوم دینهم شبیه النصارى، إلاّ أنّ قبلتهم نحو مهبّ الجنوب حیال منتصف النهار، یزعمون أنّهم على دین نوح»(4).
ومنها: أنّهم جنس من النصارى، کما حکاه فی «المغنی» عن أحمد، وعن الشافعی(5). ولکن للشافعی قول آخر; وهو أنّه لا تجری علیهم أحکام النصارى.
ومنها: أنّ الصابئین فرقة یعبدون الملائکة، ویقرؤون الزبور، ویتوجّهون نحو القبلة(6).
ومنها: أنّهم تابعون لیحیى بن زکریّا، ولهم کتاب یدعون أنّه نزل به جبرئیل على یحیى، یسکنون على شاطئ الأنهار الکبیرة، ولهم تعلّق خاصّ عقائدی بهذه الأنهار، ولذلک جماعة منهم یسکنون فی جنوب إیران فی الأهواز وعبّادان وخرمشهر وشادگان على شاطئ کارون وأروند رود، ویغلب على عقائدهم القول الأخیر.
ومنها: ما قد یقال من أنّهم فرق مختلفة; بعضهم مؤمنون بشریعة موسى أو شریعة عیسى، وبعضهم یعبدون الکواکب، أو الملائکة(7)، إلى غیر ذلک.
والسرّ فی اختلاف الأقوال فیهم، أنّهم یسرّون عقائدهم ویخفونها عن غیرهم، ولا یعتقدون بنشر مذهبهم وتبلیغه إلى غیرهم، کما أنّهم یخفون کتبهم عن غیرهم. هذا.
ولم یرد فی حکمهم شیء فی الروایات، ولکن یظهر من الآیات القرآنیة أنّهم کانوا من أهل الکتاب، فقد وردت فیهم ثلاث آیات فی الذکر الحکیم:
الاُولى: قوله تعالى: (إنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَالَّذِینَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئینَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْیَوْمِ الاْخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلاَ هُمْ یَحْزَنُونَ)(8).
الثانیة: قوله تعالى: (إنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَالَّذِینَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ(9) وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْیَوْمِ الاْخِرِ وَعَمِلَ صَالِحَاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلاَ هُمْ یَحْزَنُونَ)(10).
وقد ذکر المفسّرون تفاسیر کثیرة لهاتین الآیتین، ولکنّ الإنصاف أنّ تفسیرهما ظاهر; وهو أنّ کلّ واحد من هذه الطوائف الأربع إذا کان مؤمناً حقیقة وعمل أعمالا صالحة وکان تابعاً لنبیّه فی زمن ذلک النبی وما بعده قبل أن ینسخ، کان أجره على الله. ویدلّ على ذلک ذکر الأفعال بصورة الماضی:(آمَنَ) و(عَمِلَ) أی فی زمانه.
اللهمّ إلاّ أن یقال: (مَنْ)ها هنا شرطیة، فلا یکون الفعل ظاهراً فی الماضی.
ویشهد له ما ورد فی شأن نزولها فی سلمان الفارسی فی قصّة طویلة; وأنّه بعد إیمانه برسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) کان یتأسّف أسفاً شدیداً على بعض أصدقائه السابقین من رهبان دیر موصل; لأنّهم لم یدرکوا نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله وسلم) حتّى یؤمنوا به، فقال بعض الحاضرین بعد سماعه تأسّف سلمان: «إنّهم من أهل النار» فنزلت الآیة وقالت: «إنّهم من أهل الجنّة; لأنّهم عملوا بما کان واجباً علیهم فی زمانهم»(11)، فهذا یکون دلیلا على أنّ هؤلاء المذکورین فی الآیة کلّهم ـ حتّى الصابئین ـ من أهل الکتاب.
وممّا یدلّ على أنّهم من أهل الکتاب عطف المشرکین علیهم فی الآیة 17 من سورة الحجّ، فلو کانوا مشرکین لم یکن لعطفهم علیهم وجه.
إن قلت: أیّة فائدة لتکرار الإیمان فی قوله: (مَنْ آمَنَ) مع أنّ الإیمان مذکور قبله، والمفروض أنّ المراد من أهل الکتاب أیضاً هم المؤمنون منهم؟!
قلنا: المراد من الأوّل هو صورة الإیمان، ومن الثانی حقیقة الإیمان وکماله وثباته واستقراره، کما فی قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ) فی سورة الحمد، والمراد منه الثبات على الإیمان والصراط المستقیم.
إن قلت: لعلّ المراد من الآیة أنّ هؤلاء لو آمنوا برسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) فی المستقبل، کانت لهم هذه المثوبات.
قلنا: ـ مضافاً إلى أنّ هذا خلاف ظاهر الفعل الماضی ـ إنّه لو کان هذا هو المراد من الآیة، لکان ینبغی أن یضیف إلى هذه الطوائف، المشرکین أیضاً، کما ورد فی سورة الحجّ لبیان آمر آخر: (إنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَالَّذِینَ هَادُوا والصَّابِئینَ وَالنَّصَارَى وَالَْمجُوسَ وَالَّذِینَ أشْرَکُوا إنَّ اللهَ یَفْصِلُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إنَّ اللهَ عَلَى کُلِّ شَىْء شَهِیدٌ)(12) فعدم ذکر المشرکین دلیل على أنّ المراد من الآیة هو الأدیان الإلهیة السماویة، ومنه یظهر أنّ الصابئین من أهل الکتاب أیضاً، ولهم دین سماوی.
وممّا ذکرنا ظهر الجواب عن شبهة اشتهرت فی عصرنا; وهی أنّ مقتضى الآیتین قبول کلّ دین من أصحابه; وأنّ الطرق إلى الله مختلفة متکثّرة، لکلّ منها فضیلة، وکلّ من اتّبع دیناً إلهیاً سماویاً فی عصرنا فهو من أهل النجاة، ولاینحصر الأمر بالمسلمین، وهذا ما یسمّى عندهم بــ(پلورالیسم) أو قبول کثرة الأدیان، فهذا تفسیر آخر للآیة غیر التفسیرین السابقین. هذا.
ولکنّها لیست شبهة جدیدة، فقد کان هذا الاعتقاد الفاسد الکاسد بین أرباب التصوّف منذ زمن طویل، ویعبّرون عنه بــ(صلح کلّ) وعلى کلّ حال هو مناف لصریح آیات القرآن، وهذه الآیات کثیرة:
منها: ما ورد قبل هذه الآیة: (قُلْ یَا أهْلَ الْکِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَىْء حَتَّى تُقِیمُوا التَّوْرَاةَ وَالاْنْجِیلَ وَمَا اُنْزِلَ إلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ وَلَیَزِیدَنَّ کَثِیرَاً مِنْهُمْ مَا اُنْزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیَانَاً وَکُفْرَاً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْکَافِرِینَ)(13).
حیث صرّحت الآیة بأنّ اللازم على أهل الکتاب إقامة جمیع ما اُنزل إلیهم، ولاسیّما البشارات التی وردت فی کتبهم بالنسبة إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) کما أنّ الواجب علیهم قبول ما اُنزل إلیه(صلى الله علیه وآله وسلم) وإلاّ کانوا من الکافرین.
ومنها: ثلاث آیات فی سورة البقرة صریحة فی أنّه لا یقبل منهم إلاّ أن یؤمنوا بما اُنزل على رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) قال تعالى: (وَقَالُوا کُونُوا هُودَاً أوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إبْرَاهِیمَ حَنِیفَاً...)(14). و(بَلْ) هنا للإضراب; أی لایقبل منهم إلاّ الإسلام، فإنّه ملّة إبراهیم، کما قال تعالى: (مِلَّةَ أبِیکُمْ إبْرَاهِیمَ هُوَ سَمَّاکُمُ الْمُسْلِمِینَ)(15).
وقال عزّ من قائل فی الآیة التالیة: (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا اُنْزِلَ إلَیْنَا...) أی إلى المسلمین; بقرینة ما بعده: (لاَ نُفَرِّقُ بَیْنَ أحَد مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(16).
