بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
القرآن المعجزة الخالدة: جمیع القرآن أو عشر سور منه أو سورة واحدة!

من المعلوم أنّ کلمة «لعلّ» تأتی لإظهار الرجاء لعمل شیء ما وتحققه، ولکن «لعل» هنا جاءت بمعنى النهی، وهی تماماً مثل مایرید الأب مثلا أن ینهى ولده فیقول له: لعلک ترافق فلاناً فأنت حینئذ غیرمهتم للعاقبة، فمعنى الکلام هنا: لا ترافق فلاناً لأن صحبته تضرک.

إذاً فعلى الرغم من أن «لعل» تفید الرجاء، إلاّ أنّ المفهوم الالتزامی منها النهی عن عمل أیضاً.

فی الآیات ـ محل البحث ـ یؤکّد الله سبحانه على النّبی ألاّ یؤخر إبلاغه الوحی خوفاً من تکذیب المخالفین أو طلبهم معجزات مقترحة من قبلهم.

یرد هنا سؤال هو: کیف یمکن للنّبی (صلى الله علیه وآله) أن یؤخر إبلاغه الوحی، أو لا یبلغه أساساً؟ مع أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) معصوم ولا یصدر منه الخطأ والذنب!

الجواب: إنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) متى ما اُمر بتبلیغ حکم فوری فمن المسلّم أنّه یبلغه فوراً ودون ابطاء، ولکن یتفق ـ أحیاناً أن یکون وقت التبلیغ موسعاً... والنّبی یؤخر البلاغ تبعاً لاُمور... هذه الاُمور لیس لها جانب شخصی بحیث تعود للنبیّ (صلى الله علیه وآله) نفسه، بل لها جانب عام ودفاع عن الدین، وهذا التأخیر لیس ذنباً قطعاً، مثل ما ورد ـ فی سورة المائدة فی الآیة 67 ـ من أمر الله للرّسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) بالتبلیغ، وأن لا یخاف من تهدیدات الناس لأنّ الله سیحفظه حیث یقول عزَّوجلّ: (یا أیّها الرّسول بلّغ ما أنزل إلیک من ربّک وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله یعصمک من الناس).

وعلى هذا فلم یکن تأخیر البلاغ هنا ممنوعاً على النّبی (صلى الله علیه وآله) ولکن «الإسراع» فیه دلیل على قاطعیته... فالإسراع بالتبلیغ یُعدّ أولى من التأخیر... فالله سبحانه یرید أن یشدّ من معنویة نبیّه (صلى الله علیه وآله) ویثبت فؤاده ویجعله صلداً أمام المخالفین بحیث یبلغ «بضرس قاطع» ولا یلتفت إلى طلبات المخالفین وحجج المستهزئین، ولا یستوحش من صخبهم وضجیجهم!

احتمل المفسّرون فی معنى «أم» التی فی أوّل الآیة الاُخرى (أم یقولون افتراه)احتمالین:

الأوّل: إنّه بمعنى «أو».

والثّانی: بأنّه بمعنى «بل».

ففی الصورة الاُولى یکون المعنى على النحو التالی:

لعلک لم تتلُ آیاتنا خوفاً من حجج المخالفین، أو أنّک تلوتها ولکنّهم کذبوک وقالوا افتریتها على اللّه سبحانه.

وفی الصورة الثّانیة یکون المعنى على النحو التالی:

لا تؤخر إبلاغ آیاتنا لحجج المخالفین ]ثمّ یضیف سبحانه[ بل هم أساساً منکرون للوحی وللنّبوة، ویزعمون أنّ الرّسول یکذب على الله.

وفی الحقیقة، إنّ الله یخبر نبیّه مع هذا البیان أنّ ما یطلبه هؤلاء من المعاجز المقترحة فلیس لطلب «الحق»، بل لأنّهم أساساً منکرون للنّبوة. وإنّما هی حجج وتعالیل یتذرعون بها!

وعلى کل حال، فعند التأمل فی الآیات آنفة الذکر ـ وخاصّة إذا دققنا النظر فی کلماتها من الناحیة الأدبیة ـ نجد أنّ المعنى الثّانی أقرب إلى مفاد الآیات، فتأملّوا!

لا شکّ أنّ على النّبی (صلى الله علیه وآله) أن یُریَ معاجزه للذین یطلبون الحق لتکون سنداً لحقانیة نبوّته، ولا یستطیع أی نبی من الأنبیاء أن یستند إلى إدعائه فحسب، ولکن لا ریب ولا شک أنّ المخالفین الذین تحدثت عنهم الآیات لم یکونوا یطلبون الحقیقة ویبحثون عنها «وماکانوا یطلبونه من معاجز کانت معاجز اقتراحیة على حسب میولهم وأهوائهم ولا یقتنعون بأیّة معجزة اُخرى».

ومن المسلّم أنّ هؤلاء محتالون ولیسوا بطلاّب حقیقة. فهل کان یجب على النّبی (صلى الله علیه وآله) أن تکون لدیه کنوز عظیمة کما کان یریده منه مشرکو مکّة؟! أو أن یکون معه ملک یصدق دعوته وبلاغه؟!

وبعد هذا کلّه ألم یکن القرآن نفسه أعظم وأکبر من کل معجزة؟ وإذا لم یکن اُولئک فی صدد التَحَجُّج والتَّحَیُّل، فلماذا لم یذعنوا لآیات القرآن الذی کان یتحدّاهم ویقول لهم: (فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءکم من دون الله إن کنتم صادقین)؟! (1)

إنّ الآیات ـ المذکورة ـ تؤکّد إعجاز القرآن مرّة اُخرى وتقول: لیس هذا کلاماً عادیاً یترشّح من الفکر البشری، بل هو وحی السماء الذی ینزل بعلم الله اللامحدود وقدرته الواسعة، وعلى هذا فإنّه یتحدّى جمیع البشر أن یواجهوه بمثله، مع ملاحظة أنّ المخالفین من معاصری النّبی (صلى الله علیه وآله) ومن بعدهم إلى یومنا هذا عجزوا عن ذلک، وفضلوا مواجهة الکثیر من المشاکل على معارضة القرآن، وهکذا یتّضح أن مثل هذا العمل لم یکن من صنع البشر ولایکون، فهل المعجزة شیء غیر هذا؟!

هذا نداء القرآن ما زال فی أسماعنا، وهذه المعجزة الخالدة تدعو العالمین إلیها وتتحدى جمیع المحافل البشریة، لا من حیث الفصاحة والبلاغة وجمال العبارات وجاذبیتها ووضوح المفاهیم فحسب. بل من حیث المحتوى والعلوم التی فیه والتی لم تکن موجودة فی ذلک الزمان، والقوانین التی تتکفل بسعادة البشریة ونجاتها، والبیان الخالی من التناقض، والقصص التاریخیة الخالیة من الخرافات، وأمثالها، وقد بیّنا ذلک وشرحناه فی تفسیر الآیتین 23 و24 من سورة البقرة فی إعجاز القرآن.


1. البقرة، 23.
القرآن المعجزة الخالدة: جمیع القرآن أو عشر سور منه أو سورة واحدة!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma