الحلّ النهائی للإشکال:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
الأجوبة غیر المُقنِعَة: 4ـ مفهوم الخلود فی هذه الآیات

ومن أجل حلّ هذا الإشکال ینبغی أن نعود إلى البحوث السالفة ونعالج الإشتباهات الناشئة من قیاس مجازاة یوم القیامة بالمجازاة الاُخرى، لیعلم أنّ مسألة الخلود لا تنافی عدالة الله أبداً.

ولتوضیح هذا البحث ینبغی الإلتفات إلى ثلاثة اُصول:

إنّ العذاب الدائم ـ وکما أشرنا إلیه من قبل ـ هو لاُولئک الذین أوصدوا أبواب النجاة بوجوههم، وأضحوا غرقى الفساد والانحراف عامدین، وغشى الظلّ المشؤوم للإثم قلوبهم وأرواحهم فاصطبغوا بلون الکفر، وکما نقرأ عنهم فی سورة البقرة الآیة 81 (بلى من کسب سیّئة وأحاطت به خطیئته فاُولئک أصحاب النّار هم فیها خالدون).

یُخطىء من یتصور أنّ مدّة العقاب وزمانه ینبغی أن تکون على قدر مدّة الإثم وزمانه، لأنّ العلاقة بین الإثم والعقاب لیست علاقة زمانیة بل کیفیة، أی إنّ زمان العقاب یتناسب مع کیفیة الإثم لا مع زمانه.

فمثلا قد یقدم شخص فی لحظة على قتل نفس محترمة، وطبقاً لما فی بعض القوانین یحکم علیه بالحبس الدائم، فهنا نلاحظ أنّ زمن الإثم لحظة واحدة، فی حین أنّ العقاب قد یبلغ ثمانین سنة.

إذن المهم فی الإثم هو «کیفیته» لا «کمیة زمانه».

قلنا أنّ العقاب والمحاسبات فی یوم القیامة هی أثر طبیعی للعمل وخصوصیة الذنب، وبعبارة أوضح: إن ما یجده المذنبون من ألم وأذى یوم القیامة هو نتیجة أعمالهم التی أحاطت بهم فی الدنیا.

نقرأ فی القرآن کما فی سورة یس الآیة 54: (فالیوم لا تظلم نفس شیئاً ولا تجزون إلاّ ماکنتم تعملون) ونقرأ فی الآیة 33 من سورة الجاثیة: (وبدا لهم سیّئات ما عملوا وحاق بهم ما کانوا به یستهزئون) وفی سورة القصص الآیة 84: (فلا یُجزى الذین عملوا السیّئات إلاّ ما کانوا یعملون).

والآن وبعد أن اتّضحت هذه الاُصول، فإنّ الحل النهائی لهذا الإشکال لم یُعد بعیداً، ویکفی للوصول إلیه أن نجیب على الأسئلة التالیة.

ولنفرض أنّ شخصاً یُبتلى بالقرحة المعدیة نظراً لإدمانه على المشروبات الکحولیة لمدّة سبعة أیّام تباعاً، فیکون مجبوراً على تحمل الألم والأذى إلى آخر عمره، تُرى هل هذه المعادلة بین هذا العمل السیء ونتیجته مخالفة للعدالة؟! ولو کان عمر هذا الإنسان (مکان الثمانین سنة) ألف سنة أو ملیون سنة، ولأجل نزوته النفسیة وولعه بشرب الخمر لمدّة اسبوع فإنّه یتألم طول عمره، تُرى هل هذا التألم لملیون سنة ـ مثلا ـ مخالف لأصل العدالة... فی حین أنّه اُبلغ حال شرب الخمر بوجود هذا الخطر وأعلم بنتیجته؟

ولنفرض أیضاً أنّ سائق سیارة لا یلتزم بأوامر المرور ومقرراته، والالتزام بها ینفع الجمیع قطعاً ویقلل من الحوادث المؤسفة، لکنه یتجاهلها ولا یصغی لتحذیر أصدقائهوفی لحظة قصیرة تقع له حادثة ـ وکل الحوادث تقع فی لحظة ـ ویفقد بذلک عینه أو یده أو رجله فی هذه اللحظة، ونتیجة لما وقع یعانی الألم سنین طویلة لفقده البصر أو الید أو الرجل، فهل تتنافی هذه الظاهرة فیه مع أصل عدالة الله؟!

ونأتی هنا بمثال آخر ـ والأمثلة تقرب الحقائق العقلیّة إلى الذهن وتُهیّىءُ لنیل النتیجة النهائیة ـ فلنفرض أننا نثرنا على الأرض عدة غرامات من بذور الشوک، وبعد عدّة أشهر أو عدة سنوات نواجه صحراء ملیئة بالشوک الذی یدمی أقدامنا وعلى العکس ننثر بذور الزهور ـ مع اطلاعنا ـ ولا تمرّ فترة حتى نواجه حدیقة ملیئة بالأزهار العطرة، فهی تعطرنا وتنعش قلوبنا، فهل فی هذه الاُمور التی هی آثار لأعمالنا منافاة لأصل العدالة فی حین أنّه لا مساواة بین کمیة هذا العمل ونتیجته؟

ومن مجموع ما بیناه نستنتج ما یلی:

حین یکون الجزاء والثواب نتیجة وأثراً لعمل المرء نفسه، فإنّ مسألة المساواة من حیث الکمیة والکیفیة لا تؤخذ بنظر الاعتبار، فما أکثر ما یکون العمل صغیراً فی الظاهر، ولکنه یحوّل حیاة الانسان الى جحیم وعذاب وألم طیلة العمر، وکذلک ما أکثر ما یکون العمل صغیراً فی الظاهر، ولکنّه یکون سبباً للخیرات والبرکات طیلة عمر الإنسان!

ینبغی أن لا یُتوهم أنّ المقصود من صغر العمل (من حیث مقدار الزمان) لأنّ الأعمال والذنوب الداعیة إلى خلود الإنسان فی العذاب لیست صغیرة من حیث الأهمّیة والکیفیّة.

فعلى هذا حین یحیط الذنب والکفر والطغیان والعناد بوجود الإنسان ویحرق جمیع أجنحته وریشه وروحه فی نار ظلمه ونفاقه، فأی مکان للعجب أن یُحرم فی الدار الآخرة من التحلیق فی سماء الجنّة وأن یکون مُبتلى هناک بالعذاب والبلاء.

تُرى أما حذّروه وأبلغوه وأنذروه من هذا الخطر الکبیر؟!

أجل فأنبیاء الله من جهة، وما یأمره العقل من جهة اُخرى... جمیعاً حذروه بما یلزم، فهل أن ما أقدم علیه کان من دون اختیاره فلقی هذا المصیر، أم کان عن علم وعمد واختیار؟ الحقیقة هو أنّه کان عالماً عامداً.

وکانت نفسه ونتیجة أعماله المباشرة قد ساقته إلى هذا المصیر! بل إنّ کل ما حدث له فهو من آثار أعماله!

فلهذا لم یبق مجال للشکوى، والإشکال، ولا منافاة للخلود مع قانون عدالة الله سبحانه. (1)


1. معاد والعالم بعد الموت، ص 385 ـ 393.
الأجوبة غیر المُقنِعَة: 4ـ مفهوم الخلود فی هذه الآیات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma