أخسر النّاس أعمالاً:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 18 ـ 22 سورة هود / الآیة 23 ـ 24

بعد الآیة المتقدمة التی کانت تتحدث عن القرآن ورسالة النّبی محمّد (صلى الله علیه وآله) تأتی آیات اُخر تشرح عاقبة المنکرین وعلاماتهم ومآل أعمالهم.

ففی أوّل آیة من هذه الآیات یقول سبحانه: (ومن أظلم ممّن افترى على الله کذب)ویعنی أن تکذیب دعوة النّبی الصادق (صلى الله علیه وآله) فی الواقع هو تکذیب لکلام الله وافتراء علیه بالکذب وتکذیب من لا یتحدث عن أحد سوى الله یعدّ تکذیباً لله (1) .

وکما تقدم فی عدّة مواضع، فالقرآن المجید یعبر فی عدید من الآیات عن جماعة من الناس بقوله: «أظلم» فی حین أنّ أعمالهم ـ کما یبدو ـ مختلفة،  ولا یمکن أن نعدّ جماعات کثیرة مع وجود أعمال مختلفة بأنّهم أظلم الناس! بل ینبغی أن یُعدّ البعض ظالمین، والبعض الآخر أظلم منهم، وسواهما أشدّ ظلماً منهما جمیعاً...

ولکن ـ کما أجبنا عن هذا السؤال عدّة مرات ـ جذر جمیع هذه الأعمال یعود لشیء واحد، وهو الشرک وتکذیب الآیات الإلهیّة، وهو أعظم البهتان «ولمزید من الإیضاح یراجع ذیل الآیة 31 من سورة الأنعام».

ثمّ یبیّن ما ینتظرهم من مستقبل مشؤوم یوم القیامة حین یُعرضون على محکمة العدل الإلهی (اُولئک یعرضون على ربّهم) حینئذ یشهد «الأشهاد» على أعمالهم وأنّ هؤلاء هم الذین کذبوا على الله العظیم الرحیم وولی النعمة...

(ویقول الأشهاد هؤلاء الذین کذبوا على ربّهم) ثمّ ینادون بصوت عال (ألا لعنة الله على الظّالمین).

ولکن من هم الأشهاد؟ أهم الملائکة، أم الحفظة على الأعمال، أم الأنبیاء؟ للمفسّرین احتمالات وآراء، ولکن مع ملاحظة أن آیات اُخرى من القرآن تشیر إلى أنّ الأنبیاء هم الأشهاد، فالظاهر أنّ المراد بالأشهاد هنا هم الأنبیاء أیضاً... أو المفهوم الأوسع وهو أنّ الأنبیاء وسائر الأشهاد یشهدون على «الأعمال» یوم القیامة!

وفی الآیة 41 من سورة النساء نقرأ قوله تعالى: (فکیف إذا جئنا من کلّ اُمّة بشهید وجئنا بک على هؤلاء شهید).

وفی شأن السّید المسیح (علیه السلام) نقرأ فی الآیة 117 من سورة المائدة. (وکنت علیهم شهیداً مادمت فیهم).

بعد هذا مَن القائل: (ألا لعنة الله على الظّالمین)؟ أهو الله سبحانه، أم الأشهاد على الأعمال؟! هناک أقوال بین المفسّرین، لکن الظاهر أنّ هذا الکلام تتمة لقول الأشهاد ..

والآیة التی بعدها تبیّن صفات الظالمین فی ثلاث جمل:

الاُولى تقول: إنّهم یمنعون الناس بمختلف الأسالیب عن سبیل الله (الذین یصدّون عن سبیل الله) فمرّة عن طریق إلقاء الشُبهة، ومرّة بالتهدید، وأحیاناً عن طریق الإغراء والطمع، وجمیع هذه الأسالیب ترجع إلى أمر واحد، وهو الصدّ عن سبیل الله.

الثّانیة تقول: إنّهم یسعون فی أن یُظهروا سبیل الله وطریقه المستقیم عِوَجاً (ویبغونها عوج) (2) .

أی بأنواع التحریف من قبیل الزیادة أو النقصان أو التّفسیر بالرأی وإخفاء الحقائق حتى لا تتجلى الصورة الحقیقیة للصراط المستقیم. ولا یستطیع الناس وطلاب الحق السیر فی هذا الطریق.

والثّالثة تقول: إنّهم لا یؤمنون بیوم النشور والقیامة (وهم بالآخرة هم کافرون).

وعدم إیمانهم بالمعاد هو أساس الانحرافات، لأنّ الإیمان بتلک المحکمة الکبرى والعالم الوسیع بعد الموت یفعل الطاقات الإیجابیة الکامنة فی النفس والروح.

ومن الطّریف أنّ جمیع هذه المسائل تجتمع فی مفهوم «الظلم» لأنّ المفهوم الواسع لهذه الکلمة یشمل کل انحراف وتغییر للموضع الواقعی للأشیاء والأعمال والصفات والعقائد.

فی الآیة التالیة یبیّن أنّ هؤلاء لا یستطیعون الهرب من عقاب الله فی الأرض ولا أن یخرجوا من سلطانه (اُولئک لم یکونوا معجزین فی الأرض) کما أنّهم لا یجدون ولیّاً وحامیاً لهم غیر الله (وما کان لهم من دون الله من أولیاء).

