یلقی هذا الکتاب نظرة خاطفة ومختصرة إلى حیاة شخصیة إسلامیة مرموقة أوقف حیاته الکریمة من الیوم الأوّل للدفاع عن الإسلام ومقارعة الانحرافات الفکریة والأخلاقیة، وبذل 60 عام من عمره الشریف فی سبیل إبلاغ کلمة الحقّ ونشر المعارف الإسلامیة والمکارم الأخلاقیة لمدرسة أهل البیت(علیهم السلام)المبارکة.
وقد اقترنت حیاته الشریفة بالموفقیة الکاملة فی مجال طلب العلم مع بروز علائم الذکاء والنبوغ المبکر علیه واستعداده الوافر وهمته العالیة واستقامته الفریدة، وواجه الظلم والاستبداد بقلمه الشیق وبیانه الجذاب ولم یأخذه فی هذا السبیل لومة لائم فی الله ولا دخله الخوف من مخالفة الأعداء ومناوئة الظالمین واستمر فی طریقه مع کثرة المحرومیة والمخالفة، والنفی ومواجهة الأخطار المحدقة به حتى وصل إلى حافة الشهادة وبذلک استطاع ترسیخ دعائم الحقّ والحقیقة.
لقد أصبح قلم هذا النجم الساطع أفضل من دماء الشهداء، وبتألیفه أکثر من مائة وأربعین کتاباً قیماً فی مجالات مختلفة من الفقه والأصول وتفسیر القرآن الکریم والفلسفة والکلام والأخلاق وشرح نهج البلاغة وسیرة أهل البیت(علیهم السلام)وشرح الأدعیة و... وبذلک کان نبراساً للشریعة الإلهیّة ومتراساً للأمّة المرحومة.
إنّ هذا المجاهد العظیم أدرک مقتضیات الزمان، واستطاع فی مجلس خبراء الدستور أن یکون له دور هام فی تصویب أنّ مذهب أهل البیت(علیهم السلام)هو المذهب الرسمی للبلد، وبذل جهداً کبیر فی طرد الفرقة الضالّة المختلقة مثل البهائیة، وانتخب من قبل علماء الحوزة العلمیة فی مدینة قم مدیراً للشورى فی الحوزة العلمیة، وقام بإصلاح الأمور المتعلقة بهذه المؤسسة الدینیة.
وقدّم سماحته خدمات عظیمة فی إحیاءه لمجلة مکتب الإسلام والتی قدمت بدورها خدمات جلیلة فی مجالات الثقافیة والتربویة للطلاّب، وکذلک قام بتأسیس «مرکز تخصیصی للتفسیر» و«مؤسسة فقه أهل البیت(علیهم السلام)» و«مرکز معرفة الشیعة» و«دار القرآن الکریم» و«دار المبلّغین» و«بناء مساجد ومدارس وبیوت للمحرومین فی ا لمناطقة المحرومة فی البلاد» و«تأسیس مکتبة ودار الزوار للإمام الرضا(علیه السلام)» و«مؤسسة انترنیتیة» وخدمات خیریة وصحیة کثیرة لطلاّب الحوزة العلمیة، وکذلک مراکز علوم القرآن للمستضعفین، والسجناء، وقنوات شیعیة و....، وفی هذا الطریق لمن یشعر بالتعب والنصب أبداً وقدم بذلک أفضل الخدمات للأمّة الإسلامیة.
وقد نال هذا الفقیه والعالم المتبحر والمتخرج من مدرسة أهل البیت(علیهم السلام)وسام الاجتهاد المطلق من کبار الفقهاء والمراجع فی النجف الأشرف وکان عمره الشریف حینئذ 24 سنة من عمره الشریف، وأسس حوزة دروسه العلمیة بحضور أکثر من ألفین من العلماء والفضلاء طلاّب العلم والمعرفة حتى أصبح محفل دروسه العلمیة من أکثر المحافل ظهوراً وإقبالاً.
... وهو أب رؤوف وعطوف بذل جهداً کبیراً لمساعدتی فی واقع الحیاة لکسب مراتب الکمال والعلم.
هذا الکتاب مجموعة من الذکریات الحلوة والمرة التی مرّت على المرجع الدینی الکبیر «سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه العالى)». وتتجلّى نورانیة هذه الذکریات فی عظمتها وأهدافها النیرة لکی تکون اُسوةً ومناراً للجمیع لنیل السعادة والأهداف الإلهیّة والإنسانیة المقدّسة، وبذلک نحن نغتنم الفرصة ونجلس لکی ننصت إلى هذه الذکریات الشیّقة ونصغی إلیها بکل وجودنا.
ولا یسعنی إلاّ أن أشکر سماحة الشیخ هاشم الصالحی بما بذله من جهد مشکور فی ترتیب الکتاب ونقله إلى اللغة العربیة فجزاه الله عن الاسلام خیراً.
مسـعود مکـارم
الصیف 2009