ثمّ یصرّح بعد ذلک بقوله تعالى: (فَإنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإنْ تَوَلَّوْا فَإنَّمَا هُمْ فِى شِقَاق فَسَیَکْفِیکَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ)(17).
وهذا صریح فی أنّ أهل الکتاب لا یهتدون إلى الحقّ إلاّ بعد الإیمان بجمیع ما اُنزل على نبی الإسلام، وإلاّ کانوا فی کفر وشقاق.
ومنها: قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ کِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مَصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَکَانُوا مِنْ قَبْلُ یَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِینَ کَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا کَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْکَافِرِینَ)(18).
کان الیهود یطلبون الفتح والنصر على الأوس والخزرج برسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) قبل مبعثه، فلمّا بعثه الله من العرب ـ لا من بنی إسرائیل ـ کفروا به، وقد عرفوا صفاته ونعوته من کتبهم، فلعنة الله على الکافرین.
وأمثال هذه الآیات ـ الصریحة فی أنّ الله لا یقبل من الاُمم السابقة إلاّ الإسلام ـ کثیرة جدّاً، فکیف یمکن أن یقال: یجوز لأتباع کلّ دین من الأدیان الماضیة البقاء على أدیانهم ورفض الإسلام، والآیات یفسّر بعضها بعضاً؟!
وتأریخ حیاته(صلى الله علیه وآله وسلم) مشحون بدعوة جمیع الأقوام إلى الإسلام، وکتبه(صلى الله علیه وآله وسلم)معروفة، ومباهلته مشهورة، فلیس للآیتین المذکورتین تفسیر إلاّ ما ذکرنا، کما أنّ ظاهرهما کون الصابئین من أهل الکتاب، والله العالم.
بقی هنا کلام فی اشتقاق «الصابئین» والمعروف بین أرباب اللغة والمفسّرین، أنّه من «صبأ» بمعنى الانحراف عن الحقّ، ویقال لکلّ من خرج من دین إلى دین آخر: «إنّه صابئ» ذکره الفیّومی فی «المصباح المنیر»(19)، والشهرستانی فی «الملل والنحل»(20). ولکن ذکر جماعة من المحقّقین أنّ الکلمة عبریة مأخوذة من مادّة «صبع» وهو بالعبریة بمعنى الخوض فی الماء، وقد سقطت العین عند التعریب، واُبدلت بالهمزة، ولذا یقال لمحلّ اجتماعهم «المغتسلة» ولذا تکون لهم علاقة شدیدة بالأنهار الکبار، ویعیشون فی شواطئها. ویعتقد بعضهم أنّ معناه من له علاقة بالکواکب، ولذا قالوا: «إنّهم یعبدونها». والعمدة هو ما ذکرنا من أنّه یظهر من الآیات القرآنیة أنّهم من أهل الکتاب، والله العالم.


(1). تفسیر القمّی 1 : 48.
(2). المبسوط 4 : 210.
(3). الخلاف 4 : 318 ـ 319، المسألة 93.
(4). کتاب العین 7 : 171.
(5). المغنی، ابن قدامة 7 : 501.
(6). موسوعة کشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم 2 : 1057.
(7). راجع: جواهر الکلام 30 : 45.
(8). البقرة (2): 62.
(9). (الصَّابِئُونَ) هنا مرفوع، مع أنّ مقتضى القاعدة أن یکون منصوباً، کالآیة السابقة. وقد اُجیب بوجوه، أحسنها أن یکون معطوفاً على المحلّ; فإنّ محلّ اسم «إنّ» فی الواقع مرفوع، أو یکون مبتدءاً خبره محذوف، والمعنى: والصابئون والنصارى کذلک.
(10). المائدة (5): 69.
(11). تفسیر الطبری 1 : 362 ـ 364.
(12). الحجّ (22): 17.
(13). المائدة (5): 68.
(14). البقرة (2): 135.
(15). الحجّ (22): 78.
(16). البقرة (2): 136.
(17). البقرة (2): 137.
(18). البقرة (2): 89.
(19). المصباح المنیر: 332.
(20). الملل والنحل، الشهرستانی 2 : 6.


 
 

بحث حول عقائد المجوس وأحکامهم حول نکاح الکفّار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma