نقرأ فی آیات مختلفة من القرآن الکریم أنّ الظالمین والمذنبین فی مواقف متعدّدة، یطلبون الرجوع إلى الحیاة لتصحیح مسیرتهم، فبعض هذه المواقف مرتبط بیوم القیامة کما أشرنا فی الآیة 28 من سورة الأنعام، وبعض آخر مرتبط بساعة الموت کما تشیر إلیه الآیة 99 و100 من سورة المؤمنون (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون * لعلّی أعمل صالحاً فیما ترکت) والبعض الآخر یطلب الرجوع عند نزول العذاب المهلک ـ کما فی هذه الآیة ـ حیث یقول الظالمون عند رؤیتهم للعذاب (ربّنا أخّرنا إلى أجل قریب نجب دعوتک) ومن الطریف أنّ الجواب فی جمیع هذه المواقف یکون بالنفی.
ودلیله واضح، لأنّ أی واحد من هذه الاُمنیات لا یمثّل حقیقة واقعیّة ولا جدیّة، ورجاؤهم هذا هو حالة إضطراریة تظهر حتى عند أسوأ الأشخاص، ولیست حالة دالّة على التغیّر الذاتی والتصمیم الواقعی الصادق لتصحیح مسیرة حیاتهم، کالمشرکین عندما یأخذهم الطوفان یسألون الله النجاة، وعندما ینجیهم إلى الساحل ینکثون عهودهم کأن لم یکن شیء إطلاقاً.
ولذلک یقول القرآن الکریم فی بعض آیاته ـ کما أشرنا إلیه أعلاه ـ (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه).