کنت فی مجلس الخبراء فی قسم المذاهب واللغات، وطبعاً کان فی مجموعتنا أحد الاخوة من أهل السنة وهو المولوی عبدالعزیز الذی کان رجلاً فاضلاً وعالماً وکان بإمکاننا التفاهم معه کثیراً، مضافاً إلى أحد علماء الزرادشتیین وأحد القساوسة النصارى وأحد کبار  الیهود أیضاً، ومن هذه الجهة فمجموعتنا متمیزة بهذه التشکیلة عن سائر المجامیع فی المجلس المذکور، فلابدّ من عقد جلسات مشترکة مع رموز ورؤساء المذاهب والأدیان فی هذا البلد لنتحدّث عن القضایا المتعلقة بالأدیان ومکانتها فی الدستور (القانون الأساسی) لسن قوانین لازمة فی هذا الشأن ودراستها فی الجلسة العامة، وقد بذلنا جهوداً کبیرة حتى استطعنا إدخال الموارد المتعلقة بالمذهب الرسمی فی القانون الأساسی بأدوات منطقیة وبأسالیب قانونیة على أساس أنّ المذهب الرسمی فی هذا البلد هو المذهب الشیعی الإثنا عشری، فی نفس الوقت تکون الأقلیات المذهبیة فی الجمهوریة الإسلامیة محترمة وتتمتع بحقوق المواطنة ولا تواجه أیّة مشکلة فی حرکة الحیاة فی داخل المجتمع الإسلامی.
والعجیب أنّ الفرقة البهائیة الضالة تحرکت فی تلک الأیّام بفاعلیة شدیدة وبرنامج منظم وادعاءات کبیرة من خلال أرقام کاذبة عن عدد نفوسهم فی ایران وأنّ عدد أفراد هذه الفرقة أکثر من سائر الفرق الدینیة الاُخرى، وقاموا باتصالات واسعة من الخارج والداخل وبإصرار على السماح لهم بحیازة کرسی خاص فی المجلس لتکون فرقة رسمیة ومشروعة.
لکننی کنت على إطلاع تام بتاریخ هذه الفرقة، وکان فی هذه المجموعة بعض الإخوة الأعزاء من رجال الدین مطّلعین کذلک على  حال هذه الفرقة، ولذلک وقفنا موقفاً متشدداً أمام طلب هذه الفرقة، وأدّى إصرارهم الشدید إلى أن نضع المادة الخاصة بالمذاهب فی الدستور بشکل یصطلح علیه فی الحوزة «ینفی ما عداه»، بمعنى أنّ القانون یمنح حق المشروعیة للیهود والنصارى والزرادشتین فقط على أساس أنّ هذه الأدیان کانت مورد حمایة القانون منذ قدیم الزمان وعرفوا فی کتبنا الفقهیة بعنوان «أهل الکتاب» ویطلق علیهم الفقهاء أهل الذمة ولا یشمل هذا العنوان فرقة أو مذهباً آخر، وقد تمّ تدوین الدستور للجمهوریة الإسلامیة بشکل دقیق بحیث یطرد المذاهب المجعولة من قبل الاستعمار.
وأتذکر جیداً عندما طرحت مسألة الاعتراف بالمذهب الشیعی، وهو مذهب الأغلبیة بالنسبة إلى الشعب الإیرانی على بساط البحث فی مجلس الخبراء ودافعت عن هذه الاطروحة، قام أحد الإخوة من أهل السنّة (السید مولوی عبدالعزیز) وخلافاً للمتوقع منه وأظهر مخالفته لمقولتی بعد أن انتهیت من تقریر وطرح رأیی، وأنا بدوری أجبته ببیان منطقی وأوضحت له أنّ المفروض فی کل دولة أن تکون القوانین فیها تابعة لمذهب معین ولا یمکن أن تکون على رأی مذهبین أو ثلاثة فی الأحکام العامة، وبالطبع فإنّ سائر المذاهب ینبغی أن تکون محترمة ویتمتع أتباعها بجمیع حقوق المواطنة، ولکن تعدد القوانین الحاکمة فی الدولة غیر ممکن، فالجمیع أحرار فیما  یتعلق بشؤونهم الخاصة (من قبیل الزواج والطلاق التی تسمى بالأحوال الشخصیة) ولکن فی الأحوال العامة یجب اتّباع قانون واحد.
وبعد أن ذهبت لزیارة الإمام قال لی: «لقد رأیت وسمعت دفاعک فی المجلس من خلال التلفزیون وسررت بذلک کثیراً وقد کان دفاعاً جیداً ومنطقیاً وقد أدّیت المسألة حقّها».