وأخیراً یشیر سبحانه إلى عقوبتهم الشدیدة حیث تکون مضاعفة (یضاعف لهم العذاب).

لماذا؟! لأنّهم کانوا ضالین ومخطئین ومنحرفین، وفی الوقت ذاته کانوا یجرّون الآخرین إلى هذا السبیل، فلذلک سیحملون أوزارهم وأوزار الآخرین، دون التخفیف عن الآخرین من أوزارهم (ولیحملُنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) (3) .

وهناک أخبار کثیرة فی أن «من سنّ سنةً سیئة فعلیه وزرها ووزر من عمل بها، ومن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها».

وفی ختام الآیة یبیّن الله سبحانه أساس شقاء هؤلاء بقوله: (ما کانوا یستطیعون السّمع وماکانوا یبصرون).

فهم فی الحقیقة بإهمالهم هاتین الوسیلتین المؤثرتین ]وسیلتی السمع والبصر [لدرک الحقائق، ضلّوا السبیل وأضلّوا سواهم أیضاً... لأنّ الحق والحقیقة لا یدرکان إلاّ بالسمع والبصر النافذ.

ومن الطریف هنا أنّنا نقرأ فی الآیة أنّهم ما کانوا یستطیعون السمع، أی استماع الحق، فهذا التعبیر یشیر إلى الحالة الواقعیة التی هم فیها، وهی أنّ استماع الحق کان علیهم صعباً وثقیلا إلى درجة یُتصور فیها أنّهم فقدوا حاسة السمع، فلا قدرة لهم على السمع، وهذا التعبیر ینسجم تماماً مع قولنا مثلا: إنّ الشخص العاشق  لا یستطیع أن یسمع کلاماً عن عیوب معشوقه! ..

وبدیهی أنّ عدم استطاعة درکهم الحقائق کانت نتیجة لجاجتهم الشدیدة وعدائهم للحق والحقیقة، وهذا لا یسلب عنهم المسؤولیة، لأنّهم هم السبب فی ذلک، وهم الذین مهّدوا له، وکان بإمکانهم أن یبعدوا عنهم هذه الحالة، لأنّ القدرة على السبب قدرة على المسبّب.

والآیة التی بعدها تبیّن فی جملة واحدة حصیلة سعیهم وجدهم فی طریق الباطل، فتقول: (اُولئک الذین خسروا أنفسهم) وهذه أعظم خسارة یمکن أن تصیب الإنسان، إذ یخسر وجوده الإنسانی... ثمّ تضیف الآیة: أنّهم اتخذوا آلهة ومعبودین مصطنعین «مزیفین» ولکن تلاشت هذه الآلهة المصنوعة والمزیفة أخیراً... (وضلّ عنهم ماکانوا یفترون).

وفی نهایة الآیة بیان الحکم النهائی لمآلهم وعاقبتهم بهذا التعبیر (لا جرم أنّهم فی الآخرة هم الأخسرون).

والسبب واضح; لأنّهم حُرموا من نعمة السمع الحاد والبصر النافذ، وخَسِروا کلّ إنسانیتهم ووجودهم، ومع هذه الحال فقد حملوا أثقالَ مسؤولیتهم وأثقال الآخرین مع أثقالهم.

والمعنى الأصلی لکلمة «لا جرم» مأخوذ من «جَرَم» على وزن «حرَمَ» وهو قطف الثمار من الأشجار، کما نقل ذلک الراغب فی مفرداته، ثمّ توسع هذا المعنى فشمل کلّ نوع من الکسب والتحصیل، ولکثرة استعمال الکلمة فی الکسب غیر المرغوب فیه شاعت فی هذا المعنى، ولذلک یطلق على الذنب أنّه جُرم.

ولکن حین تبدأ هذه الکلمة جملةً وهی مسبوقة بـ «لا» فیکون معناها حینئذ: أنّه لا شیء یمکنه أن یمنع أو یقطع هذا الموضوع، فهی قریبة من معنى «لابدّ» أو «من المسلّم به» والله العالم «فتدبر».


1. ما یقوله المفسّرون من أنّ المراد من هذه الجملة هو الردّ على من کان یقول: إنّ النّبی یکذب على الله، بعید جدّاً، لأنّ الآیات السابقة واللاحقة لا تناسب هذا التّفسیر، بل المناسب أنّها تشیر إلى الکفّار.
2. المقصود ب«العِوَج» أی الملتوی، وقد بیّنا شرح ذلک فی ذیل الآیة 45 من سورة الأعراف وینبغی الإلتفات إلى أنّ الضمیر فی «یبغونها» یعود على سبیل الله فهی مؤنث مجازی، أو بمعنى الجادة والطریقة، فهی مؤنث لفظی، ونقرأ فی سورة یوسف الآیة 108 (قل هذه سبیلی أدعوا إلى الله).
3. العنکبوت، 13.
سورة هود / الآیة 18 ـ 22 سورة هود / الآیة 23 ـ 24
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma