4ـ هل للمخترعین والمکتشفین ثواب إلهی؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
3ـ مسألة الإحباط سورة إبراهیم / الآیة 19 ـ 20

بالنظر للبحوث الآنفة الذکر یرد سؤال مهمّ، وهو أنّنا من خلال مطالعتنا فی تأریخ العلوم والإختراعات والإکتشافات نرى أنّ هناک مجموعة من العلماء استطاعوا أن یقدّموا خدمات جلیلة للبشریة وتحمّلوا فی سبیل خدمة البشریة منتهى الشدّة والصعوبة لیقدّموا إختراعاتهم وإکتشافاتهم للناس، فعلى سبیل المثال مخترع الکهرباء «أدیسون» تحمّل الصعاب ویُقال فقد حیاته فی هذا الطریق لکنّه أضاء العالم، وحرّک المعامل، وببرکة إختراعه وجدت الآبار العمیقة حیث اخضّرت الأرض وتغیّرت الدنیا، و«باستور» الذی إکتشف المکروب، وأنقذ ملایین الناس من الموت المحتوم... فهؤلاء وعشرات مثلهم کیف یجعلهم الله فی جهنّم لکونهم غیر مؤمنین؟ مع أنّ هناک أفراداً لم یقدّموا أیّة خدمة للإنسانیة طول حیاتهم، ویدخلون الجنّة!

الجواب: إنّ العمل فی حدّ ذاته لیس کافیاً من وجهة نظر العقیدة الإسلامیة، بل قیمته فی النیّة والقوى المحرّکة له، فکثیراً ما نشاهد من أعمال الخیر کبناء مدرسة أو مستشفى أو أی عمل آخر وهدف صاحبه فی الظاهر هو خدمة المجتمع الإنسانی، إلاّ أنّه تحت هذا الغطاء شیء آخر وذاک هو حفظ جاهه أو ماله أو جلب أنظار الناس إلیه، وتحکیم منافعه المادیة، أو حتى ستر خیانته بعیداً عن أنظار الآخرین!

وعلى العکس، فمن الممکن أن یعمل شخص عملا صغیراً، إلاّ أنّه مخلص فی نیّته صادق، والآن یجب أن نحقّق فی ملفات هؤلاء الرجال العظام من وجهة نظر عملهم وکذلک الأسباب والدوافع، وهی لا تخرج من أحد اُمور:

) یکون الهدف من الإختراع أحیاناً عملا تخریبیّاً (کما فی إکتشاف الطاقة النوویة حیث کان الهدف الأوّل منها صناعة القنابل النوویة) ویمکن الاستفادة منها لخدمة الإنسان، إلاّ أنّه لم یکن الهدف الأصلی من إختراعها، فقیمة عمل هذه المجموعة من المخترعین واضح تماماً.

ب) وقد یکون هدف المخترع أو المکتشف الربح المادّی أو الشهرة، فحکمه ـ فی الحقیقة ـ حکم التاجر الذی یقوم بتأسیس الخدمات العامّة لکی یحصل على أرباح أکثر، ویقوم بتشغیل العمّال وإنتاج المحاصیل الزراعیة للبلد، فالهدف من کلّ ذلک هو الحصول على أکبر وارد ممکن، ولو کان هناک عمل أکثر ربحاً لرکض وراءه.

بالطبع فإنّ هذه التجارة لو کانت طبقاً للموازین الشرعیّة، فإنّها لیست حراماً، إلاّ أنّها لا تحتسب عملا مقدّساً ومهمّاً.

ومثل هؤلاء المخترعین والمکتشفین لیسوا قلیلین على طول التاریخ، فطریقة تفکیرهم أن یقدّموا العمل الأکثر ربحاً ـ حتى لو کان مضرّاً بالمجتمع ـ (فمثلا صناعة الأدویة لها من الفوائد 20% بینما فی صناعة الهیروئین 50% فهم یرجّحون الثّانی على الأوّل) فحکم هذه المجموعة واضح أیضاً، حیث لم یتحرکوا فی عملهم هذا من موقع الخدمة للاخرین والإنسانیة أو نیل الثواب الإلهی، فجزاؤهم الربح والشهرة فقط.

ج) هناک مجموعة ثالثة لا شکّ فی أنّ دوافعها إنسانیة، أو إلهیّة إذا کانت الجماعة مؤمنة، وأحیاناً یمضون سنین طویلة فی زوایا المختبرات بکامل الفاقة والحرمان على أمل أن یقدّموا خدمة لبنی جنسهم، أو هدیّة للعالم، لیحلّوا أغلال المتعبین، ویمسحوا التراب من وجوه المعذّبین. فإذا کان هؤلاء الأفراد مؤمنین ودوافعهم إلهیّة فمصیرهم واضح.

وأمّا إذا کانوا غیر مؤمنین ودوافعهم إنسانیّة، فسوف یحصلون على الجزاء المناسب من الله بلا أدنى شکّ، هذا الجزاء یمکن أن یکون فی الدنیا أو الآخرة، فالله عزّوجلّ عالم وعادل لا یحرمهم من ذلک، ولکن کیف؟ تفاصیله غیر واضحة لنا، ویمکن أن نقول: (إنّ الله لا یضیّع أجر هؤلاء المحسنین فیما إذا کانوا غیر مقصّرین لعدم إیمانهم).

ولیس عندنا أی دلیل من أنّ الآیة (فإنّ الله لا یضیع أجر المحسنین) (1) لا تشمل هؤلاء الأفراد، فإطلاق المحسنین فی القرآن لیس خاصّاً بالمؤمنین فقط، ولذلک نرى أنّ إخوة یوسف لما حضروا عنده وهم لا یعرفوه ویظنّون أنّه عزیز مصر قالوا: (إنّا نراک من المحسنین). (2)

وکذلک الآیة (فمن یعمل مثقال ذرّة خیراً یره * ومن یعمل مثقال ذرة شرّاً یره) (3) تشمل هؤلاء الأفراد.

عن علی بن یقطین عن الإمام الکاظم (علیه السلام) قال: «کان فی بنی إسرائیل رجل مؤمن وجاره کافر، وکان هذا الجار الکافر یحسن إلى جاره المؤمن، فعندما إرتحل من الدنیا بنى له الله بیتاً یمنعه من نار جهنّم. وقیل له: إنّ هذا بسبب حسن سیرتک مع جارک المؤمن» (4) .

وعن النّبی (صلى الله علیه وآله) قال: «إنّ ابن جدعان أقلّ أهل جهنّم عذاباً» قالوا: لماذا یارسول الله؟ قال «إنّه کان یطعم الطعام» وعبدالله بن جدعان أحد مشرکی مکّة المعروفین ومن زعماء قریش (5) .

وعن النّبی (صلى الله علیه وآله) قال لعدی بن حاتم الطائی «رفع عن أبیک العذاب الشدید بسخاء نفسه» (6) .

وعن الإمام الصادق (علیه السلام) قال: «أتى رسول الله وفد من الیمن وکان فیهم رجل أعظمهم کلاماً وأشدّهم فی محاجة النّبی (صلى الله علیه وآله)، فغضب النّبی (صلى الله علیه وآله) حتى التوى عرق الغضب بین عینیه، وتغیّر وجهه وأطرق إلى الأرض فأتاه جبرئیل فقال: ربّک یقرئک السلام ویقول لک: هذا رجل سخی یطعم الطعام، فسکن عن النّبی (صلى الله علیه وآله) الغضب ورفع رأسه وقال: لولا أنّ جبرئیل أخبرنی عن الله عزّوجلّ أنّک سخی تُطعم الطعام، لشدوت بک وجعلتک حدیثاً لمن خلفک، فقال له الرجل: وإنّ ربّک لیحبّ السخاء؟ فقال: نعم، قال: إنّی أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّک رسول الله والذی بعثک بالحقّ لا رددت عن مالی أحداً» (7) .

وهنا یأتی هذا السؤال والذی یمکن أن نستفیده من بعض الآیات وکثیر من الرّوایات ، وهو: هل أنّ الإیمان والولایة شرط لقبول الأعمال والدخول إلى الجنّة؟ فإذا کان کذلک فإنّ أفضل أعمال الکفّار لیس مقبولا عند الله.

ویمکن أن نجیب على هذا السؤال بأنّ مسألة «قبول الأعمال» شیء، و«الجزاء المناسب» شیء آخر، فمثلا المشهور بین علماء المسلمین أنّ الصلاة بدون حضور القلب أو مع إرتکاب بعض الذنوب کالغیبة غیر مقبولة عند الله، ونحن نعلم أنّ مثل هذه الصلوات صحیحة شرعاً، وتحتسب طاعة لأوامر الله وتفرغ بها ذمّة المصلّی والطاعة لا تکون بدون أجر، ولذلک فقبول العمل هو الدرجة العالیة للعمل، ونحن نقول هذا أیضاً: إذا کانت الخدمات الإنسانیة مصاحبة للإیمان فلها أعلى المضامین، ولکن فی غیر هذه الصورة لا تکون بدون مضمون وجزاء، وجزاء العمل لا ینحصر بدخول الجنّة. (هذه عصارة الفکرة بما یتناسب وهذا التّفسیر، وتفصیل ذلک فی الأبحاث الفقهیّة).


1. یوسف، 90; وهود، 15.
2. یوسف، 36.
3. الزّلزلة، 7 و8.
4. بحارالانوار، ج 8، ص 296، ح 48.
5. المصدر السابق، ص 316، ح 96.
6. سفینة البحار، ج 1، ص 607.
7. المصدر السابق.
3ـ مسألة الإحباط سورة إبراهیم / الآیة 19 ـ 20
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma