بالرغم من أنّ المناطق الاُخرى فی ایران کانت باردة جدّاً والثلوج تغطی الأرض والناس یستخدمون المدفئة، إلاّ أنّ (چابهار) کانت حارة والناس یستخدمون المبردة، ولکنّ أهالی المنطقة الذین کانوا من البلوج یقولون إنّ الجو بارد، ولکن عندما تمتلیء ملابسنا عرقاً من شدة الحر بحیث یقطر العرق من أصابعنا وتلتهب أدمغتنا من شدّة الحر عند ذاک یقولون الهواء «شرجی!!» وهناک نلاحظ شدّة الرطوبة فی الجو بحیث إنّ أغصان الشجر تنضح وتقطر بدون أن یکون هناک مطر أو سحاب، وشاهدنا بین الحین والآخر فی داخل هذه المدینة الصغیرة والحدودیة، أقفاصاً وأکواخاً للمحرومین الذین کانوا یعیشون فیها بدون کهرباء وماء، ولا أدری ولا أعلم أنّهم فی هذا الحال ماذا یصنعون فی أیّام الصیف؟ ولکن فی تلک الأیّام بالذات کنت أقرأ فی الصحف الصادرة فی طهران والتی کانت تصلنا بعد اُسبوع من صدورها بسبب بُعد الطریق. أنّه تقرر بناء معسکر بحری عظیم فی میناء (چابهار)، وبذلک تکتمل مجموعة المعسکرات الثلاثة.. الجویة، والأرضیة، والبحریة، وقد کانت نفقات المعسکر المذکور تبلغ 4 ملیارات، وعلى أیّة حال فالمعروف بین الناس أنّ هذه القاعدة البحریة تقوم ببنائها شرکات أمریکیة وحتى أنّهم اشترطوا عدم الحقّ فی استخدام أی عامل ایرانی.
ولکن لم یتضح الهدف من بناء هذا المعسکر العظیم وبتلک النفقات الباهظة، ومن أجل ماذا یتمّ بناء هذا المعسکر، وفی مقابل أی عدوٍّ قوی؟
وکل ذلک فی منطقة تفتقد المیاه الصحیة، ومیاه الأنابیب مالحة إلى درجة أننا عندما کنّا نغسل وجوهنا کان الماء یؤذی عیوننا.
وفی هذه المدینة لم نعثر على صیدلیة واحدة فی تلک الأیّام، وأمّا حمام المدینة الوحید فقد تمّ تعطیله بسبب عدم دفع ثمن الماء، وکان الناس یعیشون فی تلک المنطقة إلى درجة من الفقر والحرمان أنّ بعضهم لا یذوق طعم الفاکهة أو یتناول بعض الخضروات طیلة أیّام السنة، وعندما قرأت هذه الأرقام الکبیرة والنفقات الباهظة للتسلح فی هذه المناطق المحرومة غرقت فی دوامة من الفکر لأنّ هذا التسلح العسکری الکبیر لبلدنا یشبه أن نقوم بلف شجرة بسلسلة  وأسلاک حدیدیة لغرض المحافظة علیها ولکنّ الشجرة مصابة بالجفاف من الداخل وسوف تنهار تحت ضغط هذه السلاسل والأسلاک، ولهذا فانّ استقلال البلاد لا یقوم على کثرة السلاح ونوعیة الأجهزة المتطورة فی عالم التسلح العسکری، بل یعتمد على إیمان الناس وعشقهم لوطنهم ولدولتهم، فلو أننا تحرکنا فی خط التسلح العسکری وشراء أحدث أنواع الأسلحة المتطورة على حساب اهتزاز القیم وضعف الحالة الاقتصادیة والاجتماعیة للناس فاننا نتحرک فی طریق الفناء ونحفر قبورنا بأیدینا، فلو أننا قمنا بإنجاز بعض الخدمات لتحسین حالة الناس فی هذه المناطق بدل کل هذه الأجهزة الحدیدیة فإننا سنتمکن من إذکاء حالة العشق والإیمان فی قلوبهم وسیدافعون عن وطنهم وبلادهم بکل وجودهم.