یوسف یخطّط للإحتفاظ بأخیه:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة یوسف / الآیة 69 ـ 76 بحوث

وأخیراً دخل الاُخوة على یوسف وأعلموه بأنّهم قد نفّذوا طلبته واصطحبوا معهم أخاهم الصغیر برغم إمتناع الأب فی البدایة، ولکنّهم أصرّوا علیه وإنتزعوا منه الموافقة لکی یثبتوا لک إنّهم قد وفوا بالعهد، أمّا یوسف فإنّه قد إستقبلهم بحفاوة وکرم بالغین ودعاهم لتناول الطعام على مائدته، فأمر أن یجلس کلّ إثنین منهم على طبق من الطعام، ففعلوا وجلس کلّ واحد منهم بجنب أخیه على الطعام، وبقی بنیامین وحیداً فتألّم من وحدته وبکى وقال: لو کان أخی یوسف حیّاً لعطف علیّ ولأجلسنی إلى جنبه على المائدة لأنّنا إخوة من أب واحد واُمّ واحدة، قال یوسف مخاطباً إیّاهم: إنّ أخاکم بقی وحیداً وإنّنی سأجلسه بجنبی على المائدة ونأکل سویّة من الطعام، ثمّ بعد ذلک أمر یوسف بأن تهیّأ لهم الغرف لیستریحوا فیها ویناموا، ومرّة اُخرى بقی بنیامین وحیداً، فاستدعاه یوسف إلى غرفته وبسط له الفراش إلى جنبه، لکنّه لاحظ فی تقاسیم وجهه الحزن والألم وسمعه یذکر أخاه المفقود (یوسف) متأوّهاً، عند ذاک نفذ صبر یوسف وکشف عن حقیقة نفسه، والقرآن الکریم یصف هذه الوقائع بقوله: (ولمّا دخلوا على یوسف آوى إلیه أخاه قال إنّی أنا أخوک فلا تبتئس بما کانوا یعملون).

قوله تعالى (لا تبتئس) مأخوذ من مادّة (البؤس) وهو أصل بمعنى الضرر والشدّة، لکن فی الآیة الشریفة استعملت بمعنى: لا تسلط الغمّ على نفسک ولا تکن حزیناً من معاملتهم لک، والمراد بقوله «یعملون» هو معاملة الاُخوة السیّئة لأخیهم بنیامین حیث خطّطوا لإبعاده وطرده من بینهم کما فعلوا بیوسف، فقال یوسف لأخیه: لا تحزن فإنّ المحاولات التی قاموا بها لإلحاق الضرر بی قد إنقلبت إلى خیر وسعادة ورفعة لی، إذاً لا تحزن وکن على یقین بأنّ محاولاتهم سوف تذهب أدراج الریاح.

وتقول بعض الرّوایات : إنّه عند ذاک إقترح یوسف على أخیه بنیامین وقال له: هل تودّ أن تبقى عندی ولا تعود معهم؟

قال بنیامین: نعم، ولکن إخوتی لا یوافقون على ذلک، لأنّهم قد أعطوا أبی العهود والمواثیق المغلّظة بأن یرجعونی إلیه سالماً.

قال یوسف: لا تهتمّ بهذا الأمر فإنّی سوف أضع خطّة محکمة بحیث یضطرّون لترکک عندی والرجوع دونک.

وبدأ یوسف بتنفیذ الخطّة، وأمر بأن یعطى لکلّ واحد منهم حصّة من الطعام والحبوب ثمّ عند ذاک (فلمّا جهزّهم بجهازهم جعل السّقایة فی رحل أخیه).

لا شکّ فی أنّ یوسف قام بهذا العمل بسریة تامّة، ولعلّه لم یطّلع على هذه الخطّة سوى موظّف واحد وعند ذاک إفتقد العاملون على تزوید الناس بالمؤونة الکیل الملکی الخاص، وبحث عنه الموظّفون والعمّال کثیراً لکن دون جدوى وحینئذ (ثمّ أذّن مؤذّن أیّتها العیر إنّکم لسارقون).

وحینما سمع إخوة یوسف هذا النداء إرتعدت فرائصهم وإستولى علیهم الخوف، حیث لم یخطر ببالهم أن یتّهموا بالسرقة بعد الحفاوة التی قوبلوا بها من جانب یوسف، فتوجّهوا إلى الموظفین والعمال وقالوا لهم: ماذا فقدتم؟ (قالوا وأقبلوا علیهم ماذا تفقدون).

قالوا: قد فقدنا صواع الملک ونظنّ إنّه عندکم (قالوا نفقد صواع الملک) وبما أنّ الصواع ثمین ومورد علاقة الملک فانّ لمن یعثر علیه جائزة، وهی حمل بعیر من الطعام (ولمن جاء به حمل بعیر)، ثمّ أضاف المؤذّن والمسؤول عن البحث عن الصواع المفقود، إنّنی شخصیّاً أضمن هذه الجائزة (وأنا به زعیم).

فاشتدّ إضطراب الاُخوة لسماعهم هذه الاُمور وزادت مخاوفهم، وتوجّهوا إلى الموظّف مخاطبین إیّاه (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد فی الأرض وما کنّا سارقین).

قولهم (لقد علمتم ما جئنا... إلى آخره) لعلّه إشارة إلى ما قصده الاُخوة فی خطابهم للموظفین من أنّکم قد وقفتم على حسن نیّتنا فی المرّة السابقة حیث جئناکم وقد وضعتم الأموال التی دفعناها إلیکم ثمناً للطعام فی رحالنا، لکنّنا رجعنا إلیکم مرّة ثانیة، فلا یعقل إنّنا وقد قطعنا المسافات البعیدة للوصول إلى بلدکم نقوم بعمل قبیح ونسرق الصواع؟

إضافةً إلى هذا فقد ورد فی بعض المصادر أنّ الاُخوة حینما دخلوا أرض مصر ألجموا جمالهم لیمنعوها من التطاول والتعدّی على المزارع وأموال الناس، فمثلنا الحریص على أموال الناس کیف یعقل أن یقوم بهذا العمل القبیح؟

إلاّ أنّ الموظفین توجّهوا إلیهم و(قالوا فما جزاؤه إن کنتم کاذبین).

أجاب الاُخوة: إنّ عقاب من وجد الصواع فی رحله هو أن یؤخذ الشخص نفسه بدل الصواع (قالوا جزاؤه من وجد فی رحِله فهو جزاؤه) وإنّ هذا العقاب هو جزاء السارق (کذلک نجزی الظالمین).

وحینئذ أمر یوسف الموظفین والعمال بأن تنزل رحالهم من على ظهور الجمال ویفتح متاعهم وأن یبحثوا فیها واحداً بعد واحد ودون استثناء، وتجنّباً عن إنکشاف الخطّة أمر یوسف بأن یبدأوا البحث والتفتیش فی أمتعة الاُخوة أوّلا قبل أمتعة أخیه بنیامین، لکنّهم وجدوه أخیراً فی أمتعة بنیامین (فبدأ بأوعیتهم قبل وعاء أخیه ثمّ استخرجها من وعاء أخیه).

بعد أن عثر على الصاع فی متاع بنیامین، إستولى الإرتباک والدهشة على الاُخوة، وصعقتهم هذه الواقعة ورأوا أنفسهم فی حیرة غریبة، فمن جهة قام أخوهم بعمل قبیح وسرق صواع الملک، وهذا یعود علیهم بالخزی والعار، ومن جهة اُخرى انّ هذا العمل سوف یفقدهم اعتبارهم ونفوذهم عند الملک خصوصاً مع حاجتهم الشدیدة إلى الطعام، وإضافةً إلى کلّ هذا، کیف یجیبون على استفسارات أبیهم؟ وکیف یقنعونه بذنب ابنه وعدم تقصیرهم فی ذلک؟

قال بعض المفسّرین: إنّه بعد أن عثر على الصاع توجّه الاُخوة إلى بنیامین وعاتبوه عتاباً شدیداً، فقالوا له: ألا تخجل من فعلک القبیح قد فضحتنا وفضحت أباک یعقوب، وآل یعقوب... قل لنا کیف سرقت الصاع ووضعته فی رحلک؟

أجابهم بنیامین ببرود، حیث کان عالماً بالقضیّة وأسرارها: إنّ الذی قام بهذا العمل ووضع الصواع فی رحلی، هو نفسه الذی وضع الأموال فی متاعکم فی المرّة السابقة، لکن الاُخوة لم ینتبهوا ـ لهول الواقعة علیهم ـ لمغزى کلام بنیامین (1) .

ثمّ یستمرّ القرآن الکریم ویبیّن کیف استطاع یوسف أن یأخذ أخاه بالخطّة التی رسمها الله له دون أن یثیر فی اُخوته أی نوع من المقاومة والرفض (کذلک کدنا لیوسف).

والأمر المهمّ فی هذه القضیّة هو أنّه لو أراد یوسف أن یعاقب أخاه بنیامین، - وطبقاً للقانون المصری ـ لکان علیه أن یضرب أخاه ویودعه السجن لکن مثل هذه المعاملة کانت تخالف رغبات وأهداف یوسف للإحتفاظ بأخیه، ومن هنا وقبل القبض على بنیامین، سأل إخوته عن عقوبة السارق عندهم، فاعترفوا عنده بأنّ السنة المتّبعة عندهم فی معاقبة السارق أن یعمل السارق عند المعتدى علیه کالعبد.

لا ریب إنّ للعقوبة والجزاء طرقاً عدیدة منها أن یعاقب المعتدی على طبق ما یعاقب به فی قومه، وهکذا عامل یوسف أخاه بنیامین، وتوضیحاً لهذه الحالة وأنّ یوسف لم یکن بإمکانه أخذ أخیه طبقاً للدستور المصری یقول القرآن الکریم: (ما کان لیأخذ أخاه فی دین الملک) لکن الله سبحانه وتعالى یستثنی بقوله: (إلاّ أن یشاء الله) وهو إشارة إلى أنّ ما فعله یوسف بأخیه لم یکن إلاّ بأمر منه سبحانه وتعالى وطبقاً لإرادته فی الإحتفاظ ببنیامین، واستمراراً لإمتحان یعقوب وأولاده.

وأخیراً یضیف القرآن الکریم ویقول: إنّ الله سبحانه یرفع درجات من استطاع أن یفوز فی الامتحان ویخرج مرفوع الرأس کما حدث لیوسف (نرفع درجات من نشاء) ولکن فی کلّ الأحوال فانّ الله تعالى علیم یهدی الإنسان إلى سواء السبیل وهو الذی أوقع هذه الخطّة فی قلب یوسف وألهمه إیّاها (وفوق کلّ ذی علم علیم).


1. تفسیر مجمع البیان، ج 5، ص 253.
سورة یوسف / الآیة 69 ـ 76 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma