کنّا نعیش فی بدایة الثورة أوضاعاً متأزمة وصعبة، وقد اُبلغنا بعدم التحرک فی المدینة إلاّ بمعیة حارس أو حمایة وسلاح، بل اُبلغنا بضرورة وجود حمایة مسلحة فی داخل البیت فی غرفة خاصة حتى إذا حدثت مسألة ومشکلة فبإمکاننا أن ندافع عن أنفسنا، فکان الحرس یأتون إلینا ونستقبلهم فی بیوتنا، وفی أحد الأیّام وکان الوقت ظهراً وکان الحارس نائماً فی الغرفة المجاورة وکنت أمتلک بدوری مسدساً فی غلافه فأخرجته من جیبی وأردت وضعه على الرف ولکنّه انزلق وخرج من الغلاف وسقط على الأرض ورغم کونه موصداً إلاّ أنّ رصاصة انطلقت منه فجأة ولعلّها مرّت على مقربة من اُذنی وأصابت الجدار ثم انطلقت إلى السقف وعادت إلى الأرض، وبما أن الرصاصة انطلقت فی جو مغلق فقد کان لها دویّ کالقنبلة واهتز البیت فرأیت أننی ما زلت سالماً وشکرت الله على ذلک، واللطیف أنّ محافظنا ظلّ نائماً فی الغرفة المجاورة بالرغم من صوت الرصاصة، وقد فهمت حینذاک أنّ المحافظ الحقیقی هو الله تعالى، وهذا لا یعنی أننی اُوصی بعدم استخدام الوسائل الظاهریة وترک الاستعانة بالاُمور المادیة، ولکن أقول ینبغی فی الدرجة الاُولى أن نفوض أمرنا إلى الله تعالى ونتوکل علیه».