حکم العلم بالزنا مع الشکّ فی سبقه على العقد
أقول: ذکر فی «العروة»(1) هذه المسألة تحت الرقم 31 من أحکام المصاهرة، وهذه المسألة مبنیة فی بدو النظر على أصالة الإباحة; و«کلّ شیء لک حلال حتّى تعلم أنّه حرام».
ولکن بالتدقیق یمکن أن یقال: فی المسألة ـ بحسب حالات کلّ من العقد والزنا ـ ثلاث حالات:
الاُولى: ما إذا علم تأریخ العقد، وکان تأریخ الزنا مجهولاً، فأصالة عدم وقوع الزنا قبل تحقّق العقد تجعله حلالاً; لعدم تحقّق سبب الحرمة، وهو وقوع الزنا قبل العقد، ولایکون من قبیل الأصل المثبت.
الثانیة: ما إذا کان الأمر بالعکس; أی علم تأریخ الزنا، ولم یعلم تأریخ العقد، فقد یقال: إنّ مقتضى القاعدة الحکم بالحرمة; لأنّ موضوعها مرکّب من جزءین بحسب ما یعلم من الأدلّة: أوّلهما: وقوع الزنا، وهو محرز بالوجدان، کوقوعه فی یوم السبت مثلاً، وثانیهما: عدم وقوع العقد، وهو محرز بالأصل، فالموضوع المرکّب ثبت ببرکة الأصل و الوجدان.
ولکن یمکن أن یقال: إنّ المستفاد من الأدلّة أنّ الحرمة فرع کون الزنا سابقاً، وهذا عنوان بسیط، لا مرکّب، ولا یمکن إثباته بالأصل والوجدان; فإنّه یکون من قبیل الأصل المثبت.
الثالثة: ما إذا جهل الأمران، فقد یقال: إنّ العقد هنا محکوم بالبطلان; لأصالة الفساد فی أبواب العقود بعد عدم جواز الرجوع إلى العمومات من جهة کون الشبهة موضوعیة.
ولکنّ الإنصاف: أنّ أصالة الحلّ أصل موضوعی هنا، وهو یثبت کونها حلالاً، فلا تصل النوبة إلى أصالة عدم ترتّب الأثر على العقد، کیف!! وهی بالنسبة إلیه أصل حکمی، فتدبّر جیّداً.