رأینا أنّ أکبر درس علّمه یوسف للسجناء هو درس التوحید وعبادة الله الواحد الأحد، ذلک الدرس الذی حصیلته الحریّة والتحرّر.
لقد کان یعرف أنّ الأرباب «المتفرّقین» والمعبودین المختلفین والأهداف المتفرّقة، کلّها أساس التفرقة فی المجتمعات، وطالما هناک تفرقة فالجبابرة مسلّطون على رقاب الناس، لذلک أعطى یوسف «دستوراً» وأمراً بقطع جذورهم بسیف التوحید الباتر، لئلاّ یضطرّوا إلى رؤیة الحریّة فی الأحلام والمنام، بل ینبغی أن یشاهدوا الحریّة فی الیقظة.
تُرى، ألیس الجبابرة المسلّطون على رقاب الناس هم ثلّة من الأفراد یستطیع الناس مکافحتهم، إلاّ أنّهم بإیجاد التفرقة والنفاق، وعن طریق «الأرباب المتفرقین» استطاعوا أن یتحکّموا على رقاب الناس ویهدّدوا قوى المجتمع؟!
ومن الطبیعی أن یکون الیوم الذی تجتمع فیه الاُمم على کلمة التوحید وتوحید الکلمة تحت رایة (الله الواحد القهّار) (1) ویجمعوا قواهم، هو یوم زوال اُولئک الجبابرة الظالمین، وهذا درس مُهم جدّاً لیومنا وغدنا ولجمیع الناس فی کلّ المجتمعات البشریة وعلى إمتداد التاریخ.
ومن الضروری أن نلتفت إلى هذه المسألة الدقیقة، وهی أنّ یوسف یقول: (إن الحکم إلاّ لله) (2) ثمّ یؤکّد أنّ العبادة والخضوع لا تکونان إلاّ له (أمر ألاّ تعبدوا إلاّ إیّاه) (3) ویؤکّد بعد ذلک بالقول: (ذلک الدّین القیّم) (4) ویعقّب أخیراً (ولکن أکثر الناس لا یعلمون). (5)
فعلى هذا لو تعلّم الناس المعارف الصحیحة وعرفوا الحقیقة، ونهضت فیهم حقیقة التوحید، فإنّ المشاکل ستنحلّ لا محالة.
1. الزمر، 4; وص، 65.
2. الانعام، 57.
3. التوبة، 36.
4. التوبة، 36.
5. الاعراف، 187.
