ما هو أعظم حجاب یمنع الإنسان من لقاء الله؟
بدیهی أنّه لا یوجد لدینا حجاب أسوأ وأشدّ من حجاب الأنانیة والعجب وحبّ الذات، وکما یعبّر بعض الأکابر من علماء الأخلاق أنّ «الأنانیة» تعد أکبر مانع یصد السالکین عن طریق الله، والطریق لنیل مرتبة القرب الإلهی وتحصیل لقاء الله یتمثل فی قلع شجرة «الأنانیة» من جذورها، ولکنّ هذا العمل لیس بالیسیر على الإنسان لأنّ ذلک یعنی انفصال الإنسان عن ذاته ونفسه.
أنت الحجاب على نفسک... فقم من مکانک یا حافظ.
بیدَ أنّه یتیسر بالممارسة والتمرین وتهذیب النفس والاستمداد من الحقّ والتوسّل بذیل عنایات أولیاء الله، أجل فمادامت حشائش وأشواک الرغبات والمیول النفسانیة وحبّ غیر الله فی قلب الإنسان، فانّ نبتة العشق لله والشوق إلیه لا تنمو فی هذا المحیط.
ویُنقل عن حالات أحد أولیاء الله أنّه کان فی شبابه من أبطال المصارعة، وفی أحد الأیّام اقترحوا علیه أن یتصارع مع بطل معروف فی تلک الدیار.
وعندما تهیأت حلبة السباق وحضر الناس وأصحاب المقامات الرسمیة للتفرج على هذه المصارعة المثیرة بین هذین البطلین واستعداد کل واحد منهما لإجراء هذه المصارعة، جاءت امرأة عجوز،  وقد اتّضح بعد ذلک أنّها والدة ذلک البطل المعروف، إلى هذا البطل الشاب وأسرت فی اُذنه کلمات وذهبت إلى حالها، قالت: أیّها الشاب إنّ القرائن تشیر إلى أنّک ستنتصر فی هذه المصارعة، ولکن هل ترضى بأن ینقطع رزقنا وننفضح أمام الملأ بعد کل هذه الأعوام المتمادیة؟
شعر البطل الشاب فی أعماق نفسه بتصادم الأنانیة والإنسانیة، فإمّا الشهرة، أو سحق الذات والإعراض عن المقام وما یحفل به من معطیات ومزایا کثیرة، إلاّ أنّه صمم أخیراً على رأیه، وفی إحدى اللحظات الحساسة من المصارعة أهمل نفسه لیتفوق غریمه علیه ویلصق ظهره بالأرض ولیفوز بالجائزة.
ولنستمع الآن إلى ما یقوله هذا الشاب بعد ذلک:
«فی اللحظة التی أحسست بظهری قد التصق بالتراب رأیت أنّ الحجب قد زالت عن عینی وبانت لقلبی تجلّیات الحقّ، فرأیت ما ینبغی رؤیته فی عالم القلب والبصیرة».
أجل، فبتحطیم هذا الصنم تتجلّى معالم التوحید ومظاهر الربوبیة.