المشهور بین المفسّرین أنّ هذه السورة بأکملها نزلت بمکّة... وطبقاً لما ورد فی «تأریخ القرآن» أنّها السورة التاسعة والأربعون فی ترتیب السور النازلة على المرسل (صلى الله علیه وآله).
وطبقاً لما صرّح به بعض المفسّرین ـ أیضاً ـ فإنّ هذه السورة نزلت فی السنوات الأخیرة التی قضاها النّبی (صلى الله علیه وآله) بمکّة، أی بعد وفاة عمّه «أبی طالب (علیه السلام) » وزوجته «خدیجة (علیها السلام) »... وبطبیعة الحال فإنّ هذه السورة جاءت فی فترة من أشد الفترات صعوبة فی حیاة النّبی (صلى الله علیه وآله) حیث کان یعانی فیها من ضغوط الأعداء وأراجیفهم الإعلامیة الحاقدة المسمومة أکثر ممّا عاناه فی السنوات السابقة، ولذلک یُلاحظ فی بدایة السورة تعابیر فیها جانب من التسلیة للنّبی (صلى الله علیه وآله) وللمؤمنین.
ویُشکل القسم المهم والعمدة من آیات هذه السورة قصص الأنبیاء الماضین وخاصّة قصّة نوح النّبی (علیه السلام) الذی انتصر بالفئة القلیلة التی معه على الأعداء الکثیرین.
إنّ سرد هذه القصص فیه تسلیة لخاطر النّبی (صلى الله علیه وآله) والمؤمنین معه وهم أمام الکم الهائل من الأعداء، کما أنّ فیه درساً لمخالفیهم من الاعداء.
وعلى کل حال. فإنّ آیات هذه السورة ـ کسائر السور المکیة ـ تتناول أصول «المعارف الإسلامیة» ولا سیّما المواجهة مع الشرک وعبادة الأصنام، ومسألة المعاد والعالم بعد الموت، وصدق دعوة النّبی (صلى الله علیه وآله)، کما یبدو فیها تهدیداً ضمنیاً للأعداء، وأمراً بالاستقامة للمؤمنین.
فی هذه السورة ـ إضافة إلى قصّة نوح النّبی وجهاده العنیف التی ذکرت بتفصیل ـ إشارة إلى قصص الأنبیاء هود وصالح وإبراهیم ولوط وموسى ومواقفهم الشجاعة بوجه الشرک والکفر والانحراف والظلم...
