یجب أن نرى لماذا کانت أعمال الکفّار غیر ذات قیمة وغیر ثابتة؟ ولماذا لا یستطیع الکفّار الاستفادة من نتائج أعمالهم؟
ویتّضح الجواب على هذا السؤال لو درسنا المسألة من ناحیة النظرة التوحیدیّة للعالم، لأنّ النیّة والهدف والمنهجیة هی التی تعطی للعمل شکله ومضمونه، فإذا کانت الخطّة والنیّة والغایة سالمة وجدیرة بالاهتمام فسوف یکون العمل کذلک، ولکن لو قمنا بأحسن الأعمال بنیّة غیر صادقة وخطّة سقیمة وهدف شیطانی، فإنّ ذلک العمل یکون ممسوخاً ویفقد محتواه ویزول کلیّاً کالرماد إذا إشتدّت به الریح!
ولا بأس هنا أن نذکر مثالا حیّاً لذلک، نشاهد الآن برامجاً تحت عنوان حقوق الإنسان فی العالم الغربی ومن قبل القوى المستکبرة، هذه البرامج نفسها کانت تجری من قبل الأنبیاء أیضاً، ولکن حصیلة الإثنین متفاوتة کما بین الأرض والسّماء، فالقوى الاستکباریة عندما تنادی بحقوق الإنسان فمن المسلّم أنّ أهدافها غیر إنسانیة وغیر أخلاقیة، بل التغطیة على جرائمهم وإستعمارهم بشکل أکثر، لذلک وعلى سبیل المثال لو اُعتقل أحد جواسیسهم فی مکان ما، فسوف یملأ عویلهم وصراخهم الدنیا بالدفاع، عن حقوق الإنسان، ولکن عندما تلطّخت أیدیهم بدماء آلاف الناس فی فیتنام، وارتکبوا الفجائع فی الدول الإسلامیة، ونُسیت فیه حقوق الإنسان، بل إنّهم إستغلّوا حقوق الإنسان لمساعدة الأنظمة الجائرة والعمیلة!
ولکن الأنبیاء (علیهم السلام) أو أوصیاءهم ینادون بحقوق البشر لتحریر الإنسان من القیود والأغلال والظلم، وعندما یرون إنساناً مظلوماً نراهم یهبون للدفاع عنه بالقول والعمل.
وبهذا النحو یکون الأوّل رماد إشتدّت به الریح، والثّانی أرض مبارکة طیّبة لنمو النباتات والثمار والأوراد.
ویتّضح من هنا ما دار بین المفسّرین من المقصود من العمل فی الآیة أعلاه، وهو أنّ مراد الآیة جمیع أعمال الکفّار حتى أعمالهم الحسنة فی الظاهر، إلاّ أنّها مبطّنة بالشرک والإلحاد.
