مَنْ هم أصحاب الأیکة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
خاتمة أصحاب الأیکة وأصحاب الحجر: سورة الحجر / الآیة 85 ـ 91

قال جمع من المفسّرین، بالإضافة إلى أرباب اللغة: «الأیکة»: هی الأشجار المتشابکة مع بعضها، و«أصحاب الأیکة»: هم قوم «شعیب» الذین عاشوا فی بلدة ملیئة بالماء والأشجار بین الحجاز والشام وکانت حیاتهم مرفّهة ثریّة فاُصیبوا بالغرور والغفلة، فأدّى ذلک إلى الإحتکار والفساد فی الأرض.

وقد دعاهم شعیب (علیه السلام) إلى التوحید ونهج طریق الحق، مع تحذیره المکرر لهم من عاقبة أعمالهم السیئة فیما لو استمروا على الحال التی هم علیها.

ومن خلال ما بیّنته الآیات فی سورة هود، فإنّهم لم ینصاعوا للحق ولم ینصتوا لداعیه حتى جاءهم عذاب اللّه المهلک.

فبعد أن یئس من إصلاحهم أصابهم حرٌّ شدید استمر لعدّة أیّام متصلة، وفی الیوم الأخیر ظهرت سحابة فی السماء اجتمعوا فی ظلّها، لیتفیّؤوا من حرّ ذلک الیوم، فنزلت علیهم صاعقة مهلکة فقطعت دابرهم عن آخرهم.

ولعلّ استعمال القرآن لعبارة «أصحاب الأیکة» فی تسمیتهم، إشارة إلى النعم التی أعطاها اللّه لهم، ولکنّهم استبدلوا الشکر بالکفر، فأقاموا صرح الظلم والإستبداد، فحقّت علیهم کلمة اللّه فأهلکوا بالصاعقة هم وأشجارهم.

وورد ذکرهم مفصّلا ـ مع التصریح باسم شعیب ـ فی الآیات 176 حتى 190 من سورة الشعراء.

وینبغی الإلتفات إلى أنّ عبارة (فانتقمنا منهم) یمکن أن تشمل قوم لوط وأصحاب الأیکة معاً، بدلیل ما یأتی بعدها مباشرة (وإنّهما لبإمام مبین).

والمشهور عند المفسّرین أنّ الآیة تشیر إلى مدینة قوم لوط ومدینة أصحاب الأیکة.

وکلمة «إمام» بمعنى طریق وجادّة، لأنّها من مادة. «أمَّ»، بمعنى القصد، حیث إنّ الإنسان حینما یسیر فی طریق ما إنّما یسیر لأجل الوصول إلى غایة معیّنة أو قصد معیّن.

واحتمل البعض أنّ الإمام المبین هو اللوح المحفوظ، بدلالة الآیة 12 من سورة یس.

ولکن هذا الاحتمال مستبعد، لأنّ القرآن هنا فی صدد إعطاء درس العبرة للاعتبار، ووجود اسم هذین البلدین فی اللوح المحفوظ سیکون بعیداً عن التأثیر فی اعتبار الناس وتذکیرهم، فی حین أنّ وجود هذین البلدین على طریق القوافل والمارّة یمکن أن یکون له الأثر البالغ فیهم.

فعند وقوف الناس قرب تلک الآثار وتذکّر خبر أهلها وما جرى لهم من سوء العاقبة، سیثیر عناصر الموعظة فی نفوس العابرین عند أرض قوم لوط مرّة، وعند أرض أصحاب الأیکة مرّة اُخرى... فتکون تلک اللحظات لحظات اعتبار، بعدما عرفوا أو استذکروا ما حلّ بالقومین من دمار وهلاک نتیجة ظلمهم وضلالهم.

أمّا «أصحاب الحجر» فهم قومٌ عُصاة عاشوا مرفّهین فی بلدة تدعى «الحجر» وقد بعث اللّه إلیهم نبیّه صالح (علیه السلام) لهدایتهم.

ویقول القرآن عنهم: (ولقد کذّب أصحاب الحجر المرسلین).

ولکنْ أین تقع هذه البلدة؟

یذکر بعض المفسّرین والمؤرّخین: أنّها کانت على طریق القوافل بین المدینة والشام فی منزل یسمّى (وادی القرى) فی جنوب (تیماء) ولا أثر لها الیوم تقریباً.

ویذکرون أنّها کانت إحدى المدن التجاریة فی الجزیرة العربیة، ولها من الأهمّیة بحیث ذکرها (بطلیموس) فی مذکراته لکونها إحدى المدن التجاریة.

وکذلک ذکرها العالم الجغرافی (بلین) باسم (حجرى).

ونستشف من بعض الرّوایات أنّ الرّسول (صلى الله علیه وآله) عندما قاد جیشاً لدفع جیش الروم فی السنة التاسعة للهجرة، أراد الجنود أن یتوقفوا فی هذا المکان، فمنعهم النّبی (صلى الله علیه وآله) وقال: هنا نزل عذاب اللّه على قوم ثمود (1) .

ومن الجدیر ذکره أنّ القرآن الکریم ذکر مسألة تکذیب الأنبیاء فی خبر أصحاب الحجر (وکذلک قوم نوح وقوم شعیب وقوم لوط فی الآیات 105 و123 و160 من سورة الشعراء) بالإضافة إلى أقوام اُخر کذّبت الأنبیاء (علیهم السلام)، والواضح من خلال ظاهر القصص أنّ لکلّ قوم کان نبیٌّ واحد لا أکثر.

ولعلّ مجیء هذا التعبیر (المرسلین) فی هذه الآیة، باعتبار أنّ الأنبیاء لهم برنامج واحد وهدف واحد، وبینهم درجة من الصلة بحیث إنّ تکذیب أیّ منهم هو تکذیب للجمیع.

واحتمل آخرون وجود أکثر من نبی وسط الاُمّة الواحدة، وذکر اسم أحدهم لأنّه أکثر شهرة.

وکما یبدو فإنّ التّفسیر الأوّل أقرب إلى الصواب منه إلى الثّانی.

ویستمر القرآن بالحدیث عن «أصحاب الحجر»: (وآتیناهم آیاتنا فکانوا عنها معرضین) وموقف الإعراض المشار إلیه ـ کما یبدو ـ هو عدم إستعدادهم لسماع الآیات والتفکّر بها.

وتشیر الآیة إلى أنّهم کانوا من الجدّ والدقّة فی اُمور معاشهم وحیاتهم الدنیویة حتى أنّهم (وکانواینحتون من الجبال بیوتاً آمنین).

وهو ما یبیّن لنا أنّ منطقتهم کانت جبلیّة، بالإضافة إلى ما توصّلوا إلیه من مدنیّة متقدمة، حیث أصبحوا یبنون بیوتهم داخل الجبال لیأمنوا من السیول والعواصف والزلازل.

والعجیب من أمر الإنسان، أنّه یحزم أمره لتجهیز وتحصین مستلزمات حیاته الفانیة، ولا یعیر أیَّ اهتمام لحیاته الباقیة، حتى یصل به المآل لأنْ لا یکلّف نفسه بسماع آیات اللّه والتفکّر بها!!.

وأیُّ عاقبة ینتظرون بعد عنادهم وکفرهم غیر أنْ یطبّق علیهم القانون الإلهی الموعودین به (البقاء للإصلاح) وعدم إعطاء حق إدامة الحیاة لأقوام فاسدین ومفسدین.. فلیس لهؤلاء سوى البلاء المهلک، ولهذا یقول القرآن: (فأخذتهم الصیحة مصبحین).

وکانت «الصیحة» عبارة عن صوت صاعق مدمّر نزل على دورهم وکان من القوّة والرهبة بحیث جعل أجسادهم تتناثر على الأرض.

والشاهد على ما قلناه ما تحدّثنا به الآیة 13 من سورة فصلت: (فإن أعرضوا فقل أنذرتکم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود).

فالعذاب الإلهی لا تقف أمامه الجبال الشاهقة، ولا البیوت المحصّنة، ولا الأبدان القویّة أو الأموال الوافرة، ولهذا یأتی فی نهایة قصّتهم (فما أغنى عنهم ما کانوا یکسبون).

وجاءت الآیات 141 إلى 158 من سورة الشعراء بتفصیل أکثر، وهو ما سیأتی فی محلّه إن شاء اللّه تعالى.


1. أعلام القرآن، الخزائلی، ص 292.
خاتمة أصحاب الأیکة وأصحاب الحجر: سورة الحجر / الآیة 85 ـ 91
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma