بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
قوم لوط وحیاة الخزی: سورة هود / الآیة 81 ـ 83

العبارة التی قالها لوط عند هجوم القوم على داره وأضیافه ـ (هؤلاء بناتی هنّ أطهر لکم) فتزوجوهنّ إنّ شئتم فهنّ حلال لکم ولا ترتکبوا الإثم والذنب ـ أثارت بین المفسّرین عدّة أسئلة:

أوّلا: هل المراد من (هؤلاء بناتی) بنات لوط على وجه الحقیقة والنسب؟! فی حین أنّ عددهن ـ وطبقاً لما ینقل التاریخ ـ ثلاث أو أثنتان فحسب، فکیف یعرض تزویجهن على هذه الجماعة الکثیرة؟!

أم أنّ المراد من قوله (هؤلاء بناتی) بنات «القبیلة» والمدینة، وعادة ینسب کبیر القوم ورئیسهم بنات القبیلة الیه ویطلق علیهنّ «بناتی».

الاحتمال الثّانی یبدو ضعیفاً لأنّه خلاف الظاهر.

والصحیح هو الإحتمال الأوّل، لأنّ الذین هجموا على داره وأضیافه کانوا ثلّة من أهل القریة لا جمیعهم فاقترح علیهم لوط ذلک الاقتراح، أضف إلى ذلک أنّ لوطاً کان یرید أن یبدی مُنتهى إیثاره وتضحیته لحفظ ماء وجهه ولیقول لهم: إنّی مستعد لتزویجکم من بناتی لتُقلعوا عن آثامکم وتترکوا أضیافی فلعل هذا الإیثار المنقطع النظیر یردعهم ویوقظ ضمائرهم التی غطتها السیئات.

ثانیاً: هل یجوز تزویج البنات المؤمنات أمثال بنات لوط من الکفّار حتى یقترح علیهم لوط ذلک؟!

وقد أجیب على هذا السؤال من طریقین.

الأوّل: إنّ مثل هذا الزواج فی مذهب لوط ـ کما فی بدایة الإسلام ـ لم یکن محرماً، ولذلک فإنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) زوّجَ ابنته زینب من أبی العاص (1) قبل أن یسلم، ولکن هذا الحکم نسخ بعدئذ (2) .

الثّانی: إنّ المراد من قول لوط (علیه السلام) کان زواجاً مشروطاً بالإیمان، أی هؤلاء بناتی فتعالوا وآمنوا لأزوجهن إیّاکم.

ویتّضح أنّ الإشکال على النّبی لوط ـ من أنّه کیف یزوج بناته المطهرات من جماعة أوباش ـ غیر صحیح، لأنّ عرضه علیهم ذلک الزواج کان مشروطاً بالإیمان ولیثبت منتهى علاقته بهدایتهم.

ینبغی الإلتفات إلى أنّ کلمة «أطهر» لا تعنی بمفهومها أنّ عملهم المخزی والسیء کان «طاهراً» ولکن الزواج من البنات «أطهر»، بل هو تعبیر شائع فی لسان العرب ـ ولغات اُخرى ـ فی المفاضلة والمقایسة بین أمرین، مثلا یقال لمن یسوق بسرعة رعناء «الوصول المتأخّر خیر من عدم الوصول أبداً» أو «الاعراض عن الطعام المشکوک أفضل من إلقاء الإنسان بنفسه إلى التهلکة» ونقرأ فی بعض الرّوایات مثلا أنّ الإمام الصادق (علیه السلام) حین یشعر بالخطر الشدید و«التقیّة» من خلفاء بنی العباس یقول «والله لئن أفطر یوماً من شهر رمضان أحبّ إلیّ من أن تضرب عنقی» (3) .

مع أنّه لا القتل محبوب ولا هو أمر حسن بنفسه، ولا عدم الوصول أبداً، ولا أمثالهما.

تعبیر لوط (ألیس منکم رجل رشید) فی آخر کلامه مع قومه المنحرفین یکشف عن هذه الحقیقة، وهی أنّ وجود رجل ـ ولو رجل واحد رشید ـ بین قوم ما وقبیلة ما یکفی لردعهم من أعمالهم المخزیة، أی لو کان فیکم رجل عاقل ذو لبّ ورشد لما قصدتم بیتی ابتغاء الإعتداء على ضیفی!

هذا التعبیر یوضح بجلاء أثر «الرّجل الرّشید» فی قیادة المجتمعات الإنسانیة، وهو الواقع الذی وجدنا نماذج کثیرة منه على امتداد التاریخ.

من العجیب أنّ هؤلاء القوم المنحرفین الضالین قالوا للوط: (ما لنا فی بناتک من حق)وهذا التعبیر کاشف عن غایة الانحراف فی هذه الجماعة، أی إنّ مجتمعاً منحرفاً ملوثاً بلغ حدّاً من العمى بحیث یرى الباطل حقّاً والحقّ باطلا!!

فالزواج من البنات المؤمنات الطاهرات لا یعدّ حقاً عندهم، وعلى العکس من ذلک یعدّ الانحراف الجنسی عندهم حقّاً.

إنّ الإعتیاد والتطبع على الإثم والذنب یکون فی مراحله النهائیة والخطرة عندما یُتصور أنّ أسوأ الأعمال وأخزاها هی «حق عند صاحبها» وأنّ أنقى الإستمتاع الجنسی وأطهره أمرٌ غیر مشروع.

ونقرأ فی حدیث للإمام الصّادق (علیه السلام) فی تفسیر الآیات المتقدمة أنّ المقصود بالقوّة هو القائم من آل محمّد وأنّ «الرکن الشدید» هم أصحابه الذین عددهم 313 شخص (4) .

وقد تبدو هذه الرّوایة عجیبة وغریبة إذ کیف یمکن الاعتقاد أنّ لوطاً کان یتمنّى ظهور مثل هذا الشخص مع أصحابه المشار إلیهم آنفاً.

ولکن التعرف على الرّوایات الواردة فی تفسیر آیات القرآن حتى الآن یعطینا مثل هذا الدرس، وهو أنّ قانوناً کلیاً یتجلى غالباً فی مصداقه البارز، ففی الواقع إنّ لوطاً کان یتمنّى أن یجد قوماً ورجالا لدیهم تلک القدرة والقوّة الروحیّة والجسمیة الکافیة لإقامة حکومة العدل الإلهیّة... کما هی موجودة فی أصحاب المهدی «عجّل الله فرجه الشّریف» الذین یشکّلون حکومة عالمیة حال ظهور الإمام المهدی «عجّل الله فرجه الشّریف» وقیامه، لینهض بهم ویواجه الانحراف والفساد فیزیله عن بکرة أبیه ویبیر هؤلاء القوم الذین لا حیاء لهم.


1. بحارالانوار، ج 19، ص 348. (والملفت أنّ ابی العاص کان ابن اخت خدیجة وابن خالة زینب).
2. التفسیر الکبیر; وسائل الشیعة، ج 21، ص 110، ح 26652.
3. وسائل الشیعة، ج 7، ص 95، کتاب الصوم باب 57.
4. تفسیر البرهان، ج 2، ص 228; بحارالانوار، ج 12، ص 170، ح 30.
قوم لوط وحیاة الخزی: سورة هود / الآیة 81 ـ 83
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma