الضّیوف الغرباء...!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة الحجر / الآیة 51 ـ 60 سورة الحجر / الآیة 61 ـ 77

تتحدث هذه الآیات المبارکات وما بعدها عن الجنبة التربویة فی تاریخ حیاة الأنبیاء علیهم السلام وما جرى لهم مع العصاة من أقوامهم، وتطرح الآیات نماذج حیّة للاعتبار، لکلا الطرفین (عباد اللّه المخلصین من طرف وأتباع الشیطان من طرف آخر).

ومن لطیف البیان القرآنی شروع الآیات بذکر قصّة ضیف إبراهیم (وهم الملائکة الذین جاؤوا بهیئة البشر وبشّروه بولد جلیل الشأن، ومن ثمّ أخبروه عن أمر عذاب قوم لوط).

فقد جاء فی الآیتین السابقتین أمر اللّه إلى نبیّه (صلى الله علیه وآله) بتبیان سعة رحمة اللّه للناس مع تبیان ألیم عذابه، ویطرح فی هذه القصّة نموذجین حیّین لهاتین الصفتین، وبذلک تتبیّن صلة الربط بین هذه الآیات.

فتقول أوّلاً: (ونبّئهم عن ضیف إبراهیم).

فکلمة «ضیف» جاءت بصیغة المفرد، ولا مانع من ذلک حیث ذهب بعض کبار المفسّرین إلى أنّ «ضیف» تستعمل مفرداً وجمعاً.

وهؤلاء الضیوف هم الملائکة الذین دخلوا على إبراهیم (علیه السلام) بوجوه خالیة من الإبتسامة، فابتدأوه بالسلام (إذ دخلوا علیه فقالوا سلام).

فقام إبراهیم (علیه السلام) بوظیفته (إکرام الضیف)، فهیّأ لهم طعاماً ووضعه أمامهم، إلاّ أنّهم لم یدنوا إلیه، فاستغرب من موقف الضیوف الغرباء، فعبّر عمّا جال فی خاطره (قال إنّا منکم وجلون) (1) .

وکان مصدر خوف إبراهیم (علیه السلام) ممّا کان علیه متعارفاً فی مسألة ردّ الطعام أو عدم التقرب منه، فهو عندهم إشارة إلى وجود نیّة سوء أو علامة عداء.

ولکنّ الملائکة لم یترکوا ابراهیم فی هذا الحال حتى: (قالوا لا توجل إنّا نبشّرک بغلام علیم).

مَنْ هو المقصود بالغلام العلیم؟

یبدو من خلال متابعة الآیات القرآنیة أنّ المقصود هو (إسحاق)، حیث نقرأ فی سورة هود، الآیة 71 أنّ امرأة إبراهیم کانت واقفة بقربه عندما بشّرته الملائکة، ویظهر کذلک أنّها کانت امرأة عاقراً فبشّروها أیضاً (وامرأته قائمة فضحکت فبشّرناها بإسحاق).

وکما هو معروف فإنّ سارة، هی أم إسحاق، ولإبراهیم (علیه السلام) ولد آخر أکبر من إسحاق واسمه (إسماعیل) من (هاجر) ـ الأمَة التی تزوجها إبراهیم.

کان إبراهیم یعلم جیّداً أنّه من المستبعد أن یحصل له ولد ضمن الموازین الطبیعیة، (ومع أنّ کلّ شیء مقدور للّه عزَّ وجلّ)، ولهذا أجابهم بصیغة التعجب: (قال أبشّرتمونی على أن مسّنی الکبر فبم تبشّرون)... هل البشارة منکم أم من اللّه عزَّوجلّ وبأمره، أجیبونی کی أزداد اطمئناناً؟

إنّ تعبیر «مسّنی الکبر» إشارة الى ما کان یجده من بیاض فی شعره وتجاعید فی وجهه وبقیة آثار الکبر فیه.

ویمکن لأحد أن یشکل: بأنّ إبراهیم (علیه السلام) قد سبق بحالة مشابهة حینما ولد له إسماعیل (علیه السلام)وهو فی الکبر.. فَلِمَ التعجب من تکرار ذلک؟

والجواب، أوّلاً: کان بین ولادة إسماعیل وإسحاق (على ما یقول بعض المفسّرین) أکثر من عشر سنوات، وبذلک یکون تکرار الولادة مع مضی هذه المدّة ضعیف الإحتمال.

وثانیاً: إنّ حدوث ووقوع حالة مخالفة للموازین الطبیعیة مدعاة للتعجب، وإذا ما تکررت فلا یمنع من التعجب لحدوثها وتکرارها مرّة اُخرى.

فولادة مولود جدید فی هکذا سن أمر غیر متوقع، وإذا ما وقع فهو غریب وعجیب فی کلّ الأحوال (2) .

وعلى أیّة حال... لم یدع الملائکة مجالا لشک وتعجب إبراهیم حیث (قالوا بشّرناک بالحق) فهی بشارة من اللّه وبأمره، فهی حقٌّ مُسَلَّمٌ به.

وتأکیداً للأمر ودفعاً لأی احتمال من غلبة الیأس على إبراهیم، قالت الملائکة: (فلا تکن من القانطین).

لکنّ إبراهیم (علیه السلام) طمأنهم بعدم دخول الیأس إلى قلبه، لأنّه مطمئن من أنّ أمر القدرة الإلهیّة نافذ فی جمیع أرجاء الکون حتى مع خرق النوامیس الطبیعیة وبدون الخلل فی الموازنة، (قال ومن یقنط من رحمة ربّه إلاّ الضّالّون).

إنّ الضالین هم الذین لا یعرفون اللّه وقدرته المطلقة، اللّه الذی خلق الانسان ببناءه العجیب المحیّر من ذرّة تراب ومن نطفة حقیرة لیخرجه ولداً سویّاً، اللّه الذی حوّل نخلة یابسة الى حاملة للثمر بإذنه، اللّه الذی جعل النّار برداً وسلاماً.. هل من شک بأنّه سبحانه قادر على کلّ شیء، بل وهل یصح ممن آمن به وعرفه حق معرفته أن ییأس من رحمته!؟!

وراود إبراهیم (علیه السلام) ـ بعد سماعه البشارة ـ أنّ الملائکة قد تنزلت لأمر ما غیر البشارة، وما البشارة إلاّ مهمّة عرضیة ضمن مهمّتهم الرئیسیة، ولهذا (قال فما خطبکم أیّها المرسلون * قالوا إنّا أرسلنا إلى قوم مجرمین).

ومع علم الملائکة بإحساس إبراهیم (علیه السلام) المرهف وأنّه دقیق فی کلّ شیء  ولا یقنع بالعمومیات، فبیّنوا له أمر نزول العذاب على قوم لوط المجرمین باستثناء أهله (إلاّ آل لوط إنّا لمنجّوهم أجمعین).

إنّ ظاهر تعبیر «آل لوط» وما ورد من تأکید بکلمة «أجمعین» سیشمل امرأة لوط الضّالة التی وقفت فی صف المشرکین، ولعلّ إبراهیم کان مطلعاً على ذلک، ولذا أضافوا قائلین: (إلاّ امرأته قدّرنا أنّها لمن الغابرین).

و«قدّرنا» إشارة إلى المهمّة التی کُلّفوا بها من اللّه عزَّ وجلّ.

هذا وقد بحثنا قصّة نزول الملائکة على إبراهیم (علیه السلام) وتبشیره بإسحاق (علیه السلام) وحدیثهم معه بشأن قوم لوط (علیه السلام) مفصّلا فی تفسیرنا للآیات 69 ـ 76 من سورة هود من هذا التّفسیر.


1. إنّ الآیات مورد البحث لم تذکر هذا التفصیل فی تهیئة الطعام وعدم مد أیدیهم إلیه، إلاّ أنَّ ذلک ورد فی الآیة 69 و70 من سورة هود فلیراجع.
2. یذکر بعض المفسّرین أن عمر إبراهیم علیه السلام عند ولادة ابنه إسماعیل کان 99 عاماً، وعند ولادة إسحاق کان عمره 112 عاماً.
سورة الحجر / الآیة 51 ـ 60 سورة الحجر / الآیة 61 ـ 77
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma