من المعلوم أنّ یوم القیامة هو یوم إستلام النتائج ومتابعة جزاء الأعمال، وبهذا الترتیب لا یستطیع أحد هناک أن ینجو من العذاب بفدیة، حتى لو إفترضنا أنّه ینفق جمیع ما فی الأرض فإنّه لا یمکن أن یمحو ذرّةً من جزاء أعماله، لأنّ صحیفته فی «دار العمل» أی الدنیا ملیئة بالأخطاء والذنوب وهناک «دار الحساب».
وکذلک لا تستطیع العلاقة المادیة للصداقة مع أی شخص کان أن تنجیه من العذاب، وبعبارة اُخرى: إنّ الإنسان غالباً ما یلجأ إلى المال أو الواسطة (الرشوة، العلاقات) فی نجاته من المصاعب فی هذه الدنیا، فإذا کان تصوّرهم أنّ الآخرة کذلک فهذا دلیل وهمهم وجهلهم.
ومن هنا یتّضح أنّ نفی وجود الخلّة والصداقة فی هذه الآیة لا یتنافى مع صداقة المؤمنین بعضهم لبعض فی الآخرة والتی أشارت إلیها بعض الآیات، لأنّها صداقة مودّة معنویة فی ظلّ الإیمان.
وأمّا مسألة «الشفاعة» فقد قلنا کراراً إنّها تخلو من أی مفهوم مادّی، بل بالنظر إلى ما صرّحت به بعض الآیات فإنّها فی ظلّ العلاقات المعنویة وصلاحیة البعض بسبب أعمال الخیر (وقد شرحنا هذا الموضوع فی ذیل الآیة 254 من سورة البقرة).